إعلام عربي ودولي يعاضد التعتيم على الاحتجاجات في إيران

الاستخبارات الإيرانية تهدد الصحافيين وتقطع الإنترنت وتقمع وسائل الإعلام.
الثلاثاء 2022/05/17
الجراحة الاقتصادية مرفوضة

يبدو التعتيم الإعلامي في الداخل الإيراني الذي تسيره وزارة الاستخبارات الإيرانية مفهوما بالنسبة إلى مستخدمي الشبكات الاجتماعية، لكنه يبدو فظا وغير مقبول إذا مارسته وسائل إعلام عربية ودولية.

طهران - عقد مسؤولون في وزارة الاستخبارات الإيرانية اجتماعاً مع مسؤولي وسائل الإعلام لإبلاغهم بتعليمات جديدة حول استمرار التعتيم على الاحتجاجات المناهضة للنظام.

وقالت قناة “إيران إنترناشيونال” إن الاجتماع عقد يوم الأحد بقاعة “فجر” في مبنى “عراقي” بطهران، لتحديد القيود والسياسات الإعلامية.

وقالت وزارة الاستخبارات إن التغطيات الإعلامية تؤدي إلى اتساع رقعة الاحتجاجات. وطُلب من المسؤولين في وسائل الإعلام التركيز أثناء التغطية على “تدمير الممتلكات العامة من قبل المشاغبين وتأثير العملاء الأجانب”.

ومع بداية كل جولة من الاحتجاجات المناهضة للنظام، يقوم المسؤولون بشكل روتيني إما بنفي حدوثها، أو وصفها بعبارات مثل “مثيري الشغب”.

ويوم السبت، مع انتشار الاحتجاجات، حذرت وزارة الاستخبارات وسائل الإعلام المحلية من استخدام عبارات محددة، وإلا سيتم التعامل معها قضائيا. وأبلغت الاستخبارات وسائل الإعلام بحظر استخدام تعبيرات مثل “الجراحة الاقتصادية”، و”المعاملة العنيفة”، و”مواجهة المواطنين” و”الاعتصام”. ويأتي ذلك في حين أن مسؤولين إيرانيين يستخدمون تعبير “الجراحة الاقتصادية” للإشارة إلى التغييرات الاقتصادية لحكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. وقد انعكس هذا التعبير في بعض وسائل الإعلام إلى جانب رسوم وكاريكاتيرات ناقدة.

مع انتشار الاحتجاجات، حذرت وزارة الاستخبارات وسائل الإعلام المحلية من استخدام عبارات محددة، وإلا سيتم التعامل معها قضائيا

وكان عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني غلام علي حداد اعتبر أن “الإعلام الأجنبي يشوش الأذهان بالتركيز على ارتفاع الأسعار”، “ناصحاً” وسائل الإعلام المحلية باليقظة والمراقبة.

وجاء ذلك في سياق حديثه لوكالة “إيلنا” بعد سؤاله عن رأيه في الخطة الاقتصادية الجديدة لزيادة دعم الحكومة وما إذا كانت هذه الخطة ستحسن الأوضاع المعیشیة للناس أم لا، وقال “نعم إذا انتبه الناس إلى الأدلة التي يطرحها الرئيس والوزراء والمسؤولون، فسوف يرون أن البلاد بحاجة إلى مثل هذه الجراحة الاقتصادية. لكن الناس يلاحظون أن الجراحة الاقتصادية هي عمل شاق. غير أنه لا يتم إبعاد أي مريض عن الطبيب بسبب صعوبة الجراحة. إذا تجنب شخص ما الجراحة بسبب صعوبة العلاج، فلن يتم علاجه”.

وسبق أن أصدرت إيران مثل هذه التحذيرات لوسائل الإعلام. وسربت وسائل إعلام إصلاحية تسجيلا صوتياً لعلي رضا حبيبي مدير إذاعة “الثقافة” التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون الإيرانية، يحذر فيه المراسلين من نشر أخبار متعلقة بارتفاع الأسعار.

وأمر رضا حبيبي مدراء الأقسام داخل الإذاعة بعدم نشر أي محتوى ينتقد حكومة رئيسي، وقال إنه “لا يحق لأي من المقدمين قراءة أي مقالات تنتقد الحكومة من داخل الصحف الصادرة في إيران”.

كما أمر برقابة صارمة على محتوى الإنتاج والرسائل العامة بسبب “الوضع الأمني في البلاد في ما يتعلق بالتضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.

وحذر حبيبي الصحافيين، وخاصة المقدمين، من “انتقاد الحكومة لأنه يؤدي إلى ضعف النظام”، مضيفاً أن “أدنى خطأ لا يغتفر”. وطالب مدير إذاعة “الثقافة” زملاءه بمزيد من السيطرة على التغطية الإخبارية في ظل الاحتجاجات الأخيرة وارتفاع الأسعار، محذرا من أن “أي خطأ في هذا الصدد لا يغتفر”.

