إعادة فتح بحيرة قارون تبث التفاؤل بين الصيادين المصريين

الفيوم (مصر)- بثت إعادة فتح بحيرة قارون التفاؤل بين الصيادين المصريين الذين يحاولون تدارك ما فاتهم بعد سنوات من الإغلاق بسبب التلوث والانهيار البيئي.
ويشكل فتح البحيرة الواقعة في محافظة الفيوم جنوب البلاد أمام صيد الأسماك أخيرا فرصا اقتصادية مهمة للمجتمعات المحلية المحيطة بها.
ومثلت هذه الخطوة بالنسبة إلى علي عمر، وهو صياد يقطن إحدى قرى الفيوم، عودة إلى نشاط طال انتظاره، حيث ترك الشاب البالغ من العمر 26 عاما وظيفته كعامل بناء في ليبيا من أجل العودة إلى شغفه بالصيد في البحيرة الذي مارسه منذ نعومة أظافره.
وقبل نحو تسع سنوات أدى التلوث الشديد والغزو المدمر لطفيليات الإيزوبودا إلى تدمير مخزون الأسماك في البحيرة، وهو ما أجبر السلطات على إغلاقها، ما تسبب في إغراق المجتمعات المحيطة في صعوبات اقتصادية.
إعادة فتح البحيرة للصيد يمكن أن تعيد الصيادين إلى قراهم، وتولد نموا اقتصاديا كبيرا للفيوم، حيث يعد الصيد مصدرًا أساسيًا للدخل
وإدراكا للأهمية البيئية والاقتصادية للبحيرة، أطلقت الحكومة برنامجا لإعادة التأهيل، حيث تعاون العلماء والمدافعون عن البيئة للقضاء على التلوث والطفيليات واستعادة النظام البيئي الدقيق للبحيرة التي تبلغ مساحتها 55 ألف فدان.
وفي الشهر الماضي أعلنت الحكومة أن البحيرة، التي كانت ذات يوم مصدرا غنيا للعديد من أنواع الأسماك، قد أعيد تأهيلها بالكامل وأصبحت جاهزة لاستقبال الصيادين، ما جلب أخبارا سارة لعمر وأبناء بلدته.
وقال عمر وهو يرسو بقاربه الخشبي الصغير على شاطئ البحيرة لوكالة شينخوا “كنت أمارس صيد الأسماك في هذه المياه منذ أن كنت طفلاً،” مشيرًا إلى أن البحيرة المعاد تنشيطها تعد بفصل جديد للصيادين المحليين وتعزيز اقتصاد المنطقة.
وأوضح أن إغلاق البحيرة لفترة طويلة دفع القرى المحيطة إلى التعرض لصعوبات اقتصادية دامت أكثر من ثماني سنوات؛ حيث واجه الآلاف من السكان، الذين اعتمدوا في السابق على صيد الأسماك وبيعها، شبح البطالة.
ويبلغ إنتاج مصر من المصايد الطبيعية التي تشمل البحيرات والنيل حوالي 400 ألف طن، فيما يصل الإنتاج السنوي الإجمالي، بما يشمل البحرين الأحمر والمتوسط، إلى قرابة مليوني طن سنويا منها 1.6 مليون طن من الاستزراع السمكي.
وذكر أحمد عادل، وهو صياد آخر من الفيوم، في تصريحات لوكالة شينخوا أن الكثير من الصيادين المحليين تحولوا إلى الزراعة والبناء أو هاجروا إلى الدول المجاورة بحثًا عن عمل “لكسب لقمة العيش”، خلال إغلاق البحيرة.
مصر تتصدر دول أفريقيا والثالثة عالميا في إنتاج سمك البطلي، والسادسة على مستوى العالم في إجمالي إنتاج الصيد البحري
وأشار إلى أن هذا النزوح “لم يعطل سبل العيش فحسب، بل أدى أيضًا إلى كسر تقليد راسخ في هوية المجتمع الذي لا يعتبر صيد الأسماك مهنة تتوارثها الأجيال.”
وقال الشاب البالغ من العمر 25 عاما إن “إعادة فتح البحيرة للصيد يمكن أن تعيد الصيادين إلى قراهم، وتولد نموا اقتصاديا كبيرا للفيوم،” حيث يعد الصيد مصدرًا أساسيًا للدخل.
وفي حفل افتتاح موسم الصيد في بحيرة قارون مطلع نوفمبر الماضي، أشاد محافظ الفيوم أحمد الأنصاري بإحياء البحيرة واستعادة توازنها البيئي، مؤكدا أن الجهود المكثفة التي تبذلها الحكومة من شأنها أن تدعم البحيرة كمصدر دخل للصيادين وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي لمصر. وأوضح أنه تتم حاليًا مراقبة جودة المياه والحالة العامة للبحيرة عن كثب من خلال التقييمات الأسبوعية للمؤشرات الرئيسية.
ولزيادة عدد الأنواع السمكية في البحيرة، تم إطلاق 6 ملايين زريعة جمبري، مع خطط لرفع هذا العدد إلى 20 مليونا في المستقبل القريب، بحسب الأنصاري. وكشف المحافظ أن الحكومة تخطط لإدخال مجموعة متنوعة من أنواع الأسماك والقشريات إلى البحيرة لتعزيز التنوع البيولوجي والإنتاجية فيها.
وتشير الإحصائيات إلى أن مصر تتصدر دول أفريقيا والثالثة عالميا في إنتاج سمك البطلي، والسادسة على مستوى العالم في إجمالي إنتاج الصيد البحري. وتقول الحكومة إن القطاع السمكي، الذي بات في السنوات الماضية محور تركيز من الدولة لتأمين غذاء السكان، يساهم بحوالي 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.