إعادة هيكلة شاملة في "الحرة" مع بقاء المهمة الإعلامية في الشرق الأوسط

أكدت شبكة الشرق الأوسط للإرسال المالكة لقناة الحرة الانتهاء من عملية إصلاح شاملة تضمنت تسريح موظفين وتقليص نفقات مؤكدة في نفس الوقت أن مهمتها الإعلامية لم تتغير، في تقديم محتوى يروي قصة التجربة الأميركية.
واشنطن - أعلنت “شبكة الشرق الأوسط للإرسال ‘أن.بي.إن’ الأميركية اكتمال إعادة الهيكلة في إطار عملية إصلاح شاملة، ضمن خطتها الموجهة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تركز على تغطية إخبارية تتناسب مع التوجه الأميركي ورؤيته في المنطقة، وتضمنت الخطة تسريح 160 من العالمين لديها وإغلاق قناة “الحرة-عراق”.
وتقدم الشبكة التي تضم قناة “الحرة”، و”الحرة-عراق” وراديو “سوا” تغطية مكثفة للقضايا الراهنة وأكثرها حساسية لدى الجمهور العربي مع اهتمام بشرح السياسيات الأميركية تجاه المنطقة وتبريرها وتسليط الضوء على الجوانب المتعددة لجهود البيت الأبيض في حل أزمات الشرق الأوسط.
وقالت الشبكة إنها قامت بتطوير منصاتها التلفزيونية والرقمية، وتعزيز محتواها، وتحديث أساليب عملها بهدف الاستجابة لتطلعات جمهورها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومواكبة التغيرات المستمرة في عالم الإعلام الحديث.
ويبدو التباين جليا في تناول منصات الشبكة الموجهة للجمهور العربي عن باقي وسائل الإعلام الأميركي، إذ تحرص الشبكة على مراعاة الحساسية العربية في هذا الجانب وكثيرا ما تضمنت التقارير الإخبارية اهتماما بوجهة نظر شعوب المنطقة التي لا تتطرق إليها عموما المنصات الغربية، دون أن تتجاهل الشبكة بطبيعة الحال إتاحة مساحة واسعة للجانب الآخر من القصة الذي يتعلق بإسرائيل ومسؤوليها.
صحافيون في مكتب الحرة ببغداد تحدثوا عن وصول رسائل رسمية من إدارة الشبكة في واشنطن بإنهاء عقود جميع العاملين في العراق عدا العاملين في إقليم كردستان
وأوضح جيفري غدمن، أن هذه الخطوات ستعزز رشاقة ‘أن.بي.إن’ وفاعليتها ومرونتها، وتزيد من قدراتها على تقديم محتوى إعلامي يلبي حاجات الجمهور واهتماماته، ويتواءم مع التوجهات المستقبلية لصناعة الإعلام.
وأكد أن رسالة “شبكة الشرق الأوسط للإرسال” ومهمتها الإعلامية لم تتغير، “وتتلخص في تقديم محتوى يروي قصة التجربة الأميركية، بالإضافة إلى قضايا حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومواجهة حملات التضليل الإعلامي التي تمارسها إيران وروسيا والصين في المنطقة”.
وأضاف “أن الشبكة ستزيد تغطيتها الميدانية المعمقة للأحداث، مع تركيز أكبر على الصحافة الاستقصائية والصحافة التوضيحية وصحافة الحلول، وستقدم نموذجاً يُحتذى به بالنسبة للمعايير الصحفية والمهنية”.
وتشمل خطوات إعادة الهيكلة تقليصاً في المقر العام للشبكة في مدينة سبرينغفيلد بولاية فيرجينيا الأميركية، وتقليص عدد مكاتب الشبكة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مقابل زيادة حضور المراسلين على الأرض.
وأوضح غدمن أن التغييرات “فرضتها علينا الظروف. استدعت تخفيضات الميزانية التي أقرها مجلس الشيوخ تقليص مصاريف الشركة بنحو 20 مليون دولار. حيث تشكّل رواتب ومزايا الموظفين أكثر من 70 في المئة من مصاريف المؤسسة”. وجاء في رسالة غدمن إلى الموظفين “إنه يوم حزين، اليوم ودعنا 160 زميلة وزميلا، وخفضنا عدد موظفينا بنسبة 21 في المئة”.
ونوه “بدأنا عملية الإصلاح وإعادة الهيكلة هذا الصيف بتسريح أربعة من كبار المسؤولين التنفيذيين وأكثر من ستة من زملائنا المدراء من المستوى المتوسط، واصلنا عملية الإصلاح، وخلال الشهر الماضي أعدنا هيكلة القسم الرقمي”.
وتابع “كل أقسام الشركة خضعت للمراجعة دون استثناء. ونحن إذ نتخلص من المكاتب التقليدية مثلاً، فإننا نتبع في ذلك توجهاً مهنياً شائعاً، ولن نضطر بعد الآن لدفع الإيجارات والفواتير وتكاليف الأمن والتنظيف، وما يتبعها من الرسوم القانونية والإدارية والضريبية. ومن خلال إعادة التفاوض مع الشركة التي نستخدمها للترجمة الفورية سنخفض النفقات لتتناسب مع واقعنا المالي الجديد. وفرنا حتى في أبسط المصاريف، وألغينا كذلك ميزانية التسويق”.
