"إعدام".. سرد تاريخي لمقاومة الجزائريين للاستعمار الفرنسي

الجزائر- يروي الفيلم القصير “إعدام” لمخرجه وكاتب السيناريو يوسف محساس قصة سكان قرية جزائرية صغيرة ومقاومتهم لاضطهادات المستعمر الفرنسي وجرائمه.
الفيلم الذي احتضنت قاعة المتحف الجزائري للسينما “سينماتيك الجزائر” العرض الشرفي الخاص به والمنتج في إطار الذكرى الستين للاستقلال عن طريق المركز الجزائري لتطوير السينما، استطاع أن يترجم فنيا شجاعة سكان إحدى القرى الجزائرية ومقاومتهم لاضطهاد المستعمر الفرنسي الذي تجسد في شخص ضابط حاقد قرر أن يطبق قوانينه المعادية للإنسانية ضد الأسرى المجاهدين ويرهب السكان العزل.
وفي قالب سردي تاريخي بسيط قدم يوسف محساس صورة مختصرة عن قرية صغيرة جميلة تطل على جبل أبيض تغطيه الثلوج، ومن خلالها انعكست بطولات الشعب الجزائري بأكمله الذي التحم ووحد الصفوف من أجل تحرير الوطن والدفاع عن شرف الأرض والسكان.
في بيئة جبلية أمازيغية زينتها المناظر الطبيعية وأهازيج النسوة وهن يحتفلن بالمولد النبوي الشريف وبأزياء وحلي تقليدية، افتتح المخرج أولى المشاهد قبل أن تتحول الصورة إلى تراجيديا حقيقية بعد أن قرر ضابط فرنسي (الممثل سيزار دومينيل) إطفاء شموع الفرحة والأمل وإدخالهم لعبة تنم عن نفسيته المريضة وذلك باستغلال 7 مجاهدين أسرى، ألقي القبض عليهم بعد محاولة الهجوم على معسكر فرنسي.
وينحدر المجاهدون من هذه القرية التي ستعيش سبعة أيام من الحزن إثر إعدام أبنائها يوميا في ساحة القرية.
وتتصاعد وتيرة القلق في العمل، حيث يقرر السكان معاقبة الضابط وإنقاد ما تبقى من الأسرى، فتخطط “لويزة” (الممثلة أميرة هيلدا دوادة) وهي زوجة مجاهد، لتضعه في نفس موقف المعدومين. حيث يحمل الفيلم تحية من المخرج لدور المرأة في الكفاح المسلح ضد المستعمر الغاشم.
اجتمعت على هذا العمل السينمائي مجموعة من الوجوه الفنية المعروفة وأخرى جديدة على غرار الفنانة ليديا لعريني التي أظهرت قدرة على تقمص دور الأم المكلومة بتعابير وجهها وحضور مقنع أمام الكاميرا، وكذلك ظهر الممثل مراد ياكور في دور مساعد الضابط الفرنسي ورشيد حبيب في دور شيخ القرية، إضافة إلى زين الدين أرحاب ورشيد بوسواليم وصليحة زهدة والكثير من الوجوه الثانوية من سكان قرية لجديد إواقوران بولاية البويرة حيث صور الفيلم.
ويعتبر هذا العمل وقفة عند محطة هامة في تاريخ الجزائر الثوري، حيث قام الجيش الاستعماري بتدمير قرية إغزر إيواقورن القديمة يوم 6 مايو 1957 وترحيل سكانها بسبب دعمهم للثورة وتم جمعهم في محتشد كان يسمى بـ”النجمة”.
وأحالت بعض لقطات الفيلم الجديد إلى مشهد “العفيون والعصا” (1969) لأحمد راشدي، حيث يجتمع سكان القرية في الساحة المركزية بالقرب من مكتب الضابط ينتظرون مصير المجاهد “علي” أمام أعين زوجته وأمه الباكية وأصوات المكبرين والزغاريد وهي تقريبا نفس الأجواء التي استعادها محساس بالاستعانة بالقدرات التصويرية لمدير التصوير الشاب رامي سكندر علوي.
كما تحدث مخرج الفيلم وطاقمه الفني والتقني عقب العرض على “أهمية منح الفرصة للشباب المبدع لتقديم أفلام حول الثورة الجزائرية وإن كان برنامج الاحتفال بستينية الاستقلال سمح بذلك على أمل أن تتكرر العملية خارج اطار المناسباتية”.
يذكر أن المخرج يوسف محساس أحد المخرجين الجزائريين الشباب، التحق بالمعهد العالي لفنون العرض والسمعي البصري تخصّص إخراج سنة 2008، وبعد أربع سنوات من التكوين، عمل كمساعد مخرج، ولديه عدد من الأفلام بعضها إنتاج ذاتي والآخر مدعوم من وزارة الثقافة الجزائرية.