إعادة التحقيق في قضية اغتيال هشام الهاشمي تثير تساؤلات في العراق حول مدى استقلالية القضاء

بغداد – صدم قرار محكمة عراقية يقضي بنقض حكم الإعدام الصادر بحق المدان في اغتيال الباحث هشام الهاشمي، وإعادة التحقيق في القضية، العراقيين، خصوصا وأن المدان الذي ينتمي إلى إحدى الميليشيات المسلحة سبق وأن اعترف بارتكابه الجريمة.
وشكل القرار الذي أصدرته محكمة التمييز الاتحادية خيبة أمل كبيرة بالنسبة للنشطاء، الذين كانوا يأملون في إحلال العدالة، وأثار مجددا التساؤلات حول مدى استقلالية السلطة القضائية في العراق.
وجاء في القرار الذي صدر في الحادي والثلاثين من يوليو ونشرته المحكمة على موقعها الإلكتروني أنّه تقرّر “نقض كافة القرارات المميّزة الصادرة عن المحكمة المركزية (…) وإعادة إضبارة الدعوى لمحكمة التحقيق المختصة”.
ويعني هذا القرار إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقّ أحمد حمداوي عويد الكناني المنتسب إلى وزارة الداخلية، برتبة ملازم أول منذ عام 2007، والمرتبط بكتائب حزب الله العراقي.
وبرّرت المحكمة قرارها بأنّ اللجنة التي تولّت التحقيق في القضية، وهي اللجنة التاسعة والعشرون التي تشكّلت خلال الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي من أجل مكافحة الفساد، وجرى حلّها في العام 2022، “ليست لديها أيّ صلاحيات قانونية للتحقيق في الجريمة”.
وعلق الكاتب والمحلل السياسي الكردستاني شاهو القره داغي على القرار في تغريدة عبر حسابه على منصة “اكس”، “قد يخرج القاتل بالبراءة في النهاية وتتم إدانة الضحية”.
وتوجه الكاتب الصحافي بهاء خليل إلى القاتل بالقول “اقتل واعترف بجريمتك ولا تخف فلدينا قضاء لا يدان عنده أحد”.
فيما كتب علي الطائي في تغريدة “لأن القاتل شيعي فالقضاء ألغى حكم الإعدام بحقه، بعد تسع جلسات. بينما عشرات الآلاف من المعتقلين السنة حوكموا بالإعدام خلال جلسات استمرت دقائق بحسب هيومن رايتس ووتش”.
وقال الصحافي العراقي عثمان المختار “قّدم النائب المعتقل أحمد العلواني أكثر من عشرة طلبات لاستئناف الحكم وإعادة المحاكمة، لكنه ما زال يقبع بالسجن ظلما وتلفيقا ولم ينُظر حتى بطلبه، لكن يتم قبول استئناف قاتل هشام الهاشمي الذي اعترف علنا بجريمته ولم ينكرها”. وأضاف المختار “لطالما كانت مشكلة انعدام العدل أساس الخراب منذ العام 2003 في العراق”.
وكانت محكمة عراقية أصدرت في مايو الماضي حكما بالإعدام بحقّ الكناني بعدما أدانته بجريمة قتل الخبير الأمني الهاشمي. واغتيل الهاشمي في السادس من يوليو 2020 أمام منزله في العاصمة العراقية برصاص مسلّحين كانوا يستقلّون دراجة نارية.
وجاءت عملية الاغتيال بعد أيام قليلة على تلقي الهاشمي تهديدات من قياديين في كتائب حزب الله على خلفية توجيه الهاشمي انتقادات لأبوعلي العسكري، باعتباره مسؤولا عن “أزمات سياسية بين مؤسسات الدولة العراقية الرسمية وخلايا وشبكات اللا دولة المسيطرة على الدولة”.
وبعد عام على الاغتيال، أعلن رئيس الوزراء حينها مصطفى الكاظمي القبض على الكناني المتهّم الرئيسي بالجريمة. وبثّ التلفزيون الرسمي “اعترافات” الكناني بالضلوع في اغتيال الهاشمي. وإثر توقيفه، أفاد مصدر أمني بأنّ الكناني كان مرتبطاً بكتائب حزب الله العراقي، وهو فصيل مسلّح من فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.
وكان الهاشمي يقدّم استشارات لشخصيات سياسية عراقية وتولّى وظائف استشارية لبعض الأجهزة الأمنية المحلية. وأثار اغتياله صدمة في العراق وتنديدا من الأمم المتحدة وعواصم غربية.
وأيّد الهاشمي التظاهرات التي شهدها العراق في أكتوبر 2019، والتي ندّد فيها المتظاهرون بالفساد في البلاد وبالنفوذ الإيراني، وطالبوا بتغيير النظام السياسي. وتعرّضت الحركة الاحتجاجية لقمع شديد وتلتها عمليات اغتيال وخطف ومحاولات قتل استهدفت العشرات من الناشطين.
وأفاد تقرير أصدرته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في يونيو الماضي بأنّ “الإفلات من العقاب” لا يزال مستمراً في العراق في ما يتعلّق بهجمات تستهدف متظاهرين وناشطين ومنتقدين لـ”عناصر مسلحة وجهات سياسية” تنسب إليها الهجمات.
ولاحظ التقرير أنه في حين “يتم تنفيذ معظم الجرائم بدون الكشف عن هوية الجناة”، فإن “المعلومات تشير إلى أنّ المحتجزين والمدانين قد ينتمون إلى جماعات مسلحة معروفة تعمل خارج سيطرة الدولة”.