إطلاق صندوق عالمي لمكافحة التجارة الموازية للتبغ

بنما - أعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة عن التوصّل في بنما إلى اتفاق بشأن إنشاء صندوق عالمي لتمويل الحملة العالمية لمكافحة الاتجار غير القانوني بالتبغ.
وقالت أدريانا بلانكو، رئيسة أمانة الاتفاقية الإطارية للمنظمة بشأن التبغ، إن “الصندوق تبلغ قيمته 75 مليون دولار وتموّله دول مانحة من خلال قروض من دون فوائد، وسيديره البنك الدولي”.
وشددت خلال مؤتمر صحفي على أن “الصندوق يمثل أسلوبا مبتكرا لتوليد الموارد والمساعدة في تمويل الطرق الآيلة إلى تنفيذ الاتفاقيات الدولية لمكافحة التبغ”.
ويعتقد متابعون أن المبلغ المخصص يبدو ضعيفا للغاية خاصة وأن العديد من البلدان في أميركيا الجنوبية وأفريقيا ودول في آسيا التي لا تتمتع بالاستقرار تعاني من ظاهرة تهريب السجائر إلى جانب سلع أخرى مثل الوقود والمواد الغذائية.
وتعتبر تجارة التبغ والسجائر مصدر دخل للجماعات المسلحة المتشددة حول العالم بسبب الإيرادات الكبيرة التي تمول بها أنشطتها ضد الحكومات.
ويتسبب التبغ بوفاة أكثر من ثمانية ملايين شخص سنويا في مختلف أنحاء العالم، 1.3 مليون شخص من بينهم يتعرضون للتدخين السلبي، وفق منظمة الصحة العالمية.
وصدر قرار إنشاء الصندوق خلال مؤتمر المتابعة الثالث لبروتوكول القضاء على الاتجار غير القانوني بمنتجات التبغ (أم.أو.بي 3) المعمول به منذ سبتمبر 2018 والذي اختُتم الخميس.
والتزم المؤتمر الذي ناقش فيه مندوبون من حوالي 70 دولة أيضا مراقبة مبيعات السجائر في الأسواق الحرة، بتعزيز إمكانية تتبّع منتجات هذه التجارة، بالاعتماد على التكنولوجيا والتعاون الدولي.
وعُقد هذا الحدث في أعقاب الاجتماع العاشر لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، والذي اختُتم السبت الماضي باتفاق بشأن حماية البيئة.
وقالت بلانكو “نسعى للوصول إلى رأسمال بقيمة 25 مليون دولار للبروتوكول وآخر قدره 50 مليون دولار للاتفاقية الإطارية، وستتم إدارة المبلغين معا”.
ولا توجد إحصائيات دقيقة حول حجم السوق السوداء للتبغ، لكن بعض المنظمات غير الحكومية تعتقد أن الشركات العاملة في القطاع تُضخّم الأرقام المرتبطة بتهريب السجائر من أجل الضغط على الحكومات لخفض الضرائب.
وقال دانيال دورادو من منظمة كوربوريت أكاونتابيليتي لوكالة فرانس برس على هامش المؤتمر إن هذا التتبّع “يتيح رؤية مسار المنتج من إنتاجه إلى طرحه في السوق، من أجل التأكد من أن (منتجات التبغ) لا يتم توريدها بشكل غير قانوني”.
وأضاف “هذا يتطلب وجود تكنولوجيا (مراقبة مستقلة) في مصانع الإنتاج، فيما يرتبط جزء كبير من التجارة غير القانونية ببيع هذه المنتجات بالتجزئة”.
ولمعاضدة الجهود الدولية في هذا المضمار، قدّمت شركة روسية مستفيدة من وجود مندوبي أم.أو.بي 3، نظام تتبّع رقمي لمنتجات التبغ، يتيح بحسب مديريها مكافحة التهريب والتهرب الضريبي.
الاتجار غير المشروع بالتبغ لا يقوض جهود الصحة العامة فقط، بل يعرض المستهلكين أيضا لمنتجات يحتمل أن تكون خطرة
وتوقعت مجوعة إمارك لأبحاث السوق في تقرير نشرته قبل فترة أن يصل حجم سوق التبغ العالمي بحلول العام 2028 إلى نحو 9.3 مليون طن ارتفاعا من 8.5 مليون طن حاليا.
وأوضحت أن حملات التسويق والإعلان المتزايدة والقبول الاجتماعي والثقافي المتنامي وإطلاق العديد من منتجات التبغ المبتكرة، مثل منتجات التبغ التي لا تحترق والسجائر الإلكترونية، من العوامل الرئيسية التي تدفع نمو السوق.
وتتصدر الصين دول العالم في إنتاج التبغ بنحو 2.1 مليون طن سنويا، تليها الهند بنحو 761 ألف طن، ثم البرازيل بواقع 706 آلاف طن وبعدها زيمبابوي بحوالي 203 آلاف طن.
وللتدخين تأثير على الكوكب أيضا، فهو لا يضر رئات المدخنين وشرايينهم فحسب. فإنتاج التبغ واستهلاكه ينفثان نحو 84 مليون طن من الكربون سنويا، أي ما يعادل خمس التلوث الذي تصدره الطائرات التجارية وفق أرقام منظمة الصحة العالمية.
ويُرمى نحو مليون طن من أعقاب السجائر سنويا وهي تحتوي على مادة أسيتات السليلوز غير القابلة للتحلل. وتتطلب زراعة التبغ 22 مليار طن من المياه سنويا وتنتج صناعته 25 مليون طن من النفايات الصلبة.
والاتجار غير المشروع بالتبغ لا يقوض جهود الصحة العامة فقط، بل يعرض المستهلكين أيضا لمنتجات يحتمل أن تكون خطرة.
وتشكل السجائر المقلدة، والتي غالبا ما تحتوي على مستويات أعلى من المواد السامة، خطرا صحيا، وعلاوة على ذلك، فإن توفّر منتجات التبغ غير المشروعة الرخيصة يمكن أن يشجع غير المدخنين، وخاصة الشباب، مما يؤدي إلى تفاقم العبء الصحي.
كما تؤثر تجارة التبغ في الخفاء بشدة على الشركات المصنعة وتجار التجزئة القانونيين، ما يؤدي إلى فقدان الوظائف وانخفاض النمو الاقتصادي الإجمالي لأي بلد.
وبجانب ذلك، يؤثر ذلك على مصادر إيرادات الحكومات، إذ يحرمها من عائدات ضريبية كبيرة، والتي كان من الممكن تخصيصها لبرامج الرعاية الصحية، والتعليم، وتطوير البنية التحتية.