إفراجات بطيئة عن سجناء الرأي لا ترضي طموح المعارضة المصرية

السلطات المصرية تخلي سبيل 25 محبوسا احتياطيا على ذمة قضايا رأي.
الخميس 2022/08/18
دفعة جديدة من المفرج عنهم لا تلبي الانتظارات

القاهرة - أخلت النيابة العامة المصرية الأربعاء سبيل 25 محبوسا احتياطيا على ذمة قضايا رأي، وضمت القائمة أسماء تقدمت بها قيادات حزبية إلى لجنة العفو الرئاسي، بعد أن وجهت انتقادات للحكومة لبطء الإفراجات، وسط تهديدات بعدم استكمال الحوار الوطني الذي من المقرر استئناف جلساته منتصف سبتمبر المقبل.

وعبّرت الإفراجات الجديدة عن أن الحكومة تمضي في طريقها لدراسة الحالات المقدمة إليها من لجنة العفو الرئاسي بشكل فردي، وإصدار قرارات بشأنها كلما تحققت فيها الاشتراطات الأمنية التي تراها مناسبة، ما يعني أنها ستظل على وتيرة بطيئة ربما لا تُرضي المعارضة التي طالبت بالتعجيل في إغلاق هذا الملف.

لم تضم القائمة الجديدة أسماء ناشطين معروفين، لكنها حوت شخصيات منتمية إلى أحزاب معارضة، ما يبرهن على أن الهدف الأساسي يتمثل في إرضاء بعض القيادات الحزبية والدفع نحو الاستمرار في بناء جدار الثقة.

وتبدو القائمة الجديدة ذات ارتباط مباشر بملف الحوار الوطني الذي يواجه صعوبات على مستوى تشكيل لجانه الفرعية أو على مستوى إقناع قيادات حزبية لقواعدها السياسية بجدواه، بعد تصاعد صوت المعارضة داخلها.

طلعت خليل: أعداد المفرج عنهم لا تتماشى مع أعداد سجناء الرأي

وقال الأمين العام لحزب المحافظين (معارض) طلعت خليل إن الأحزاب ترحب بأي إفراجات لسجناء على ذمة قضايا رأي، لكن الأعداد التي تمررها الجهات القضائية والأمنية على فترات متباعدة لا تتماشى مع أعداد المحبوسين وتسير بوتيرة بطيئة.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب” أن ستة من بين المحبوسين احتياطيا ضمن الأسماء المفرج عنها الأربعاء كان الحزب قد تقدم للإفراج عنهم، وهناك آخرون ضمن قوائم قدمتها قوى معارضة الفترة الماضية، ونتوقع أن تشهد الأيام المقبلة إطلاق سراح المزيد من الشباب الذين يواجهون اتهامات مختلفة ذات علاقة بقضايا الرأي.

ويواجه ملف الإفراج عن المحبوسين عدة تعقيدات، لأن قوى المعارضة تبني مواقفها السياسية على أساس الاستجابة لمطالب تقدمت بها في السابق وتلقت وعودا غير مباشرة بتنفيذها، وتسعى للتأكيد على أن مواقفها التي اتخذتها بالانفتاح على السلطة كانت سلمية وحققت جزءا من أهدافها، وهي دليل على أن الأحزاب والشخصيات التي اتخذت مواقف سلبية من المشاركة في الحوار الوطني لم تكن تقديراتها سليمة.

وترفض دوائر حكومية إلقاء البيض في سلة واحدة عبر تقديم تنازلات مجانية لمعارضة هشة، ويتم التشدد في إجراءات إطلاق سراح سجناء الرأي، بما يمكّن الحكومة من القبض على أداة مهمة ربما تستخدمها في وقت لاحق.

وترفض الدوائر الحكومية الانصياع لضغوط تمارسها منظمات حقوقية محلية ودولية للإفراج عن جميع سجناء الرأي، وتتعامل مع الأمر باعتباره يمثل ضغطا سياسيا أو ابتزازا خارجيا، ويعتقد من يقفون خلفه أن رفض الاستجابة يوحي بوجود حسابات خفية تفرض المزيد من البطء في عملية الإفراجات.

