إعادة اعتبار سعودية لعباس بدلا من سفارة إسرائيلية في الرياض

الرياض – عكس الاتصال الذي جرى بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بشأن التصعيد بين حماس وإسرائيل، سعيا من المملكة لرد الاعتبار لعباس وسلطته في وقت كان يفترض أن يقود مسار التطبيع السعودي مع إسرائيل إلى فتح سفارة إسرائيلية في الرياض وإرسال سفير سعودي إلى تل أبيب.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس) إنّ ولي العهد شدّد لعباس على أنّ المملكة “مستمرة في وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني”.
ومع تزايد الحديث عن قرب التطبيع بين إسرائيل والمملكة، سعت السعودية إلى إظهار اهتمامها بالرئيس الفلسطيني وطمأنته بأن التطبيع لن يكون على حسابه، وأنها مستمرة في دعم السلطة الفلسطينية، وأن لا نية لها في مراجعة التزامها المالي تجاهها.
ويحمل الاهتمام السعودي بالرئيس الفلسطيني رسالة واضحة مفادها أن المملكة، التي لا تخفي أن لحظة التطبيع مع إسرائيل قد اقتربت، تقدم نفسها كمدافع عن الفلسطينيين ومحاور باسمهم مع أميركا وإسرائيل، في مسعى لقطع الطريق على أي اتهامات لها بالتخلي عن القضية الفلسطينية، والمس من وزنها القومي والديني.
لكن مراقبين يرون أن مبالغة السعودية في إظهار انحيازها إلى الفلسطينيين، في وقت تستنفر فيه إسرائيل العالم إلى صفها ضد حماس، ستُفهم على أنها موقف ضد إسرائيل، وأن إعلان المملكة عن “اقتراب” لحظة التطبيع قد يكون مناورة لتجنب ضغوط واشنطن أكثر من كونه رغبة من الرياض في الانفتاح على إسرائيل وبناء علاقة دبلوماسية معها.
ويشير هؤلاء إلى أن التطبيع من منظور إسرائيل ليس هو التطبيع الذي تبحث عنه السعودية، فالأولى تريد التعجيل بتبادل الزيارات على مستوى عال واعتراف غير مشروط، فيما الثانية تتخذ من التطبيع وسيلة لتحقيق مكاسب من الإدارة الأميركية، على رأسها الاتفاقية الدفاعية، ولا تضع في حسبانها مسألة ما إذا كان موقفها يمكن أن يزعج الإسرائيليين.
وحرص ولي العهد السعودي، في اتصاله مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، على تأكيد “وقوف السعودية إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة”.
واللافت للنظر هو أن موقف وزارة الخارجية السعودية كان يميل إلى الفلسطينيين دون مواربة بعد الهجوم العسكري لحماس السبت وما تلاه من رد إسرائيلي عنيف، في وقت كانت الولايات المتحدة تنتظر من الرياض موقفا أكثر وضوحا بشأن إدانة هجوم حماس ما من شأنه أن يدعم مسار التقارب مع إسرائيل.
وذكّرت وزارة الخارجية السعودية بـ”تحذيراتها المتكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته”.
وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان “رفض استهداف المدنيين العزّل بأي شكل وضرورة احترام القانون الدولي الإنساني من جميع الأطراف”.
ورأى الباحث السعودي عزيز الغشيان أن موقف الرياض يهدف إلى تبديد الشكوك ودحض الآراء التي تقرّ بأن المملكة ستولي التطبيع أولوية على حساب دعم حقوق الفلسطينيين.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قد نقلت في تقرير لها أن ولي العهد السعودي قد وعد الرئيس الفلسطيني بأن أيّ اتفاق مع إسرائيل لن يضر بالجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سعودية قولها إن عرض المساعدة (المالية للسلطة الفلسطينية) لم يكن مرتبطا بشكل مباشر بالتطبيع المحتمل مع إسرائيل، وذلك على الرغم من أن الرياض تأمل في أن توفر هذه المساعدة لرام الله حافزا أكبر لدعم جهود المملكة.
وأُعلن في أغسطس الماضي تعيين السديري سفيرا غير مقيم في الأراضي الفلسطينية على أن يتولى أيضا منصب القنصل العام في مدينة القدس.
وخلال زيارته إلى رام الله استقبل عباس السفير السديري في مقر الرئاسة بمراسم رسمية تم خلالها استعراض حرس الشرف، فيما عُزف النشيدان الوطنيان الفلسطيني والسعودي.
ووصف عباس الزيارة وتعيين السديري سفيرا للمملكة بالخطوة “المهمة” التي “ستسهم في تعزيز العلاقات الأخوية المتينة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين”، وفق بيان عمّمته الرئاسة الفلسطينية.
ووصل السديري إلى الأراضي الفلسطينية على رأس وفد رسمي قادما من الأردن عبر جسر الملك حسين (اللنبي) الذي تشرف عليه إسرائيل من الناحية المقابلة للأردن.
وهي الزيارة الأولى من نوعها لوفد سعودي رسمي منذ توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في عام 1993 التي سمحت بإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية. وتأتي الزيارة في وقت تقود فيه واشنطن محادثات بين إسرائيل والسعودية لتطبيع العلاقات، ما يثير قلقا فلسطينيا.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن “ما وراء هذا التطور هو أنه على خلفية التقدم في المحادثات الأميركية مع السعودية وإسرائيل.. السعوديون يريدون إيصال رسالة إلى الفلسطينيين (يفيد مضمونها) بأنهم لم ينسوهم”.