إعلامية لبنانية تترك عملها بسبب تهديدات بالقتل من أنصار حزب الله

بيروت - في ظل الحرب الإسرائيلية على لبنان، يتعرض صحافيون في لبنان لاعتداءات في الواقع الافتراضي وعلى الأرض وتهديدات مباشرة، دفعت الإعلامية في قناة “أم.تي.في” إيمان شويخ إلى مغادرة القناة.
وأعلنت شويخ، في منشور عبر منصة إكس أنّ “هذه المضايقات وصلت إلى حد تعقّبي إلى منزلي، وملاحقتي في الطريق، إضافةً إلى مضايقة أهلي.” وأكدت أنّ “الدولة غائبة، والقوانين احتضرت، ولا أريد تعريض حياتي وحياة أهلي للخطر، أريد العيش بأمان وسلام.” كما توجّهت بالشكر لرئيس مجلس إدارة الـ”أم.تي.في” ميشال المر.
وأوضحت المذيعة في منشور عبر حسابها على منصة إكس أنها قررت مغادرة القناة، بسبب “التهديدات التي بلغت التهديد بالقتل، والمضايقات التي تتعرّض لها.”
وتضامن ناشطون وإعلاميون مع شويخ، مع مواصلة الحملة ضدها من قبل موالين لحزب الله مع اتهامات بالتخوين والعمالة بسبب موقف القناة التي استقالت منها المناهض لحزب الله ولهيمنته على لبنان.
وجاء في تعليق:
وكتب ناشط:
وتساءل ناشطون عن مسؤولية الدولة اللبنانية ودورها في حماية الصحافيين، وقال مغرد:
وعلق مدون:
وتكاد لا تمر أيام حتى يخرج صحافي أو إعلامي ليعلن تعرضه للمضايقة أو الضغط أو التهديد أو الشتم، أو حتى الاعتداء الجسدي من قبل عناصر حزب الله أو الموالين له.
وقد وثّقت الكاميرات عددا كبير من الاعتداءات حتى قبل بدء الحرب الموسعة في سبتمبر الماضي، فنال مراسلو “إم.تي.في” الحصة الأكبر، وتم الاعتداء عليهم مباشرة على الهواء، كما جرى مع المراسلة نوال بري التي تمت مطاردتها في أكثر من مكان، وكذا مع مراسلي “الجديد” وغيرهم.
وسبق أن اتهم الصحفي روي أبوزيد، من قناة “أم.تي.في”، عناصر من الحزب بتوقيفه والتحقيق معه في مطلع أكتوبر، أثناء إعداده تقريراً صحفياً بالقرب من بلدة عدرا في كسروان، وقد أوضح أبوزيد خلال حديث مع مركز “سكايز” للحريات في لبنان أن سيارته وكاميرته تعرضتا للتفتيش.
وليل الأربعاء الماضي، تهجم شبّان على الصحافي نبيل مملوك في صيدلية تمتلكها عائلته، واعتدوا عليه بالضرب أمام والده اعتراضاً على عمله، وهو ما يشي بتحول كبير ويزرع الخوف في قلوب الصحافيين ببدء تنفيذ التهديدات عبر الاعتداءات الجسدية.
ولا تقتصر التهديدات والاعتداءات على الصحافيين المحليين، بل طالت أيضا المراسلين الأجانب، ومن أبرزها ما تعرض له طاقم قناة “في.تي.إم.نيوز” البلجيكية، والذي شمل المراسل الحربي روبن راماكيرز والمصوّر ستيجن دي سميت، في أكتوبر الماضي. حيث أصيب دي سميت برصاصة في ساقه، بينما تعرض راماكيرز لكسور في وجهه، وذلك بعد أن هاجمهما شبان أثناء تغطيتهما للغارة الإسرائيلية على منطقة الباشورة في بيروت.
وينعكس كل حدث سياسي أو أمني في لبنان كما تقول الباحثة في مؤسسة “سكايز”، الصحفية وداد جربوع، “بشكل مباشر على واقع الحريات العامة، وخاصة حرية الصحافة.”
وتوضح أنه “منذ التصعيد العسكري الأخير بين حزب الله وإسرائيل، ازدادت المضايقات والاعتداءات على الصحافيين وفرق الإعلام أثناء تغطيتهم للقصف الإسرائيلي في مناطق لبنانية”، مشيرة إلى أن هذه الاعتداءات غالباً ما تكون من عناصر حزبية أو مناصري الأحزاب.”
وتهدف هذه الاتهامات، إلى “خلق حالة من الخوف والقلق لدى الصحافيين، خاصة إذا كانوا يعملون لدى مؤسسات إعلامية تتعارض مع التوجهات السياسية لبعض الأحزاب. مما يدفعهم إلى التردد في استخدام الكاميرات التقليدية، حيث يفضلون أولاً استكشاف إمكانية التصوير بأمان باستخدام كاميرات الهواتف.”
كما شنّ حزب الله حملة ممنهجة على مؤسسات إعلامية، مستعينا بمفردات “التخوين والتصهين” وغيرها من التعابير.
وتواصل بعض الصحافيين مع مؤسسة “سكايز” لتوثيق ونشر الانتهاكات التي تعرضوا لها، في رفض لهذا الواقع، بينما يخشى آخرون “التحدث عن هذه الانتهاكات خوفاً من منعهم من التغطية في المناطق التي تسيطر عليها عناصر حزبية” بحسب جربوع.
وأعربت جربوع عن قلقها من تصاعد حملات التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الصحافيين “بسبب مواقفهم المعارضة للحرب” محذرة من احتمال “انتقال هذه الحملات من الفضاء الافتراضي إلى اعتداءات جسدية على الأرض.”
وتؤدي الاعتداءات المستمرة على الصحفيين إلى “إضعاف قدرة الإعلام على أداء دوره الرقابي ونقل الأحداث بموضوعية، مما يضر بحق الجمهور في الوصول إلى معلومات دقيقة وموثوقة.”
وتصاعد هذه الانتهاكات يجعل من الصعب على الصحفيين العمل بحرية واستقلالية، ويساهم في تراجع مؤشر حرية الصحافة في البلاد.
وكان عدد من النواب والشخصيات السياسية والإعلامية طالبوا بوضع حد لهذه الممارسات، وجددوا دعوتهم القضاء اللبناني إلى التحرك، وأقله التعامل مع اللبنانيين بسواسية، وأعلنوا عن تقديمهم إخبارات للقضاء عن تهديدات بالقتل واتهامات بالعمالة.
وكان لبنان قد شهد تراجعاً كبيراً في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2024، حيث انخفض ترتيبه 21 مرتبة، ليحتل المرتبة 140 بعد أن كان في المرتبة 119 خلال عام 2023، و130 في عام 2022.
يُذكر أن المؤشر العالمي لحرية الصحافة، الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود” والذي يشمل 180 دولة، يقيّم حالة حرية الصحافة سنوياً استناداً إلى خمسة مؤشرات رئيسية: السياق السياسي، الإطار القانوني، السياق الاقتصادي، السياق الاجتماعي والثقافي، والسياق الأمني. ويهدف المؤشر إلى مقارنة مستوى الحرية التي يتمتع بها الصحفيون ووسائل الإعلام في الدول المشمولة بالتحليل.