إعفاءات أميركية مشروطة لبغداد لسداد مدفوعات الكهرباء الإيرانية

العراق يرتبط بعلاقة قوية مع الولايات المتحدة وينسق معها حول الأمن والسياسة والحكم لكن اقتصاده ظل متشابكا بشكل كبير مع اقتصاد إيران.
الجمعة 2018/11/09
إبقاء الوضع على ما هو عليه
 

حصل العراق على إعفاءات مشروطة من العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران لتفادي مشاكل انقطاع الكهرباء، التي يحتاجها رغم أن شركة سيمنز الألمانية لحقت بشركة جنرال إلكتريك الأميركية بقوة على مشاريع إصلاح خراب شبكة الكهرباء العراقية.

بغداد- أعفت الولايات المتحدة العراق بشكل مشروط من أي عقوبات قد تطاله من حصوله على الكهرباء من إيران لتغطية الطلب المحلي المتزايد، في ظل النقص الكبير الذي خلفته الحرب.

ومع بدء تطبيق عقوبات أميركية الاثنين الماضي، تستهدف قطاعي النفط والمال الإيرانيين، برزت مخاوف من أن يقع العراق الذي يعتمد بشكل كبير على طهران في الكهرباء والسلع الاستهلاكية ضحية للأزمة.

وقال بريان هوك، مبعوث وزارة الخارجية الأميركية لإيران في وقت مبكر أمس، “لقد منحنا العراق إعفاء للسماح له بالاستمرار في دفع ثمن استيراد الكهرباء من إيران”. وأكد مصدر عراقي مطلع لوكالة الصحافة الفرنسية أن بلاده حصلت بالفعل على هذا الإعفاء مقابل التزامات.

وأوضح “أعطتنا الولايات المتحدة فرصة 45 يوما حتى نجد حلا تدريجيا للتوقف عن استخدام النفط والغاز، لكننا أبلغناها بأننا نحتاج إلى أربع سنوات حتى نعتمد على أنفسنا، أو نجد بديلا”.

عادل عبدالمهدي: العراق ليس جزءا من الحظر، بل يحمي مصالحه ويراعي مصالح الآخرين
عادل عبدالمهدي: العراق ليس جزءا من الحظر، بل يحمي مصالحه ويراعي مصالح الآخرين

وحصل العراق على هذا الاستثناء بعد مفاوضات بين مسؤولين عراقيين وأميركيين، وبالفعل أجرى ممثلو الحكومة العراقية محادثات مع المسؤولين الأميركيين والإيرانيين لأشهر من أجل ضمان عدم انهيار اقتصادهم الهش بسبب تصاعد التوترات.

وقال رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، في مؤتمر صحافي هذا الأسبوع إن “بغداد تجري محادثات مع كلا الجانبين لحماية مصالحها”، مؤكدا أن “العراق ليس جزءا من منظومة العقوبات. بل هو أولا يحمي مصالحه، ويراعي كل مصالح الآخرين”. وترتبط بغداد بعلاقة قوية مع الولايات المتحدة وتنسق معها حول الأمن والسياسة والحكم. لكن اقتصادها متشابك بشكل كبير مع اقتصاد إيران.

ولا تنتج المصانع العراقية سوى القليل جدا من المنتجات إثر الحصار الدولي الذي فرضته الولايات المتحدة في مطلع التسعينات والغزو الذي قادته ضد العراق في عام 2003. وبدلا من ذلك، تغزو حاليا المنتجات الإيرانية الأسواق ابتداء من المعلبات الغذائية مثل الألبان، إلى السجاد والسيارات.

وبلغت قيمة هذه الواردات غير الهيدروكربونية نحو 6 مليارات دولار في العام الماضي، مما يجعل إيران ثاني أكبر مصدر للسلع المستوردة في العراق. لكن ربما الأكثر أهمية بالنسبة إلى 39 مليون شخص في العراق هو اعتمادهم على إيران للحصول على الكهرباء.

ويعد نقص الطاقة الذي غالبا ما يترك المنازل بلا كهرباء لمدة تصل إلى 20 ساعة في اليوم، عاملا رئيسيا وراء أسابيع من الاحتجاجات الكبيرة في العراق خلال الصيف. وللتغلب على هذا النقص تستورد بغداد الغاز الطبيعي من طهران لمصانعها كما تشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية.

وهذا الاعتماد غير مريح بالنسبة للولايات المتحدة التي سعت لتقليص نفوذ طهران وإعادة فرض العقوبات على المؤسسات المالية الإيرانية وخطوط الشحن وقطاع الطاقة والمنتجات النفطية هذا الأسبوع. وسمحت واشنطن لثمانية بلدان هي الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان واليونان وإيطاليا وتركيا باستيراد النفط الخام الإيراني.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية للمستشارة البارزة في المعهد الأوروبي للسلام، نسيبة يونس، قولها إنه “يبدو أن إعفاء العراق الخاص جاء بشرط خاص به يحدد كيف سيتوقف عن استخدام الكهرباء الإيرانية”.

وأضافت “من أجل الحصول على هذا الاستثناء، قدم العراقيون نوعا من خارطة طريق”. ومن بين الطرق التي يمكن أن يحل بها أزمته استثمار الغاز الذي يحرق خلال استخراج النفط والذي يمثل وفقا للبنك الدولي خسارة سنوية تبلغ نحو 2.5 مليار دولار، وهو ما يكفي لسد الفجوة في توليد الطاقة من الغاز في العراق.

وقد تساعد الشركات الأميركية في ملء الفراغ الذي تركته إيران، ففي يناير الماضي، وقع العراق مذكرة تفاهم مع شركة الطاقة الأميركية “أوريون” بشأن استغلال الغاز في حقل نفطي جنوبي. ووقع العراق مذكرة مع شركة جنرال إلكتريك الأميركية الشهر الماضي، لإصلاح قطاع الكهرباء، بعد توقيع اتفاقية مماثلة مع شركة سيمنز الألمانية.

1300 ميغاواط يشتريها العراق من إيران بشكل مباشر فضلا عن استيراد الغاز لتشغيل مصانعه

وقال مصدر في القطاع إن “شركة جنرال إلكتريك هي واحدة من عدة شركات أميركية تم اقتراحها على بغداد في سياق المفاوضات مع الولايات المتحدة”. لكن كان على العراق أن يطمئن طهران في نفس الوقت من خلال منحها متنفسا للالتفاف على العقوبات الأميركية.

وقالت يونس “التركيز بالنسبة للإيرانيين يتعلق بنشاط غير رسمي لكسر العقوبات في العراق بما في ذلك الوصول إلى العملة الصعبة من خلال التبادلات العراقية وعبر عمليات تهريب”.

وتوقعت أن تقوم بغداد “بغض النظر”. وفي الوقت ذاته كان العراق يمنح المسؤولين الإيرانيين المزيد من الوقت لعقد لقاءات مباشرة، بما في ذلك السفير أيراج مسجدي. وبالنسبة لمسجدي كانت الاجتماعات على ما يبدو تذكيرا بدور إيران في العراق، وقال “نحن بحاجة للعراق كما هو بحاجة لنا”.

10