إعادة انتخاب إبراهيم غالي زعيما لجبهة بوليساريو

التدخل الجزائري كان حاسما لصالح غالي على حساب منافسه مصطفى السيد.
الأحد 2023/01/22
الشيخوخة تضرب جسد التنظيم الانفصالي

مثلما كان متوقعا، حسم التدخل الجزائري زعامة جبهة بوليساريو لصالح إبراهيم غالي في ظل غياب الثقة في منافسه البشير مصطفى السيد الذي يبدو أن الجزائر لم تنس له زلته في العام 2002، حينما عرض على مسؤولين أميركيين إنشاء قاعدة عسكرية مقابل الاعتراف بالكيان الانفصالي.

الجزائر - أعادت جبهة بوليساريو انتخاب إبراهيم غالي زعيما لها، وذلك في ختام أعمال مؤتمرها العام الذي جرى تمديده لمرتين بفعل خلافات وانقسامات شديدة حول المنصب، قبل أن يحسم التدخل الجزائري المسألة لصالح غالي على حساب منافسه بشير مصطفى السيد.

وانتخب غالي (73 عاما) لولاية جديدة مدتها ثلاث سنوات في تصويت شارك فيه 1870 مندوبا في مؤتمر افتتح في الثالث عشر من يناير في مخيم للاجئين الصحراويين على بعد 175 كيلومترا من مدينة تندوف في جنوب غرب الجزائر.

وذكرت وكالة الأنباء الصحراوية التابعة لبوليساريو أن غالي الذي يشغل منصب الأمانة العامة منذ عام 2016 حصل على 69 في المئة من الأصوات مقابل 31 في المئة لمنافسه مصطفى السيد الذي ينتمي بدوره إلى قبيلة الركيبات والذي يحظى بشعبية في صفوف الصحراويين لاسيما الشباب منهم.

ويرى مراقبون أنه رغم الإخفاقات الكثيرة التي مني بها غالي لكن الجزائر تعتبر أنه أفضل الخيارات المتاحة حاليا لقيادة الجبهة، خصوصا وأنه لا يمكنها الثقة في مصطفى السيد الذي سبق وأن اقترح على مسؤولين أميركيين في العام 2002 إقامة قاعدة عسكرية في تندوف، مقابل الاعتراف بالكيان الانفصالي، وهو ما ردت عليه الجزائر حينها بإقالته من المناصب القيادية في الجبهة، وسحب جواز سفره الدبلوماسي الجزائري، قبل أن تتدخل لفائدته قيادة بوليساريو في العام 2016.

هشام معتضد: التمديد لغالي يترجم الهشاشة التنظيمية للانفصاليين
هشام معتضد: التمديد لغالي يترجم الهشاشة التنظيمية للانفصاليين

وشهد المؤتمر، وفق ما نقلته مصادر إعلامية، فوضى كبيرة لاسيما بعد خطاب مصطفى السيد الذي عدد إخفاقات قيادة غالي على امتداد الفترة الماضية، كما انتقد استمرار تشبث “الرجل السبعيني” بولاية جديدة على رأس بوليساريو.

وحاول أنصار لغالي التدخل من أجل وقف خطاب “المرشح الثاني” بالقوة، وهو ما رد عليه مساندو مصطفى السيد بالمثل، قبل أن تتدخل أطراف أخرى يرجح أنها من الأمن الجزائري بزي مدني، لإخراج المتخاصمين وإتمام أشغال المؤتمر الذي أجل للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام.

وانتقد مصطفى السيد استمرار طموح الزعامة لدى الجيل القديم، واعدا بعدم تجاوز ولاية واحدة في حال نجاحه، كما شكلت نقطة عدم بسط التقرير المالي للمؤتمر محطة لسجال حاد طالب فيه أنصار مصطفى السيد بالوضوح.

وكان من المفترض أن تنتهي أشغال المؤتمر في السابع عشر من يناير الجاري، لكن تم تمديدها إلى غاية الجمعة بسبب تفاقم الخلافات الداخلية، في ظل معارضة عدد من المؤتمرين لولاية جديدة لغالي الذي تدعمه الجزائر بقوة.

وقدمت الجزائر شتى أنواع الدعم لغالي بعد التصدع الكبير الذي هز محيطه، حيث ساهم النظام الجزائري في توفير الأمن من خلال عناصر تابعين له لوأد أي تعبير عن الاحتجاج في محيط القاعة التي عقد فيها المؤتمر وسط أجواء من التوتر والسخط في صفوف الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف والذين يعتقدون بقوة أن العديد من قادة الجبهة يتزاحمون على المناصب من أجل مصالحهم المالية، حيث تتزايد ثرواتهم في الجزائر وأوروبا.

ويرغب كثير من سكان مخيم تندوف في التحرر من قبضة قيادة بوليساريو وسلطة الوصاية الجزائرية والانخراط في حياة طبيعية بعيدا عن النزاع المفتعل والصراعات العبثية التي يقودها غالي ومن معه.

وقال هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية إن “التمديد المتواصل يترجم الهشاشة التنظيمية للانفصاليين، والتدبير السياسي المتحكم فيه من طرف الجزائر التي تسعى بكل ثقلها لتكريس غالي على رأس الجبهة لأسباب أمنية وسياسية مرتبطة بتنفيذ مخطط تدعمه القيادة العسكرية الجزائرية في المخيمات والمنطقة”.

وأضاف معتضد في تصريحات لموقع “هسبريس” المغربي أن “هناك ارتباكا كبيرا ومفاوضات عسيرة داخل المخيمات للخروج بحل يحافظ على وحدة بوليساريو، لكن بضمانات تقليدية تتيح لجنرالات الجزائر التحكم في القرار السياسي والخيار العسكري للجبهة، وهو ما يصطدم بالمعارضة الداخلية والسياسيين الشباب في بوليساريو الذين يعارضون الخط السياسي لغالي”.

غياب تام للشفافية
غياب تام للشفافية

ورأى معتضد أن الهدف من عشوائية المؤتمر هو التشويش على خط المعارضة داخل الجبهة، وفتح المجال لتنفيذ خارطة طريق الجهاز العسكري الجزائري، والمتعلقة بالالتزام المطلق والكلي للقيادة المنتخبة بتنفيذ مخطط الجزائر في المنطقة، وتنزيل مشروعها السياسي باسم بوليساريو.

وتابع “مؤتمر بوليساريو يبقى تجمعا سياسيا شكليا ومسرحية تنظيمية لتبرير الهيكل السياسي لبوليساريو بتمويل وإعداد جزائري، من أجل إعطاء صبغة مؤسساتية لهذا التنظيم الذي يسعى جنرالات الجزائر من خلاله لخلق نوع من عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة”.

ويدور نزاع منذ عقود حول الصحراء التي يسيطر المغرب على جل ترابها ويعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيه، مقترحا منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو مدعومة من الجزائر بالانفصال.

وشكل هذا النزاع سببا رئيسيا في توتر العلاقات بين المغرب والجزائر التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط منذ صيف 2021.

وانعقد المؤتمر السادس عشر للجبهة الانفصالية تحت شعار “تصعيد النضال من أجل انسحاب المحتل وفرض السيادة الكاملة”، وهو ما يعكس استمرار الجبهة على ذات النهج الذي ثبت عقمه على مر العقود الماضية.

2