إعصار دانيال يسلط الضوء على ضعف البنية التحتية في شرق ليبيا

طرابلس - كشف الإعصار الذي شهده شرق ليبيا ضعف البنية التحتية للبلاد، وسط تشكّيات المواطنين من سوء الخدمات اليومية على غرار قطاعات الكهرباء والطاقة والنقل والمياه والصحة والتعليم.
وتسبب الإعصار في غرق الشوارع الرئيسية ومنازل عدة للمواطنين الليبيين، وأظهرت صور متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي آثار مياه الأمطار التي غمرت شوارع منطقة سوق الجمعة، والطريق السريع في طرابلس.
وقالت مصادر طبية، الاثنين، إن إعصارا قويا قادما من البحر المتوسط اجتاح شرق ليبيا وألحق أضرارا بعدد من المنازل والطرقات.
مدير شركة المياه والصرف الصحي يقول إن البلدية تعاني من نقص حاد في سيارات الدفع الرباعي لنجدة العالقين وإنها تملك سيارة واحدة لشفط المياه
وفي حين تحدثت تقارير عن بلوغ عدد القتلى 150، قال رئيس الحكومة الموازية أسامة حماد إن العدد تجاوز 2000 قتيل.
وطلب عضو المجلس البلدي بدرنة شرقي ليبيا أحمد امدور تدخّلا دوليا عاجلا لإنقاذ المدينة التي تعرضت إلى دمار واسع جراء الفيضانات والسيول التي تسببت فيها العاصفة “دانيال”.
وتحدث امدور عن “غرق الكثير من المناطق السكنية، وانهيار بعض المباني”، بالإضافة إلى انجرافات البنية التحتية، وخسائر كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة، وفق مقطع فيديو شاركته صفحة المجلس على موقع فيسبوك، الاثنين، بحسب موقع “بوابة الوسط” الإخباري الليبي.
وأضاف امدور “نحتاج إلى تدخل دولي عاجل. درنة أصبحت مدينة منكوبة”، مشيرا إلى الحاجة إلى فتح ممرات بحرية عاجلة، وذلك لأن الممر البري الوحيد إلى المدينة انقطع بعدما تضرر بشكل بالغ من العاصفة.
من جانبه، أكد المجلس البلدي بدرنة انهيار سدين في المدينة، حسب منشور مقتضب بصفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وأفاد مدير شركة المياه والصرف الصحي عضو لجنة الأزمة ونيس بوعبدالجليل، الاثنين، أنه تم إحصاء ثماني حالات وفاة في بلدية شحات جراء السيول والفيضانات التي ضربت المدينة بسبب العاصفة المتوسطية.
وأكد في تصريح لوسائل إعلام محلية أن إمكانيات البلدية لا تستطيع مواجهة الأضرار الكبيرة التي خلفتها العاصفة المتوسطية.
وأضاف بوعبدالجليل أن الوضع سيء للغاية وأن البلدية تعاني من نقص حاد في سيارات الدفع الرباعي لنجدة العالقين وفي سيارات شفط المياه، مشيرا في هذا الصدد إلى أن “للبلدية سيارة واحدة لشفط المياه”.
وبعد عقود من الإهمال، والأضرار الناجمة عن الصراعات السياسية والعسكرية الأخيرة، تحتاج ليبيا إلى استثمارات كبيرة لتوفير بُنَى تحتية اقتصادية واجتماعية تليق بمجتمع متحضّر.
ويقول مراقبون إنه من أجل ضمان إعطاء الأولوية لمشاريع البُنَى التحتية، وضمان إكمالها بنجاحٍ، وحصولها على أكبر قدر من الدعم الوطني، ينبغي إعادة تقييمها على نحو دقيق وربطها بأولويات التنمية في البلاد.
ووصلت فرق جهاز الإسعاف والطوارئ من الساحل الغربي والمنطقة الوسطى وطرابلس، الاثنين، إلى مدينة بن جواد شرق رأس لانوف.
وانطلقت الفرق منذ الساعات الأولى باتجاه المدن والأماكن المتضررة في المنطقة الشرقية جراء السيول والفيضانات، حسب بيان الجهاز على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وأعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد درنة “مدينة منكوبة”، بعد الأضرار التي لحقت بها جراء العاصفة “دانيال”.