إعادة الهيكلة تشمل تقليص عدد مكاتب الشبكة في المنطقة والعاملين فيها مقابل زيادة حضور المراسلين
كما ستتضمن هذه الخطوات دمج قناة “الحرة-عراق” في قناة “الحرة” لتصبح قناة واحدة بحلة جديدة، مع التركيز على بناء علاقة حيوية مع جمهور الشباب في المنطقة. وستركز هذه الخطوات على تأسيس ثقافة جديدة للشبكة تقوم على التعلم والتطور المستمر، في بيئة عمل إيجابية، تحث على الإبداع والنمو المهني.
وقال غدمن “لطالما أذهلني مدى الإخلاص والشغف والموهبة لدى العاملين في “شبكة الشرق الأوسط للإرسال”. ومع بداية هذه الخطوات الجديدة، نجدّد التزامنا بتقديم محتوى إعلامي راق مستند إلى أعلى المعايير الصحفية العالمية، يركز على المواضيع التي يتم تجاهلها أو تغطيتها بشكل غير دقيق”.
من جهته، عبر السفير راين كروكر، القائم بأعمال مجلس إدارة الشبكة عن فخره بكونه جزءاً من “شبكة الشرق الأوسط للإرسال”. وقال إن “هذه التغييرات المهمة ستتيح لنا التوسع وتكثيف تغطيتنا للولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقديم محتوى إعلامي مؤثر”. وأضاف “بأن ما يحدث في المنطقة بالغ الأهمية للأمن القومي الأميركي والقيم الأميركية، بما فيها التسامح والتعددية والمساءلة الديمقراطية.
وشبكة “الشرق الأوسط للإرسال” مؤسسة إعلامية غير ربحية تأسست عام 2004 تمولها الحكومة الأميركية من خلال هبة مقدمة من الوكالة الأميركية للإعلام الدولي وهي وكالة فيدرالية تعمل على حماية الاستقلالية والنزاهة المهنية لإعلاميي المؤسسة. وتقول إنها تهدف إلى تقديم أخبار ومعلومات موضوعية ودقيقة ونقل صورة حقيقية عن الولايات المتحدة وسياساتها وعن الشعب الأميركي. وتسعى إلى التواصل مع شعوب المنطقة دعما للحريات العالمية.
وكانت الشبكة في عام 2018 قد اتخذت أكبر عملية تطوير شهدتها منذ تأسيسها عام 2004، وأطلت على مشاهديها بوجوه جديدة ومضمون مختلف وجدول غني بالأخبار والبرامج الجريئة.
ولمواكبة الأحداث في الشرق الأوسط خصصت قناة “الحرة” نشرات أخبار لكل منطقة، منها نشرتان يوميتان مكرستان لشمال أفريقيا، ونشرة للولايات المتحدة.
الخطوات ستعزز فاعلية ‘أن.بي.إن’ وتزيد من قدراتها على تقديم محتوى إعلامي يلبي حاجات الجمهور واهتماماته
وسبق أن اصطدمت مع رجال الدين في العراق بعد أن تطرقت لقضايا الفساد وواجهت حملة شرسة، حيث بثت تحقيقاً تلفزيوني عبر شاشة قناة “الحرة-عراق” حمل عنوان “أقانيم الفساد المقدس في العراق”، عن موضوع الأموال والفساد داخل مؤسستي الوقف السنية والشيعية، إضافة إلى طرحه تساؤلات كثيرة حول مصير الأموال الضخمة التي تديرها الشخصيات والمؤسسات في المراقد والمزارات الدينية بمحافظة كربلاء ما اشعل الخصومة مع شخصيات وجهات برلمانية ودينية عراقية.
وقالت بعض الاتجاهات الصحافية في بغداد أن “الحملة ضد قناة الحرة لا تخرج عن إطار الصراع المحتدم بين واشنطن وبغداد، باعتبار أن بعض الجهات الحليفة لإيران استثمرت ذلك في إطار عدائها للولايات المتحدة وحرضت ضد التقرير الصادر عن مؤسسة أميركية”.
وفي عام 2020 أسدلت قناة “الحرة-عراق” “الستار على رحلة عمل امتدت لنحو 15 عاماً من العمل الميداني في العراق الذي رافق وارتبط بغالبية الأحداث السياسية والأمنية والاجتماعية التي حدثت في العراق بعد إطاحة نظام صدام حسين عام 2003. وجاء قرار تسريح العاملين في مكتب بغداد من محررين ومصورين وكوادر فنية يزيد عددها على المائة؛ خوفاً من احتمال تعرضها لهجمات مسلحة، استناداً إلى إدارة القناة في واشنطن.
وتحدث صحافيون في مكتب الحرة ببغداد عن وصول رسائل رسمية بالبريد الإلكتروني من إدارة الشبكة في واشنطن بإنهاء عقود جميع العاملين في العراق عدا العاملين في إقليم كردستان. وأكد رئيس الشبكة حينها ألبرتو فرنانديز، أنها اتخذت حزمة إجراءات وقائية في العراق إثر ورود معلومات عن احتمال تعرض مكاتب (الحرة) في بغداد إلى هجمات.
وأعلنت في بيان “اتخاذ إجراءات سريعة لإعادة هيكلة عملها الميداني في العراق؛ نظراً لتردي الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد، وفي إطار حرصها على سلامة طواقمها”. وتعليقاً على البيان، قال فرنانديز، إن “الشبكة تلقت معلومات جدية عن احتمال شن الميليشيات هجوماً على مكتب (الحرة) في بغداد، الذي لا تتمتع بالحماية التي تتمتع بها البعثات الدبلوماسية”.