إعادة هيكلة الجهاز الحكومي ضمن الأولويات الإصلاحية في الكويت

هدفان متكاملان لإصلاح الجهاز الحكومي في الكويت: الرفع من أدائه وكفاءته وتخفيف عبئه المالي عن موازنة الدولة.
الثلاثاء 2025/02/11
جميع  الإدارات ليست سواء في مستوى أدائها

الكويت- تضع السلطات الكويتية إصلاح الجهاز الحكومي ضمن بنود البرنامج الإصلاحي الشامل الذي يراد تنفيذه في البلد استنادا إلى إجراءات صارمة كان الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح قد اتّخذها تسهيلا لعملية اتخاذ القرار وضمانا لسلاسة تطبيقه، وتمثّلت بالتعليق المؤقت للعمل ببنود في الدستور وحلّ مجلس الأمّة (البرلمان) الذي كثيرا ما اتخذت منه المعارضة منبرا لعرقلة الإصلاحات وتعطيلها لأسباب وذرائع شعبوية في أغلبها.

ويراد من الإصلاحات المطلوبة لأجهزة الحكومة وإداراتها تحقيق هدفين متلازمين ومتكاملين يتمثل أحدهما في إحكام عملها والارتقاء بأدائها وفاعليتها ويتمثّل الثاني في الحدّ من ترهلها وتخفيف عبئها المالي عن موازنة الدولة.

أحمد عبدالله الأحمد الصباح: التحديات العالمية المتسارعة والمتغيرة تتطلب وضع خطط مستقبلية للارتقاء بالعمل الحكومي
أحمد عبدالله الأحمد الصباح: التحديات العالمية المتسارعة والمتغيرة تتطلب وضع خطط مستقبلية للارتقاء بالعمل الحكومي 

وعلى مدى سنوات طويلة عانى القطاع الحكومي الكويتي بمختلف إداراته وأجهزته من كثرة أقسامه وتفريعاته بشكل وصل حدّ التكرار والتداخل في عمل بعضها، كما عانى من كثرة منتسبيه بشكل فائض عن الحاجة في بعض الأحيان ما خلق حالة من عدم التناسب بين أدائه وإنتاجه الفعلي والمخصصات المالية الضخمة التي ترصد له من موازنة الدولة التي تعتمد في مواردها على عوائد النفط.

وجدّد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح اهتمام حكومته “بإعادة هيكلة الجهاز الحكومي ليكون أكثر اتساقا مع متطلبات بناء مجتمع رقمي وتعزيز النزاهة وتطوير بيئة العمل والاستثمار في رأس المال البشري وتنفيذ البلاد لخططها التنموية بكفاءة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.”

وقال بمناسبة مشاركته في القمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي بدولة الإمارات العربية المتّحدة إنّ “التحديات العالمية المتسارعة والمتغيرة تتطلب وضع خطط مستقبلية للارتقاء بالعمل الحكومي وتوثيق التعاون بين حكومات العالم بما ينعكس إيجابا على جودة حياة الشعوب ومستوى الخدمات المقدمة ومعدل كفاءة وإنتاجية الحكومات في مختلف الدول.”

ويدعم كلام الشيخ أحمد العبدالله ما تمّ الكشف عنه قبل أيام في الكويت بشأن توجه بصدد الدراسة نحو عملية إصلاح هيكلية تشمل مختلف الوزارات وتتمثّل بعض بنودها في “دمج إدارات وقطاعات وإلغاء أخرى متشابهة الاختصاص ونطاق العمل داخل كل وزارة.”

وقالت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر مطلعة إن ذلك التوجّه يأتي “ضمن تحرك حكومي أشمل لترشيق الهياكل الإدارية في الدولة”.

ونقلت صحيفة “الرأي” المحلية عن ذات المصادر قولها إنه لا يوجد رقم محدد مستهدف بالتقليص حيث تختلف هذه الحاجة من وزارة إلى أخرى ومن جهة إلى جهة، مبينة أن المؤشر العام لهذا التوجه هو أن كل جهة تقدّر احتياجاتها الحقيقية من القطاعات التي لديها ودمج المتشابهة منها في مسعى لتفادي تكرار الاختصاصات والتركيز على إيجاد آلية عمل أفضل تزيد الكفاءة وتقلل التكلفة على المال العام.

◄ نورة الفصام أعلنت عن استعداد بلادها لطرق أبواب أسواق الدين العالمية مرة أخرى
◄ نورة الفصام أعلنت عن استعداد بلادها لطرق أبواب أسواق الدين العالمية مرة أخرى

وأوضحت المصادر أن الدراسات الأولية التي تجريها بعض الوزارات في هذا الشأن لتحديد مدى مناسبة عدد قطاعاتها لاحتياجاتها الفعلية أظهرت مؤشرات أولية غير محسومة تشير إلى إمكانية تقليص هيكل قطاعات بعض الجهات منوهة إلى أنه لا يوجد تطبيق إجرائي موحد في جميع الوزارات بهذا الخصوص حيث يخضع قرار التقليص إلى مدى وجود إدارات متكررة النشاط والحاجة الحقيقية للتقليص.

وفي أولى الخطوات التنفيذية للتوجه الإصلاحي كشفت المصادر عن موافقة مجلس الخدمة المدنية على مقترح وزارة الشؤون الاجتماعية بدمج إدارة التخطيط والمتابعة مع إدارة التطوير الإداري باعتبارهما من الإدارات متشابهة الاختصاص ونطاق العمل.

ويعتبر متابعون للشأن الكويتي أنّ ما يتم رصده من محاولات لتسريع وتيرة الإصلاح وتوسيع مداه في الكويت هو بمثابة محاولة لتدارك ما تمت إضاعته من وقت على مدى سنوات ماضية كان الإصلاح مطروحا خلالها بشدّة لكنّه كان دائما يصطدم بخلافات السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ويلفت هؤلاء إلى أن الإصلاح في الكويت لم يعد ترفا بقدر ما أصبح ضرورة تمليها على وجه الخصوص الظروف الاقتصادية والمالية التي لم تعد تسمح بهامش أكبر من السخاء والإسراف في الإنفاق الحكومي ما يجعل مالية الدولة تحت التهديد الدائم لتقلبات سوق النفط وتذبذب أسعار الخام.

وأعلنت وزيرة المالية الكويتية نورة الفصام، الاثنين، عن استعداد بلادها لطرق أبواب أسواق الدين العالمية مرة أخرى. وجاء ذلك بعد أن كانت الكويت قد أصدرت آخر سندات لها في عام 2017، قبل أن تتعطل عملية إقرار قانون الدين العام الذي من شأنه أن يسمح لها بالعودة إلى أسواق الدين بسبب أزمات داخلية بين البرلمانات والحكومات المتعاقبة.

ولم يعد هذا العائق قائما في الوقت الحالي بعد قرار أمير البلاد في مايو الماضي بحل البرلمان وتعليق العمل بمواد في الدستور وذلك لفترة زمنية محدّدة لا تزيد عن أربع سنوات يُتوقّع أن يتم خلالها إجراء العديد من التغييرات والإصلاحات الهامة.

3