إعلام حزب الله يريد منابر منافسة تدور في فلكه حول الأحداث السورية

الجماعة تهاجم تغطية وسائل إعلام لبنانية لم تسم سقوط الأسد "تنازلا".
الثلاثاء 2024/12/10
صفحة جديدة

انتقدت المنابر التابعة لإيران وحزب الله في لبنان تغطية وسائل الإعلام في البلاد للأحداث في سوريا وعدم تعاملها مع الفصائل المسلحة بطريقة مشابهة للتعامل مع إسرائيل وعدم إيجاد علاقة بينهما.

بيروت - بعناوين ساخرة انتقدت وسائل إعلام تابعة لحزب الله طريقة تعاطي منابر منافسة لها مع الأحداث في سوريا وإسقاط فصائل سورية مسلحة نظام الرئيس بشار الأسد أبرز حليف للحزب وإيران، والذي شكلت نهاية حكمه ضربة قاسية لهما.

والمنابر التابعة لإيران تروج لإعلام يتعاطى مع القيادة الجديدة في سوريا بطريقة مشابهة للتعاطي مع إسرائيل وإن لم تسمها “عدوا” في حين أنها تصر على إيجاد علاقة بينهما، ففي أحد عناوين موقع قناة “الميادين” أفردت تقريرا يتحدث عن بدء تحرك الفصائل في معركة حلب واعتبرت أن إسرائيل هي التي أصدرت لها الأوامر تحت عنوان “بعد هزيمة لواء غولاني في لبنان.. إسرائيل تُحرّك مسلحي الجولاني في سوريا”.

بدورها تمسكت قناة “المنار”، الناطقة باسم حزب الله، بسردية “محور المقاومة” الذي يستمد منه الحزب شرعية سلاحه في لبنان لمحاربة إسرائيل بالإضافة إلى القضية الفلسطينية باعتبارها “أم القضايا” التي يستمد منها شرعيته الإقليمية ويروج لها لدى الشعوب العربية التي تبحث عن بصيص أمل.

وتساءلت “المنار” ضمن تقرير “في ملامح السياسة الخارجية لـ’سوريا الجديدة’.. أين فلسطين؟”، رغم أن ما تسميه سوريا الجديدة لم تتضح بعد ملامحه وأركانه ولم تثبت أقدامه حتى تنتقل إلى التفكير في فلسطين في الوقت الذي تتلقى فيه الضربات الإسرائيلية في عدة مناطق من البلاد.

أسعد بشارة: الحزب لديه إعلام يجيد الدعاية ويكبّر الانتصارات
أسعد بشارة: الحزب لديه إعلام يجيد الدعاية ويكبّر الانتصارات

وجاء في تقرير “المنار” أن “الأبرز في هذا السياق هو علاقة ‘تحرير الشام’ مع الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، وهنا بيت القصيد، والمحور الأهم الذي يعطي الشرعية للسلطة الجديدة في سوريا من عدمها.”

من جهتها هاجمت صحيفة “الأخبار” وسائل الإعلام اللبنانية لعدم التزامها بسرديات منابر الحزب وتبني رواياتها، واتهمت الإعلام اللبناني بالتخبط في التعاطي مع سيطرة الفصائل السورية المسلّحة على دمشق وانسحاب الجيش السوري. واستبدلت رواية سقوط الأسد بمصطلح “تنازل الرئيس بشّار الأسد عن السلطة”، في انعكاس للتخبّط الذي عاشته كلّ الأطراف وعدم توقّع حدث مماثل بهذه السرعة، بحسب وصفها.

واستخدمت الصحيفة أدبيات إعلام حزب الله بالتعاطي مع الفصائل السورية على أنها الوجه الآخر للعدو الإسرائيلي، وقالت في هجومها “انكبّت القنوات الثلاث المهيمنة في لبنان على نقل كلّ ما تُصدره المعارضة السورية المسلّحة، تماما كما كانت تفعل مع كل ما كان يصدر عن كيان الاحتلال الصهيوني وقوّاته، ولا تزال.”

وأضافت “الأخبار” في تحليل أسباب وخلفيات التغطية الإعلامية لما يحدث في سوريا أنها تماه مع الغرب، وقالت “مع شروق شمس الأحد، أكملت برمجتها العادية، فيما نقلت ال.بي.سي.أي قدّاس كاتدرائية نوتردام في باريس بعد إعادة افتتاحها. لكنّ المشهد تغيّر ظهراً، فتحوّلت القنوات إلى اعتماد اسم الجولاني الحقيقي، أي أحمد الشرع، وفتحت البثّ المباشر، ولاسيّما من الحدود اللبنانية – السورية حيث ازدحمت حركة المغادرين والداخلين على حدّ سواء، ولكلمة رئيس القوّات اللبنانية سمير جعجع مساءً.”