ووجهت الحكومة الجهات المعنية جميعها باتخاذ التدابير والإجراءات الاستثنائية اللازمة للتعامل مع الأوضاع المترتبة على ذلك، بما فيه حماية سكان المدينة من أخطار العاصفة والانجرافات وغيرها، ومساعدتهم على تجاوز آثارها.
وقال عميد بلدية البيضاء صفي الدين هيبة، الأحد، إن الأوضاع خرجت عن السيطرة جراء السيول في المدينة، داعيا كل السلطات في ليبيا إلى التدخل العاجل لـ”إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.
وطالب هيبة “كل الحكومات والمسؤولين بالتدخل العاجل”، محملا إياهم المسؤولية كاملة تجاه الأرواح داخل البلدية، وداعيا المواطنين إلى البقاء داخل منازلهم، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، والأجهزة الأمنية والخدمية جميعها إلى المساعدة في إنقاذ العالقين جراء الفيضانات والسيول التي اجتاحت المدينة.
وقال أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي في تصريح إعلامي إن سبعة جنود فقدوا. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصا يقفون على أسطح سياراتهم بينما يسعون للحصول على المساعدة بعدما تقطعت بهم السبل بسبب السيول التي اجتاحت مدن بنغازي وسوسة والبيضاء والمرج ودرنة.
والعام الماضي، صُنفت ليبيا ضمن أكثر وجهات السفر خطورة في العالم، وذلك حسب موقع “ترافل ريسك ماب” الذي اعتمد في تصنيفه على عدة عوامل مختلفة أهمها مدى سيطرة الحكومة والقانون، والتهديدات الأمنية والإرهابية، والصحة العقلية للسكان، والبنية التحتية إضافة إلى فاعلية خدمات الأمن والطوارئ.
وتعتبر البنية التحتية في ليبيا غير ملائمة لتوفير الأساس لتنمية البلاد. وتركز رؤية إحياء ليبيا 2030 على إنشاء بنية تحتية حديثة ذات كفاءة وفعالية لدعم التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية، وتوفير الخدمات العامة.
وفي الماضي، كان الإنفاق يرتكز بصورة رئيسية على مناطق حضرية منتقاة مع نقصٍ واضح في سائر المناطق الحضرية والمناطق الريفية الأخرى.
وظهرت عدة فوارق واسعة في تقديم ونوعية الخدمات العامة مما تسبب في مظاهر من عدم المساواة بين المناطق والأقاليم الليبية.
وفي الوقت الذي كان من المرجح أن تجتذب المراكز الحضرية الأكثر اكتظاظا بالسكان في ليبيا الاستثمارات، فإن المراكز الحضرية الأصغر حجماً والأقل سكاناً قد تجتذب القليل من الاستثمارات في البنى التحتية والصناعة.
وسيتطلب الأمر معالجة الفوارق في البنى التحتية من خلال تطوير قدرات البلديات في التعامل مع أوجه القصور في قطاع البنية التحتية بتطبيق اللامركزية على السلطات المالية والإدارية، والتخطيط السليم للتنمية الحضرية.
وأعلنت السلطات حالة الطوارئ القصوى وأغلقت المدارس والمتاجر وفرضت حظر التجول مع وصول الإعصار إلى اليابسة يومي الأحد والاثنين.
وقال أحمد محمد وهو أحد سكان مدينة درنة “كنا نائمين، وعندما استيقظنا وجدنا المياه تحاصر المنزل. نحن في الداخل ونحاول الخروج”. ولاحقا قال إنه جرى إنقاذهم.
وأكد مهندسان يعملان في مجال النفط أن أربعة موانئ نفطية كبرى في ليبيا هي رأس لانوف والزويتينة والبريقة والسدرة، أغلقت اعتبارا من مساء السبت لمدة ثلاثة أيام.
وكان رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس قد قال الأحد إنه وجه كافة أجهزة الدولة “للتعامل الفوري” مع الأضرار والسيول في المدن الشرقية.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إنها تتابع عن كثب تطورات العاصفة وستقدم “مساعدات إغاثة عاجلة لدعم جهود الاستجابة على المستويين المحلي والوطني”.