إقالة الجراري تعيد الجدل حول فساد السفارات الليبية

طرابلس - أقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية وزير الخارجية والتعاون الدولي عبدالحميد الدبيبة الثلاثاء سفيرة ليبيا لدى بلجيكا أمل الجراري من منصبها بالتزامن مع قرار قضائي بإيقافها على ذمة التحقيق، وهو ما يعيد الجدل حول ظاهرة الفساد في السفارات والبعثات الدبلوماسية إلى الواجهة من جديد. ونص قرار رئيس الحكومة بصفته وزيرا للخارجية على "إنهاء إعارة الجراري في وزارة الخارجية، وإحالة إجراءات إعفائها إلى المجلس الرئاسي"، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الليبية "وال".
كما أصدر الدبيبة قرارا بإعفاء الملحق المالي بسفارتي ليبيا في ألمانيا وبلجيكا أبوبكر الصالحين من عمله في الخارج وإعادته إلى سابق عمله داخل ليبيا. يذكر أن قرار إعفاء الجراري من منصبها جاء بعد انتشار تسريب تسجيل صوتي منسوب لها يتصل بملفات فساد مالي في السفارة.
وأكدت سكرتيرة سفيرة ليبيا لدى بلجيكا نديمة القريتلي في تصريحات لقناة "الوسط" المحلية صحة التسريب المنسوب إلى السفيرة، لافتة إلى أنها أبلغت جهات رقابية في ليبيا خلال شهر يوليو الماضي بشأن واقعة طلب السفيرة تحويل مبلغ 200 ألف دولار إلى حسابها الخاص من مخصّصات علاج المرضى. وأضافت القريتلي، خلال مداخلة مع برنامج "فلوسنا" على نفس القناة، أن "التسريب المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي غير مفبرك، حيث وصلها من هاتف السفيرة وقامت بتوثيقه لدى مكتب محام، وأنها تتحمل المسؤولية القانونية إزاءه".
◙ الجراري تواجه تهم إساءة للعمل الإداري والمالي وتحقيق منافع مادية غير مشروعة والاستيلاء دون وجه حق على مال عام
وفي التسجيل الصوتي طلبت السفيرة من (نديمة) بناء على طلب من المراقب المالي في السفارة إعداد فاتورة وهمية باسم مريضة وهمية مصابة بالسرطان وعلاجها مكلف، ترسل من السفارة الليبية ببلجيكا إلى وزارة الصحة للتوقيع عليها، حتى تصرف من حساب الوديعة الخاصة بالصحة في السفارة الليبية في بلجيكا، وذلك لتتمكن من الحصول الأموال بطريقة تجنبها الملاحقة القانونية.
من جانبها، أمرت النيابة العامة الثلاثاء بحبس السفيرة احتياطيا على ذمة التحقيق في قضايا فساد مالي وإداري. وأوضح مكتب النائب العام في بيان أن الجراري تواجه تهم إساءة للعمل الإداري والمالي وتحقيق منافع مادية غير مشروعة؛ والاستيلاء دون وجه حق على مال عام، والتسبُّب في إلحاق ضرر بالمصلحة العامة. وقال المكتب، إنه بعد انتهاء المحقق من إجراء استجواب المسؤولة واتهامها؛ أمر بحبسها احتياطياً على ذمة التحقيق؛ واستكمل التحقيق بشأن باقي ظروف وملابسات الواقعة.
وينظر الكثير من الليبيين إلى السفارات والبعثات الدبلوماسية على أنها وكر للفساد ونهب المال العام حيث سبق أن وجهت اتهامات لعدد من الدبلوماسيين من بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية في أوكرانيا، وسفير ليبيا لدى إيطاليا الموقوف، والمراقب المالي في سفارة ليبيا لدى جنوب أفريقيا.
وكانت النيابة العامة قد أمرت قبل أشهر بحبس المراقب المالي السابق في بعثة ليبيا لدى تونس احتياطيًا، حيث "ظهرت مؤشرات على انحرافه عن مقتضيات الوظيفة العامة، ومخالفته قواعد وضوابط إدارة المال العام، بتعمده تحويل 20 مليون دينار ليبي إلى مؤسسات علاجية من دون تلقيه مستندات وفواتير استشفاء تثبت تلقي الخدمة العلاجية وعدالة التصرف".
كذلك لاحقت تهم مماثلة رئيسا سابقا للبعثة الدبلوماسية في أوغندا والمراقب المالي بالسفارة والمسؤول السابق عن القنصلية الليبية العامة في تركيا والمراقب المالي بها، والمراقب المالي للبعثة في المغرب. وكشف التقرير الأخير لديوان المحاسبة، الصادر في 2022، عن تغوّل الفساد في بعض سفارات ليبيا، متحدثًا عن وجود جملة من المخالفات المالية، تتعلق بزيادة في مصروفات البعثات الدبلوماسية دون مبرّر.