وشملت سهامها أيضا قناة “الجديد” قائلة إنها “أثارت السخرية بسبب أسئلة مراسليها للداخلين إلى لبنان عن أسباب مغادرتهم سوريا، وهم من الأقلّيّات ممّن فرّوا من الجماعات المسلّحة التي عانوا بسببها سابقاً، ولاسيّما جبهة النصرة، لكنّهم أجابوا بأنّهم ينتظرون انقشاع الضباب حول ضمان سلامتهم في سوريا. كما وضعت القناة خبراً عاجلاً على الشاشة بشكل متقطّع طوال النهار مضمونه سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا.”

وبينما يبدو الاستياء واضحا بطعم الهزيمة لدى الإعلام الموالي لإيران وحزب الله بسبب خسارتهما نفوذهما في سوريا، كانت مواقع التواصل الاجتماعي تبرز دور هذا الإعلام في غسيل الأدمغة والترويج للقمع والقتل، وجاء في تعليق:

ramia_yahia@

مجرمو إعلام النظام وحزب الله لن تمحى ممارساتهم اللاإنسانية من ذاكرة السوريين.

وتحدث ناشط منشق عن الحزب عن أساليب غسيل الأدمغة التي يمارسها الحزب لاستقطاب الجمهور إلى أيديولوجيته:

N0_hizbollah@

الكلام وحده لا يكفي، لا بد من نطق الحق، نحن في #حزب_الله عقولنا مغسولة. إننا الضالون المضلون نعيش في الماضي وشربنا الحقد والثارات ونشرنا الفوضى والدمار والقتل والاغتيالات والتفجيرات. تاريخنا أسود بقتل اللبنانيين والعرب. ونحن نموت الآن ليس من أجل #لبنان إنما نسقط فداء لإيران.

أما الموالون للحزب فقد هددوا وتوعدوا الفصائل على الجانب الآخر من الحدود:

lsyrlsyr849260@

#عاجل_الآن: وسائل إعلام مقربة من حزب الله تنشر رسالة من قوة الرضوان في حزب الله إلى الإرهابيين في سوريا.. بيننا وبينكم الأيام والليالي والساعات. ترقبوا الساعات القادمة.

وتحدث ناشط عن المسرحيات التي يروج لها “محور المقاومة”:

tr_66666@

أول مرة أسمع فيها إعلاما يسقط جيشا!

ولماذا كلما سقط حزب وعصابة من “محور المقاومة” قلتم خيانة وصفقات؟

المحور ضعيف وله تاريخ في ابتداع المسرحيات، عند المواجهات يسقط سريعا، ورأينا ذلك مع حزب الله والحشد الشعبي.

ولا يخرج أسلوب إعلام حزب الله بشأن سوريا عما هو عليه الحال بخصوص إسرائيل، إذ تشير التغطية إلى خطته الدعائية التي تقوم على نقاط تهدف إلى الحد من التضارب والإرباك والترويج لكون الهجمات الإسرائيلية تستهدف المدنيين وإبراز ما يعتبره الحزب إنجازات إستراتيجية.

وقال الكاتب والباحث السياسي أسعد بشارة إن “الحزب لديه إعلام يجيد الدعاية ويكبر الانتصارات ويصغر الهزائم، كما يمتلك جيشا إلكترونيا مختصا في الحرب النفسية وتشويه الخصوم.”

ويعتمد الحزب على مكلفين بالدعاية من إعلاميين ومدونين ومفكرين وأصحاب مراكز إستراتيجية وهمية يروجون أن إسرائيل في مأزق لكونها مندفعة إلى التصعيد لكنها غير قادرة على فرض إرادتها. ويحاول الحزب ترويج فكرة أن إطلاقه الصواريخ على إسرائيل جعله يستعيد معادلة الردع عبر سيل من التحليلات والمقابلات من التابعين له إعلاميا.

لكن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أثار جدلاً واسعا في لبنان، حيث اعتبره مراقبون تنازلاً كبيرا من الحزب ومؤشرا على تراجع نفوذه في المشهدين العسكري والسياسي. في المقابل، سعى حزب الله إلى تصوير الاتفاق كـ”نصر” من خلال بيان رسمي بالإضافة إلى احتفال مناصريه في شوارع الضاحية الجنوبية ومناطق عدة، حيث جابوا الطرقات عبر درجات نارية رافعين أعلام الحزب وشعارات تعزز رواية الانتصار.

وقال ديفيد داود، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في تقرير نشره المعهد الأطلسي “إن ما فشلت صواريخ الجماعة في القيام به ستملأه أجهزة الدعاية التابعة لها، ما يعطي صورة لقاعدة حزب الله بأنه قادر على تصفية الحسابات مع الإسرائيليين.”

5