إعادة رفات أميركيين قتلهم داعش بسوريا ورقة قطر لتحسين صورتها

التحرك القطري يستبق جولة ترامب، فيما يمثل نجاح مهمة الرهائن ورقة لإقناع واشنطن برفع العقوبات عن دمشق، وإعادة سوريا إلى التفاعلات الدولية.
السبت 2025/05/10
العثور على رفات ثلاثة من ضحايا داعش دون تحديد هويتهم

دمشق - كشف مصدران مطلعان عن بدء بعثة قطرية البحث عن رفات رهائن أميركيين قُتلوا على يد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا منذ 10 سنوات، مما أحيا جهودا قائمة منذ فترة طويلة لاستعادة رفاتهم.

ويحمل نجاح هذه المهمة في طياته ما هو أبعد من الكشف عن مصير الرهائن، فهو يمثل ورقة بيد الدوحة في سعيها لإقناع واشنطن برفع العقوبات المفروضة على دمشق، فإنجاز هذا الملف الشائك، الذي وضعته الإدارة الأميركية ضمن شروطها لأي تقارب محتمل، قد يفتح نافذة نحو تخفيف القيود الاقتصادية، معيدا سوريا إلى مدار التفاعلات الدولية.

ويرى مراقبون أن هذه الجهود القطرية قد تتجاوز الجانب الإنساني البحت، لتشمل أبعادا سياسية تهدف إلى تعزيز دور قطر الإقليمي، وتوطيد علاقاتها مع واشنطن، وربما التأثير في ملفات إقليمية معقدة، بما في ذلك الوضع في سوريا.

ويشير المراقبون إلى أن قطر تراهن على ملف رفات الأميركيين كأداة محتملة لتحسين صورتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، ففي ظل سعي الدوحة لتعزيز دورها كفاعل إيجابي في المنطقة وتوطيد علاقاتها مع القوى الغربية.

وتسعى قطر من خلال قيادة هذه المهمة، إلى كسب تقدير واشنطن وحلفائها، وتجاوز بعض الانتقادات التي وُجهت إليها في السابق بشأن ملفات أخرى وفي مقدمتها وساطتها في مفاوضات وانحيازها إلى حركة حماس.

وقطع تنظيم الدولة الإسلامية، الذي سيطر على مساحات شاسعة من سوريا والعراق في ذروة قوته بين عامي 2014 و2017، رؤوس العديد من الأشخاص في الأسر، منهم رهائن غربيون. ونشر مقاطع فيديو لعمليات القتل.

وقال المصدران إن مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية بدأت عملية البحث الأربعاء برفقة عدد من الأميركيين. وأضافا أن المجموعة، التي أرسلتها الدوحة إلى مناطق الزلازل في المغرب وتركيا في السنوات القليلة الماضية، عثرت حتى الآن على رفات ثلاثة أشخاص.

وذكر أحد المصدرين -وهو مسؤول أمني سوري- أنه لم تحدد بعد هويات الأشخاص الذين عثر على رفاتهم. وقال المصدر الثاني إنه لم يتضح بعد إلى متى ستستمر المهمة.

ولم يصدر تعليق حتى الآن من وزارة الخارجية الأميركية.

وتتزامن المهمة القطرية مع استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقيام بجولة في منطقة الشرق الأوسط تشمل قطر والسعودية والإمارات هذا الأسبوع، بالإضافة إلى ذلك، تأتي هذه الخطوة في وقت يسع الحكام الإسلاميين في سوريا، وهم حلفاء مقربون من قطر، إلى تخفيف العقوبات الأميركية.

وقال المصدر السوري إن البعثة ركزت في البداية على البحث عن رفات عامل الإغاثة بيتر كاسيغ الذي قطع تنظيم الدولة الإسلامية رأسه في دابق بشمال سوريا في عام 2014. وقال المصدر الثاني إن رفات كاسيغ من بين الذي يأملون في العثور عليه.

وكان الصحفيان الأميركيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف من بين الرهائن الغربيين الآخرين الذين قتلهم تنظيم الدولة الإسلامية. وتأكدت وفاتهما في عام 2014.

كما قُتلت عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر في الأسر لدى تنظيم الدولة الإسلامية. وقال مسؤولون أميركيون إنها تعرضت للاغتصاب مرارا على يد زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادي قبل وفاتها التي تأكدت في عام 2015.

وقالت ديان فولي والدة جيمس فولي "نحن ممتنون لكل من يشارك في المهمة ويخاطر بحياته في ظروف ما لمحاولة العثور على رفات جيم (جيمس) والرهائن الآخرين... نشكر جميع المشاركين في هذا الجهد".

ولم يرد أفراد عائلات الرهائن الآخرين، الذين تم الاتصال بهم عبر لجنة حماية الصحافيين، بعد على طلبات للتعليق.

وتمكنت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وقوات أخرى من طرد المتشددين في نهاية المطاف من المنطقة التي أعلنوا فيها دولة الخلافة.

وقال أحد المصدرين إن خطط المهمة القطرية نوقشت خلال زيارة إلى واشنطن في أبريل أجراها رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ووزير الدولة بوزارة الخارجية محمد الخليفي، وهي زيارة كان هدفها أيضا التحضير لزيارة ترامب إلى قطر.

وأفاد مصدر آخر مطلع على المسألة بأن الإدارات الأميركية المتعاقبة التزمت منذ فترة طويلة بالعثور على رفات الأميركيين القتلى، وإن هناك جهودا سابقة متعددة "مع مسؤولين حكوميين أميركيين على الأرض في سوريا للبحث في مناطق محددة للغاية".

ولم يذكر المصدر تفاصيل، لكن الولايات المتحدة نشرت مئات الجنود في شمال شرق سوريا، وواصلوا ملاحقة فلول تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال المصدر المطلع إن رفات كاسيغ وسوتلوف وفولي كان على الأرجح في المنطقة العامة نفسها، وإن دابق كانت واحدة من "المواقع المركزية" لتنظيم الدولة الإسلامية، كونها وردت في حديث للنبي محمد.

وأضاف المصدر أن قضية مولر تختلف في أنها كانت في أسر البغدادي.

ويقضي اثنان من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية، وهما مواطنان بريطانيان سابقان كانا جزءا من خلية قطعت رؤوس رهائن أميركيين، حكما بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة.

وخاض الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي تولى السلطة بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر كانون الأول، معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية عندما كان زعيما لجماعة متشددة أخرى، وهي جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، خلال الحرب السورية. وقطع الشرع علاقاته مع تنظيم القاعدة في 2016.