إفطار توابل التقارب يجمع سفيري السعودية وإيران في بغداد

بغداد - التقى السفير الإيراني لدى العراق محمد آل صادق، مساء الأربعاء، نظيره السعودي عبدالعزيز الشمري، بسفارة طهران في بغداد وذلك بعد لقاءات جمعت مسؤولين من البلدين في أكثر من بلد على موائد الإفطار الرمضانية في مؤشر على أن تطبيع العلاقات الذي لعبت فيه الصين دورا محويا يتجه نحو التحقق.
ويأتي اللقاء وهو الأول من نوعه بين سفيري البلدين بشكل علني، بعد أكثر من أسبوعين من إعلان الخصمان اللدودان السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وتبادل السفراء في غضون شهرين.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا"، بأن السفارة الإيرانية لدى بغداد، أقامت مأدبة إفطار، بحضور كل من سفراء السعودية والأردن والكويت ولبنان وأفغانستان وموريتانيا وسوريا.
وقالت "تحدث للمرة الأولى سفراء كل من إيران محمد كاظم الصادق، وسوريا سطام جدعان الدنده، وسفير المملكة العربية السعودية عبدالعزيز الشمري في أجواء ودية"، واصفة ذلك بأنه "حدث غير مسبوق".
ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية (شبه رسمية) صورة تظهر السفير السعودي وهو يجلس إلى جانب نظيره الإيراني في مبنى سفارة طهران ببغداد، وقالت إن اللقاء كان على مأدبة إفطار.
من جانبه، نقل حساب "إيران بالعربية" على تويتر، صورا تظهر السفيرين الإيراني والسعودي وإلى جانبهما عدد من نظرائهما.
واستضاف العراق منذ أبريل من عام 2021، خمس جولات من المحادثات بين السعودية وإيران، وجرت اللقاءات السابقة بشكل فردي وبمستوى تمثيل دبلوماسي وسياسي منخفض وبمشاركة مسؤولي الأمن والاستخبارات من البلدين.
وخلال الأيام الماضية، نقلت منصات إعلامية إيرانية تبادل سفراء السعودية وإيران في عدد من الدول دعوات الإفطار في رمضان.
ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء (مستقلة)، أن سفير طهران في النرويج علي رضا أفشار، أعلن عبر تويتر حضوره مأدبة إفطار أقامتها سفيرة المملكة العربية السعودية آمال بنت يحيى المعلمي.
كما ذكرت أن السفير السعودي وليد بن عبدالرحمن الرشيدان حضر الأسبوع الماضي، احتفالا أقامته السفارة الإيرانية في العاصمة الطاجيكية دوشنبه، بمناسبة أعياد النوروز.
ونشر السفير الإيراني في طاجيكستان محمد تقي صابري على حسابه بتويتر، مجموعة صور رفقة نظيره السعودي داخل السفارة الإيرانية.
ومن المنتظر أن يجتمع وزيرا خارجية السعودية وإيران خلال شهر رمضان الجاري، إثر اتفاق الرياض وطهران عقب محادثات في بكين على استئناف العلاقات بينهما بعد سنوات من الخصومة التي هددت الاستقرار في الخليج وساهمت في تأجيج صراعات في الشرق الأوسط.
وكانت السعودية وإيران أعلنتا في العاشر من مارس الجاري استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.
وجاء الاتفاق السعودي - الإيراني إثر استضافة بكين بين 6 و10 مارس الجاري مباحثات سعودية - إيرانية، "استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جينبينغ، وبالاتفاق مع قيادتي المملكة والجمهورية الإيرانية ورغبة كل منهما في حل الخلافات"، وفق البيان.
وحدّد الاتفاق مهلة شهرين لتنفيذ بنود الاتفاق رسميا، بعد سبع سنوات من القطيعة. كما تضمّن تعهدا من كل جانب باحترام سيادة الطرف الآخر وعدم التدخل في "الشؤون الداخلية".
ويرى مراقبون أن الاجتماع المرتقب سيتضمن مناقشة جميع القضايا الخلافية بين البلدين وخصوصا المتعلقة باليمن وتسليح الحوثيين، وغيرها من الملفات قبل الاتفاق على إعادة العلاقات الدبلوماسية.
وانقطعت العلاقات عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل الدين الشيعيّ المعارض نمر النمر.
كما اتهمت المملكة إيران بالمسؤولية عن هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة على منشآت نفطية في 2019، فضلا عن هجمات على ناقلات نفط في مياه الخليج. وتنفي إيران تلك الاتهامات. ويُذكر أنّ الولايات المتحدة تفرض عقوبات على إيران على خلفية برنامجها النووي.
وتعدّ إيران والسعوديّة أبرز قوّتَين إقليميّتَين في الخليج، وهما على طرفَي نقيض في معظم الملفّات الإقليميّة، وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريًا داعمًا للحكومة المعترف بها دوليًّا، وتَتّهم طهران بدعم الحوثيّين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.
وأثار التقارب بين السعودية وإيران مفاجأة وأملا في مصالحة بين الأطراف المتنازعة في دول مثل اليمن وسوريا. لكن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أكد في 13 مارس أن هذا الاتفاق "لا يعني التوصل إلى حل جميع الخلافات" العالقة بين البلدين.
وعلى الصعيد الجيوسياسي يمثل الاتفاق التزاما متزايدا للصين في الشرق الأوسط فيما كان ينظر إليها على أنها مترددة في التدخل في ملفات المنطقة الشائكة.
كما شكّل نجاح الصين المفاجئ في التقريب بين السعودية وإيران تحدّيا للدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط بعدما اعتُبرت الولايات المتحدة لفترة طويلة وسيطا ولاعبا أساسيا في المنطقة.
وبعد اتفاق بكين، أعلنت الرياض ودمشق أنهما بدأتا مباحثات بشأن استئناف تقديم الخدمات القنصلية في البلدين، وجاء ذلك بعد نحو أسبوعين من قرار السعودية وإيران استئناف العلاقات فيما بينهما.
أكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس خطار أبودياب أن عودة سوريا إلى المسار العربي قد بدأت منذ الزيارات العربية إلى دمشق عقب الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا في يناير شباط الماضي.
إلا أنه أشار إلى صعوبة ملء مقعد سوريا في القمة العربية المقبلة، التي من المفترض أن تُعقد في الرياض في مايو المقبل، وعزا ذلك لضيق الوقت المتبقي لإجراء التحضيرات المناسبة لعودة سوريا في القمة المقبلة.