وجاءت هذه الخطوة بعدما طالبت صحيفة “جمهوري إسلامي” السبت الماضي الرئيس إبراهيم رئيسي بـ”التنحي” عن منصبه إذا “كان يتحلى بالشجاعة”. وبدورها، هاجمت وكالة أنباء “تسنيم” التابعة للحرس الثوري الاثنين صحيفة “جمهوري إسلامي”، زاعمة أن الأخيرة تحمل مواقف “معادية للنظام”.

◙ استمرار التعتيم على الاحتجاجات المناهضة للنظام
◙ استمرار التعتيم على الاحتجاجات المناهضة للنظام

وانخفض تأثير القنوات الإذاعية والتلفزيونية الإيرانية بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي بشكل حاد خلال العقد الماضي. وبحسب استطلاع نشره مركز استطلاع آراء الطلاب الإيرانيين “إيسبا” في أكتوبر من العام الماضي، فقد انخفضت نسبة المشاهدين الذين يتابعون الأخبار على الإذاعة من 57.7 إلى 42.1 في المئة. كما ارتفعت نسبة المتابعين للأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي من 26.1 إلى 41.4 في المئة.

وفي سياق آخر، يثير تعتيم وسائل إعلام عربية ودولية على الاحتجاجات في إيران جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال ناشطون إنها ليست على قدر الحدث وتتجاهل تسليط أنظار العالم على ما يحدث في إيران. وعدّوا تجاهل الإعلام الغربي للمظاهرات الضخمة التي تشهدها إيران دليلا على أن النظام الإيراني مدعوم غربيا، مستنكرين صمت مدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان عن المجازر التي تحصل بحق المواطنين الإيرانيين.

وتساءلت إعلامية “لماذا هذا التعتيم الإعلامي عن المظاهرات في إيران؟ تصلني تباعاً العشرات من الفيديوهات عن مظاهرات سلمية تمتد في كل أنحاء إيران تضامناً مع المظاهرات في مناطق الأحواز وتنادي بسقوط خامنئي، أين هو الإعلام مما يحصل في إيران؟”.

وكتب الصحافي كامل الخوداني أن أصوات الشعب الإيراني ترتفع في معظم شوارع المدن بشعار “الموت لخامنئي” في ظل غياب شبه تام للإعلام العربي الرسمي والشعبي لمساندة انتفاضة هذا الشعب المغلوب على أمره “المطالب بالحرية والعتق من نظام الرجس الشيطاني للملالي”.

ولفت الإعلامي محمد مجيد الأحوازي:

وحاول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي من خلال مشاركتهم في هاشتاغات عدة، أبرزها #احتجاجات_إيران، #إيران_تشتعل، #إيران_تنتفض و#ثورة_الجياع_ضد_نظام_الملالي، كسر التعتيم الاعلامي المفروض على الإيرانيين.

وانتشرت مقاطع فيديو تظهر مدى الغضب تجاه المرشد علي خامنئي، حيث وثقت انطلاق مظاهرات احتجاجية ضد النظام في عدة محافظات إيرانية وهتف المحتجون “الموت للدكتاتور”، و”الموت لخامنئي”، و”الموت لرئيسي”.

وأكدت التقارير الواردة من داخل إيران بأنه عقب اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام الإيراني تم قطع إنترنت الهواتف المحمولة وإنترنت المنازل بشكل كامل. كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة عملية إطلاق نار مباشر من قبل عناصر الأمن الإيرانيين على المتظاهرين.

وكتب معلق:

AjjSii@

#ايران شرطة مكافحة الشغب التابعة للنظام تطلق النار على المتظاهرين. وقد قامت السلطات بقطع شبكة الإنترنت بسبب استمرار #الاحتجاجات_الإيرانية #Iranprotests. ويعد التعتيم على الإنترنت بادرة سيئة، ففي انتفاضات 2019 بعد قطع الإنترنت قتلت قوات الأمن 1500 محتج.

وأوضح الإعلامي الإيراني الناشط في حقوق الأقليات وأهل السنة في إيران ماجد العباسي:

ونشر باحث مقطع فيديو لإحراق صورة المرشد علي خامنئي في الأحواز، وعلق:

MNoaymi@

#عاجل إحراق صورة المرشد علي #خامنئي في دولة #الأحواز_العربية_المحتلة، وتأتي تلك الخطوة استكمالا للتظاهرات المناوئة لقوات الاحتلال الإيراني في دولة #الأحواز_العربية.

16