إغراءات مصرية لجذب الاستثمار إلى سوق التأمين الصحي

خطة حكومية طموحة لإصلاح المنظومة المترهلة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
الخميس 2022/10/27
لطفا، اشرحي لنا حالة المريض؟

كثفت السلطات المصرية من جهودها لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في قطاع التأمين الصحي الشامل لتلبية احتياجات الرعاية لشريحة أوسع من المواطنين والذي يتطلب أموالا ضخمة لتجهيز المستشفيات ليتسنى إصلاح المنظومة الصحية المترهلة منذ عقود.

القاهرة- تعول القاهرة على الشراكة بين الحكومة ومستثمرين محليين وأجانب لاستكمال منظومة التأمين الصحي الجديدة في مختلف أنحاء البلاد، إذ تتطلب الزيادة المتوقعة في الإنفاق تشجيع القطاع الخاص على القيام بضخ تمويلات إضافية في مجال الرعاية الصحية.

وأعلن وزير الصحة خالد عبدالغفار مؤخرا أن الحكومة ستتوسع في خدمات التأمين لتشمل خدمات الرعاية المركزة والتصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية، ما يصعب تحقيقه دون مساعدة ومشاركة القطاع الخاص.

ويعمل نظام التأمين الصحي الشامل على خفض معدلات الفقر والمرض عن طريق نقل العبء المالي المترتب على حدوث المرض من الدخل الفردي للمواطن إلى نظام مالي قوي لديه القدرة المالية لتحمل هذا العبء.

حسام عمران: السماح باختيار الأفراد لمقدم الرعاية يعزز نجاح الخطة
حسام عمران: السماح باختيار الأفراد لمقدم الرعاية يعزز نجاح الخطة

كما أنه يسهم في العمل على توفير الحماية الطبية الكاملة للأسرة مقابل تسديد الاشتراكات للأسرة القادرة.

ووفقا لهيئة التأمين الصحي، فإن الأسرة غير القادرة تتحمل الخزانة العامة للدولة العبء المالي للتغطية الصحية نيابة عنها، ما يساعد على تجنب المواطن إنفاق جزء كبير من دخله على الصحة له وأسرته، ما يؤدي الى تحسن القدرة المعيشية.

وحتى الآن تم تسجيل أكثر من خمسة ملايين مصري في نظام التأمين الصحي الشامل، من تعداد سكان يبلغ نحو 105 ملايين نسمة.

ويجري تطبيق النظام تدريجيا، وهو متاح حاليا في محافظات بورسعيد والأقصر والإسماعيلية وجنوب سيناء والسويس، وسيتم تضمين جميع المرافق الصحية بحلول عام 2032.

وقال حسام عمران المدير التنفيذي لشركة رويال انترناسيونال فارما إن “المستثمرين يراقبون التطورات بخطة الحكومة الجديدة ويبحثون عن فرص للاستثمار”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن التأمين الصحي الشامل يمتلك إمكانات هائلة لتشجيع استثمارات القطاع الخاص، كما أن الحكومة لديها خطة قوية تمنح الأمل في جدية التنفيذ.

وتتمثل آلية مشاركة هذا النظام للقطاع الخاص في أنه يسمح للمرضى باختيار مزودي الخدمة، ويجري التعاقد مع مقدمي خدمات من القطاعين العام والخاص باستخدام جدول رسوم محدد وعقود قائمة على المخرجات.

ويعتقد عمران أن تسعير خدمات التأمين الصحي الشامل من العوامل الجاذبة للقطاع الخاص، وهي تعد كلمة السر في زيادة المستثمرين.

وقال إن “طريقة التسعير تغطي التكاليف الطبية الأساسية وتسمح للمرضى بدفع رسوم إضافية إذا كانوا يرغبون في اختيار مقدمي خدمات طبية محددين”.

ومن شأن آلية اختيار مقدمي الخدمة الطبية تجنب أي نقص محتمل في الجودة يمكن أن ينتج عن التسعير الموحد، ما يؤدي إلى توحيد الخدمات، كما أن ثمة لجنة حاليا لإستراتيجية التسعير تضم ممثلين عن القطاع الخاص.

محمد أنور: صعوبة التراخيص أبرز المعوقات أمام المنظومة الجديدة
محمد أنور: صعوبة التراخيص أبرز المعوقات أمام المنظومة الجديدة

وتحصل الرعاية الصحية على المزيد من الاستثمارات العامة أيضا، إذ تعد ميزانية الاستثمار في المجال رابع أكبر ميزانية في إجمالي الميزانية السنوية، بعد مخصصات الخدمات العامة والحماية الاجتماعية والتعليم.