وتقدمت ثماني منظمات حقوقية قبل أيام بقائمة جديدة ضمت 536 حالة في السجون المصرية، بعد أن سلمت لجنة العفو الرئاسي قائمة أولى ضمت 2418 حالة، أُخلي سبيل 49 فقط منهم، بقرارات من محاكم الجنايات أو النيابات المختلفة.

وحسب رؤية تلك المنظمات، استجابت الحكومة لما يقرب من 2 في المئة مما تقدمت به، وأن هناك سجينين تمت إعادة تدويرهما في قضايا جديدة.

وطالبت المنظمات الحقوقية بمعايير وضوابط واضحة ومعلنة لقرارات إخلاء السبيل أو العفو عن المحتجزين، سواء المحكوم عليهم أو رهن الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سياسية، على أمل أن يستهدف القرار الإفراج عن جميع المحتجزين بتهم سياسية أو بسبب آرائهم، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أنه لم يتم الالتفات إلى المعايير والضوابط المطلوبة، ما أدى إلى تضارب عمل اللجنة والالتفاف على اختصاصها.

وتشير تقديرات لجنة العفو الرئاسي إلى أن عدد المفرج عنهم منذ إعادة تفعيل عملها في أبريل الماضي، وصل إلى 700 شخص جميعهم ضمن القوائم التي أعدتها اللجنة، لكنها تؤكد أن أعداد المحبوسين على ذمة قضايا رأي تصل إلى نحو 35 ألف شخص، وهو رقم يراه قريبون من الحكومة مبالغا فيه.

الإفراجات الجديدة تؤكد على أن الحكومة المصرية تدرس الحالات المقدمة إليها من لجنة العفو الرئاسي بشكل فردي

وقال عضو لجنة العفو الرئاسي كمال أبوعيطة لـ”العرب” إن الأيام المقبلة ستشهد الإفراج عن عدد جديد من المحبوسين على ذمة قضايا رأي، وأن اللجنة لديها إصرار على غلق الملف نهائيا وإن استغرق ذلك فترة طويلة، حيث تعمل اللجنة على مدار الساعة لفحص الأسماء التي تصدر لها عبر المئات من المتطوعين، وتقوم بإرسالها إلى جهات مختلفة لاتخاذ قرارات بشأنها.

وأوضح في تصريحات لـ”العرب” أن اللجنة تتواصل مع النيابة العامة المسؤولة عن إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا، ومع الجهات الأمنية ورئاسة الجمهورية بشأن قوائم العفو، وتشمل القوائم المقدمة العديد من السياسيين بانتظار الإفراج عنهم قريبا، والفيصل هنا ما إذا كان المفرج عنه تورط في العنف من عدمه.

ومن أبرز السجناء الذين خرجوا بقرارات قضائية وعفو رئاسي منذ دعوة السيسي إلى الحوار، المعارضون يحيى حسين عبدالهادي ومحمد محيي الدين ومجدي قرقر، والناشط حسام مؤنس والحقوقي عمرو إمام والصحافيان عبدالناصر سلامة وهشام فؤاد، والسفير السابق يحيى نجم، والفنان طارق النهري.

ودعا مجلس أمناء أول حوار وطني في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نهاية يوليو الماضي إلى المزيد من قرارات العفو الرئاسي عن سجناء.

وأكد عضو مجلس أمناء الحوار الوطني عمرو هاشم ربيع أن قوائم الإفراج الأخيرة “قطرة من فيض”، ولا يمكن البناء على ذلك لضمان نجاح الحوار، ويعد ذلك مؤشرا سلبيا حيال قدرة الحكومة على تقديم تنازلات في مجالات أخرى.

وأوضح لـ”العرب” أن إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا ملف مجاني بالنسبة للحكومة، في حين أن ثمة ملفات أخرى تتطلب تنازلات حقيقية قد تكون مكلفة ماديا وسياسيا، وأن مواقف أحزاب المعارضة ستكون حاسمة بشأن الاستمرار في الحوار والدفع نحو نجاحه أو فشله في حال انسحابها.

2