إطلاق حكومة الدبيبة جولة عطاء عام لاستكشاف النفط يثير جدلا في ليبيا

طرابلس - أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، الاثنين، عن انطلاق "جولة العطاء العام لاستكشاف النفط والغاز" على الأراضي الليبية، وذلك بعد انقطاع دام 17 عاما، داعية شركات النفط العالمية إلى الاستثمار في البلاد، في خطوة تأتي لتعزيز إيراداتها، غير أنها قوبلت برفض البرلمان والمجلس الأعلى للدولة.
وقال رئيس المؤسسة مسعود سليمان في كلمة له خلال حفل في طرابلس، شارك فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وعدد من سفراء الدول لدى ليبيا "هذه مرحلة جديدة في تاريخ ليبيا النفطي، جاءت عقب مجهودات جبارة أبرزها حالة الاستقرار العام في البلاد والسياسات التي انتهجتها حكومة الوحدة الوطنية في دعم قطاع النفط".
وأضاف أنه "لأكثر من 17 عاما ظلّت مساحات شاسعة تشكل أكثر من ثلثي مساحة ليبيا الكلية مهملة خارج دائرة الاستكشاف النفطي، في حين أن التوقعات الأولية تشير إلى أن الجزء الأكبر منها يمكن أن يكون حقول نفطية زاخرة بالخيرات".
ومن هذا المنطلق، أعلن المسؤول الليبي "انطلاق جولة العطاء العام للاستكشاف النفطي"، داعيا "الشركات النفطية في العالم للمشاركة في هذه الجولة للاستثمار في ليبيا".
وأكد سليمان أن "هذه الجولة التي عكفت على تنظيمها والإعداد لها لجنة من خبراء النفط، سوف تعزز مكانة ليبيا بين دول العالم النفطية كما أنها ستضيف احتياطات جديدة من النفط والغاز تعوّض الكميات المنتجة في السابق، وهو ما سيسهم في زيادة إنتاج ليبيا وفق خطة مؤسسة النفط".
وبحسب المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، فإنه سيتم خلال العام الجاري طرح 22 منطقة استكشاف برية وبحرية، في إطار تنشيط قطاع النفط والغاز في البلاد، عبر زيادة الاستثمار الأجنبي.
وخلال الحفل، قال وزير النفط والغاز بحكومة الدبيبة، خليفة عبدالصادق، إن "جولة العطاء العام لا تمثل مجرد فرصة استثمارية فحسب، بل هي إشارة واضحة لعودة ليبيا بقوة إلى الساحة العالمية بعد سنوات من التحديات مستندة إلى بيئة أكثر استقرارا وإلى رؤية تهدف لاستهداف الشركات العالمية من خلال إطار أكثر تطورا وشفافية".
وأضاف الصادق "كانت ليبيا دائما لاعبا رئيسيا في أسواق الطاقة العالمية، واليوم نؤكد التزامنا بالحفاظ على هذه المكانة وتعزيزها، ولهذا جاءت هذه الجولة لتشكل نقطة تحوّل مهمة".
كما أكد على أن "جولة العطاء لا تعكس فقط رغبة ليبيا في استقطاب الاستثمارات، بل أيضا الحرص على بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد تسهم في استدامة الإنتاج وتطوير البنية التحتية للطاقة".
وأكد أيضا أن "هذه الجولة تأتي بعد أكثر من 17 عاما على آخر جولة نظمتها ليبيا، مما يجعلها الفرصة الأهم منذ سنوات للمستثمرين الراغبين في دخول السوق الليبي".
ووفق الوزير الليبي فإن "حرص ليبيا على توفير فرص واعدة للاستكشاف والإنتاج يفتح آفاقا غير مسبوقة أمام الشركات العالمية التي تبحث عن موارد واعدة في بيئة استثمارية متطورة".
وقبل ذلك، كان الدبيبة قد أصدر قرارا بتشكيل غرفة عمليات مشتركة بقيادة عبدالسلام زوبي بهدف السيطرة على الحقول النفطية في المنطقة الغربية والجنوب الغربي، وتأمينها من أي تهديدات أمنية.
وبحسب هذا القرار الذي نشرته مساء الاثنين وسائل إعلام محلية، تم تكليف اللواء 111 مجحفل، واللواء 444 قتال، واللواء 19 حرس حدود، إضافة إلى قوة العمليات المشتركة، بتجهيز قواتها بكامل عتادها وآلياتها، للتحرك وفق خطة ميدانية تهدف إلى ردع أية مجموعات مسلحة تعتدي على الحقول النفطية.
وأوضح القرار أن هذه القوات ستقوم بتأمين الحقول النفطية والمناطق المحيطة بها، وفق الأسس والمعايير العسكرية المعتمدة، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه سيتم "التعامل بالقوة إذا لزم الأمر مع أي مجموعات تهدد الحقول النفطية، وستلاحق العناصر المسلحة التي تحاول زعزعة الأمن في تلك المناطق".
وأثار الإعلان عن هذه الجولة من العطاء العام للاستكشاف في النفط والغاز جدلا بين الأوساط الليبية، حيث اعتبرت لجنة الطاقة بمجلس النواب (البرلمان)، دعوة المؤسسة الوطنية للنفط لطرح عطاء عام "مخالف للتشريعات ويتطلب موافقة البرلمان".
وفي بيان لها، طالبت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط بموافاتها بتقرير مفصل حول إجراءات العطاء العام لضمان تحقيق مصلحة الدولة.
وبدورها، أعربت كتلة التوافق الوطني في المجلس الأعلى للدولة، عن " قلقها البالغ" إزاء إعلان المؤسسة الوطنية الليبية للنفط عن انطلاق جولة العطاء العام للاستكشاف.
وقالت في بيان إن "فتح العطاء العام للاستكشاف هو بمثابة إعلان هدر، وتفريط في مقدرات الدولة النفطية وتهديد خطير لأمن الطاقة الليبي".
وأضافت أن "فتح العطاء في ظل غياب أدنى شروط الشفافية، مع تفشي الفساد الذي كشف عن جزء مفزع منه تقرير الخبراء سيدمر قطاع الطاقة، وسيسهم في ارتهانه لأطراف أجنبية"، بحسب ما جاء في البيان.
وفي 5 ديسمبر 2022 أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية رفع حالة القوة القاهرة عن عمليات استكشاف النفط والغاز في ليبيا داعية الشركات النفطية للعودة إلى العمل.
وعانت ليبيا من الاضطرابات والحروب المتقطعة منذ الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي في 2011، ما أثر على قطاع النفط لديها واستقرار الإنتاج.
خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، تراجع إنتاج النفط في ليبيا بنسبة 8.5 بالمئة، حيث انخفض من 1.17 مليون برميل يومياً، إلى 0.54 مليون برميل يومياً، في سبتمبر. وتجاوز متوسط الإنتاج اليومي للعام 1.4 مليون برميل، وهو أكثر من المستهدف، بحسب المؤسسة الوطنية للنفط.
وتعتبر ليبيا ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا وتعفيها منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك من تخفيض الانتاج تعتمد بنسبة 90 بالمئة على مبيعات النفط لتمويل ميزانيتها.