وسجل نصيب خدمات الرعاية الصحية في المتوسط 5.2 في المئة من إجمالي الإنفاق العام في الفترة من 2016 وحتى 2021، ما يعادل 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

كما سجلت الاستثمارات العامة نحو 1.7 مليار دولار في العام المالي الجاري، الذي بدأ في يوليو الماضي، بمعدل نمو 30 في المئة مقارنة بنحو 1.3 مليار دولار جرى تخصيصها في العام المالي الماضي.

وأوضح محمد أنور عضو شعبة الأدوية بالغرفة التجارية للقاهرة أن المستثمرين يترقبون تفاصيل ومحفزات أوسع بشأن إجراء الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث تشهد الفترة الحالية تفعيل التأمين الصحي الشامل في عدد قليل من الأقاليم.

وأعلنت هيئة التأمين الصحي الشامل في تصريحات متكررة أن ثمة خطوات حكومية سيتم اتخاذها الفترة المقبلة من شأنها التأكيد على استعداد السلطات لإجراء بعض التغييرات بالمنظومة الجديدة، ما من شأنه تعزيز الاستثمار في ذلك القطاع.

وأشار أنور لـ”العرب” إلى أن من ضمن معوقات دخول المستثمرين للعمل بمنظومة التأمين الصحي الشامل صعوبة التراخيص إلى حد ما، وسبب تلك الأزمة هو عدم وجود هيكل تنظيمي شامل في البلاد، ما أدى إلى وجود إجراءات صعّبت الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية.

ومن العراقيل أن المتطلبات واللوائح أوجدت حالة من الصعب على القطاع الخاص المشاركة في الرعاية الأولية، مثل العيادات الخارجية التي يصعب أن تكون مملوكة إلا لأطباء معتمدين فقط وليس لشركات أو مستثمرين غير أطباء.

ويحتل الإنفاق على الرعاية الصحية في مصر، وفقا لتقارير البنك الدولي، مرتبة متأخرة بين دول العالم، فهو أقل من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويبلغ 6.4 في المئة، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 10 في المئة.

ياسر عمارة: الانتشار في الأقاليم يجذب استثمارات خليجية وأوروبية
ياسر عمارة: الانتشار في الأقاليم يجذب استثمارات خليجية وأوروبية

ولم يتمكن القطاع العام من مواكبة النمو السكاني، حيث انخفض عدد المستشفيات العامة بنسبة 1.1 في المئة العقد الماضي، مقابل نمو عدد السكان بنسبة 25.6 في المئة خلال الفترة ذاتها.

وأكد ياسر عمارة خبير الاستثمار لـ”العرب” أن نظام التأمين الصحي أداة فاعلة لجذب الاستثمارات الأجنبية في ظل الزيادة الكبيرة لعدد السكان، وأن الاستثمار في هذا القطاع يقود إلى المزيد من الربح.

وتعاني البنية التحتية للرعاية الصحية في مصر من نقص في الخدمات، ويوجد نقص هائل في عدد أسرّة المستشفيات، ويتاح حاليا نحو 1.3 سرير لكل ألف مواطن، وفق دراسة أعدتها شركة كوليرز انترناشيونال.

ويعد هذا أقل من المتوسط المسجل بالمنطقة العربية والبالغ 1.5 سرير لكل ألف، وأقل بمراحل من 4.4 سرير وهو نصيب الفرد في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية رغم أن البنك الدولي يشير إلى أنه يقارب ضعف النسبة في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى.

ويتوقع عمارة أن يتوسع خليجيون في الاستثمار بالقطاع الصحي الفترة المقبلة، ولن تجد القاهرة صعوبة في جذب الأجانب، مع تفعيل المنظومة في مختلف الأقاليم، لكن ذلك سيكون على حساب المواطن، فمن يريد خدمة أفضل أو مع كبريات الشركات يتحمل تكلفة أعلى.

ولعب القطاع الخاص دورا في سد العجز بالمستشفيات المصرية على مدى العقد الماضي، حيث زاد عدد المستشفيات الخاصة بنسبة 10 في المئة ونمت الأسِرة الخاصة بنسبة 38 في المئة.

وبالإضافة إلى ذلك، يدير مقدمو الرعاية الصحية الخاصة 28 في المئة من أسرة المستشفيات في النظام الصحي، وفقا للبنك الدولي.

Thumbnail
11