إعلان يسلط الضوء على حساسية الهوية لدى العمانيين

أثار إعلان ترويجي في عمان حساسية كبيرة لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ما اعتبروه مسّا بالهوية الوطنية باختصار شخصية العماني بـ”الطبال”، بينما يزخر التاريخ العماني بشخصيات لها عمق تاريخي أكبر وأهم.
مسقط - أبدى ناشطون عمانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، غضبهم من إعلان ترويجي لأحد على خلفية ظهور عدد من الأشخاص وهم يُطبلون ويحتفلون على وقع الأغاني، واعتبروه أمرا ينافي القيم الاجتماعية وطبيعة الشخصية العمانية المحافظة، خصوصا أن الإعلان جاء بمناسبة اليوم الوطني.
وأطلق بنك مسقط الحكومي، إعلانه الترويجي مؤخراً، وظهر فيه عدد من العمانيين يضربون الطبل ويرقصون في إطار الإعلان المدفوع. وقد أصدر البنك هذا العمل الدعائي بمناسبة العيد للوطني للسلطنة.
فجاءت ردود أفعال العمانيين منافية لهدف البنك من الإعلان، حيث عمّ الغضب والاستنكار، وتم اتهام الإعلام بتشويه الهوية العمانية وتاريخ السلطنة وعراقتها ضمن هاشتاغ #العماني_ما_طبال.
ودشن مغردون هاشتاغ #العماني_ما_طبال (العماني ليس طبالا) وجاءت غالبية تعليقات المغردين رافضة لاختصار العمانيين في “شخص طبال”، مؤكدين على عمق الهوية العمانية وغزارتها ومدى تجذّرها وتنوعها في محيطيها العربي والإسلامي، وذهب البعض إلى القول إن العماني ليس طبالا، فهو حضارة وعلم وأدب وأخلاق ولا يجب تشويه سمعة العماني.. فالقانون يعاقب على ذلك. وقال أحدهم:
ورأى آخر:
واعتبر مغردون أن المدارس أيضا مسؤولة عن ترسيخ قيم الهوية الوطنية وعدم الترويج للعماني؛ في مناسبة العيد الوطني والمواد الإعلانية التجارية والسياحية، وحتى في حفلات المدارس: بأنه رقّاص.. وطبّال.. وعارضة أزياء.. باسم التراث العماني، وباسم الوطنية، على حد قول مغرد.
وجاء في تغريدة:
@wd_alkhmysy
أيها العماني صغيرا كنت أم كبيرا، رجلا كنت أم امرأة لا تنخدع فيما يراد لك أن تكون عليه، بتصويرك طبَالا ورقّاصا وتهز… تأكد أن #العماني_ما_طبال.
وشارك العديد من الناشطين مقاطع فيديو تظهر شخصيات عمانية يعتبرونها مثالا للوطنية، وقال مغرد أرفق صورة لشاعر يلقي قصيدة “هذه عُمان وهذا هو الإنسان العُماني الذي لا تودون إظهاره في منتجاتكم الغنائية الرديئة”. وقال مغرد:
ويفتخر العماني، شأنَ باقي شعوب المنطقة العربية، بشخصيته وهويته المتفردة التي تميزه عن باقي الأمم، وهي هوية نابعة من عمق الإرث التاريخي الذي تتميز به السلطنة التاريخية.
لكن هناك قلة من الناشطين قالوا إن الأمر لا يحتاج إلى المبالغة وإن الفرح يتم التعبير عنه بطرق عدة ومن بينها الرقص والغناء، فلماذا التعصب والتشدد على الناس بهذه الطريقة.
وقالوا إن عمان تعد إحدى بلدان التراث والأصالة، فهي زاخرة بشتى أنواع الموروثات والعادات والتقاليد. وأحد هذه الموروثات والتي ما زالت موجودة إلى الآن هي الفنون الشعبية العمانية والتي تعتبر موروثا غير مادي يتم تناقله من جيل إلى جيل، حيث يوجد في عمان الكثير من الفنون الشعبية، كما تتنوع وتختلف بحسب المنطقة والبيئة التي نشأ فيها الفن الشعبي، وتقام الفنون الشعبية بكثرة في المناسبات المختلفة. وكتب منذر المقبالي:
ويسعى العمانيون إلى حفظ عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة أمام موجة العولمة الثّقافيّة الغربية، فهم يرون أن الواقع اليوم مع انفتاح الإعلام أصبح أكثر تأثيرا من السابق، لهذا يخشون من الماديّة المعاصرة وتأثيرها على ثقافات وهويّات البلد نتيجة توجس وتخوّف من تأثير الماديّة ومفرزات الإعلام على الثقافة والهوية ووقوع الشباب في المشكلات الّتي تعانيها المجتمعات الغربية.
ويجد العمانيون أنفسهم أمام بعض الثّقافات التي لم يتعود بعضهم عليها، لكن الإرث الفني هو أحد الجوانب الثقافية الهامة التي أوجدت دورا بارزا في إثراء الفكر لدى المواطن العماني، من خلال إبداعاته في الفنون الشعبية الموسيقية، وقد ساعد الموقع الجُغرافي المميز للسلطنة على ثراء الثقافة العُمانية وظهور البُعد الإنساني في المكون الثقافي، فقد انفتحت عُمان على الثقافات المجاورة واستوعبت مفرداتها، إضافة إلى الثقافة العربية.
وأضحت الفنون الشعبية كقصة مصورة يتم تداولها جيلا بعد جيل، لتظهر جليا هذا الموروث العماني الأصيل و المحافظ على تقاليده مهما تنوعت أساليب الفنون وتطورت.