إعلاميو الإخوان ورقة ضغط في يد تركيا تحركها وفق أجندتها الخارجية

أنقرة - تضاربت الأنباء حول عدد الصحافيين الإخوان الذين اعتقلتهم تركيا في الآونة الأخيرة، لكن الثابت أن تركيا مازالت تتعامل مع هؤلاء الصحافيين وفق مصالحها السياسية، ونزولا عند رغبتها في التهدئة أو التصعيد ضد مصر.
وتناقلت وسائل إعلام عربية في اليومين الماضيين خبرا مفاده أن السلطات التركية اعتقلت 34 إخوانيّا، شاركوا في دعوات إلى التظاهر في 11 نوفمبر الجاري بمصر، في محاولة لهز الاستقرار وإشاعة الفوضى خلال فترة انعقاد مؤتمر المناخ “كوب 27” الذي سينعقد في شرم الشيخ من 6 إلى 18 نوفمبر.
تلاها مباشرة تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” الممول من قطر، وينقل على لسان مسؤول تركي، وصفه الموقع بـ”الكبير”، قوله “لقد احتجزنا فقط صحافيًا مصريًا أُطلق سراحه لاحقًا”. وذكر الموقع أن إثنين من كبار المسؤولين الأتراك صرحا له بأنه لم يتم إجراء مثل هذه الاعتقالات، فيما نقل عن مصدر تركي “منفصل” قوله إن “وسائل الإعلام العربية تنشر بانتظام مزاعم مماثلة لإثارة المشاكل وجعل قادة الإخوان المسلمين في تركيا يشعرون بعدم الارتياح”.
وتكمن المفارقة في أن أنباء الاعتقال أوردتها صفحات وحسابات قريبة من تنظيم الإخوان في تركيا، وأفادت بأن صحافيي الإخوان المعتقلين تم إدراجهم على قوائم الترحيل من تركيا، بسبب خطورتهم على الأمن العام في البلاد بموجب ما يعرف بـ“كود جي 78”، حيث كانوا يستعدون لإطلاق قناة جديدة باسم “صرح” عبر تلغرام، هدفها الحضّ على الاحتجاج والتخريب وإحداث فوضى في مصر، ويرتبطون بقنوات أخرى يجري تأسيسها خارج تركيا، منها قناتا “الشعوب” و”الحرية”. وذلك بعد أن منعت تركيا القنوات الإخوانية على أراضيها من مهاجمة مصر.
ووفقا للقانون التركي يدرج تحت كود الإرهاب “جي 78” الأشخاص الذين يشكلون خطرا من حيث السلامة العامة وبمقتضاه تفرض السلطات قيودا شديدة على أنشطتهم وتحركاتهم وتنقلاتهم.
وفي مارس من العام الماضي طلبت السلطات التركية تقييد فضائيات الإخوان التي تبث من إسطنبول ومنع انتقادها لمصر، كما منعت ظهور الإعلامي والمذيع الإخواني هيثم أبوخليل، وقررت وقف برامج أربعة من مذيعي الإخوان هم معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع والفنان هشام عبدالله، وحذرتهم من مخالفة تعليماتها. وبقيت في إسطنبول قناتا “الشرق” و”وطن” فقط، بينما رحلت قناة “مكملين” إلى لندن.
وتمارس تركيا سياسة متذبذبة تجاه الإعلاميين الإخوان، مرتبطة بأجنداتها السياسية؛ فهي تضغط أحياناً على بعض المنصات التابعة لهم، وتحاول تقييد الخط التحريري الخاص بها، فيما تترك عناصر الجماعة يعملون على أرض الواقع ويمارسون نشاطهم دون ظهور إعلامي.
ويرى محللون أن اعتقال الإعلامي حسام الغمري، رئيس التحرير السابق لقناة “الشرق”، وإطلاق سراحه هما رسالة مغازلة تريد تركيا توجيهها إلى مصر، وتفيد هذه الرسالة بأن أنقرة تمنع الهجمات الإعلامية على القاهرة، لكن ذلك لا يعني تخليها الكامل عن الإخوان، فهم ورقتها للعب أدوار سياسية، تديرهم كما تشاء.
ويرى متابعون لشؤون الإخوان أن القبض على الغمري يرتبط بتغير توجهات السياسة التركية إزاء مصر في الفترة الأخيرة، ويقرّون بأن حالة الانقسام وغياب أي مشروع لجماعة الإخوان والصراعات داخل صفوف التنظيم ترتب عليها تفتته إلى جبهات في إسطنبول، أكثر من جبهة محمود حسين وجبهة التغيير ومجموعات أخرى من الشباب المتصارعين مع القيادات التقليدية، وجبهة إبراهيم منير في لندن، وظهور هذه الصراعات على السطح عبر القنوات والصفحات والمواقف أثّر على ثقة تركيا في الإخوان.
وأعلن الحساب الرسمي للإعلامي الغمري على تويتر عن قيام الأمن التركي بالقبض عليه من داخل منزله، و”أن هناك أنباء عن ترحيله”، دون تحديد الجهة التي سيرحّل إليها.
وفي الفترة الأخيرة نشط الغمري في الدعوة إلى الاحتجاجات والحضّ على إحداث الفوضى في 11 نوفمبر بمصر، إلى جانب مشاركته في الترويج لحدوث مظاهرات عنيفة تحتج على حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، عقب مباراة كأس السوبر المصري بين فريقي الأهلي والزمالك، والتي أقيمت في مدينة العين الإماراتية ليل الجمعة، استغلالاً للتجمعات في مقاهي القاهرة ومختلف أنحاء البلاد لمتابعة المباراة.
وأشارت صفحات التابعة للإخوان إلى أن القبض عليه لم يكن لهذا السبب، وإنما بسبب مخالفته شروط الإقامة القانونية في تركيا التي يعيش فيها منذ أكثر من 8 سنوات. لكن مصادر معنية بمتابعة حالات الموقوفين داخل التنظيم في إسطنبول استبعدت أن يتم ترحيله.
وكان الغمري كشف قبل القبض عليه أن الأمن الوطني في مصر ألقى القبض على ابنه الأكبر يوسف، وذلك بسبب نشاطه في الدعوة إلى المشاركة في الاحتجاجات المزعومة في 11 نوفمبر.
وسبق أن أوقفت قناة “الشرق” برنامج “رؤية” الذي كان يقدمه الغمري بطلب من السلطات التركية، كما منع ظهوره مجدداً على منصات إعلامية من إسطنبول، لعدم التزامه بتعليمات وقف الهجوم على مصر، لكنه واصل نشاطه أيضاً عبر البث على مواقع التواصل الاجتماعي.