إضراب الصحافة رسالة رمزية بوجود الإعلام البديل

المواطن الصحافي التونسي تفوق على الإعلام التقليدي بسرعة نقل الحدث وانتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي.
الأربعاء 2019/01/02
الإعلام البديل يعوض غياب الصحافة

يفقد الإضراب الذي أعلنت عنه نقابة الصحافيين التونسيين أهميته لأسباب عديدة في مقدمتها وجود الإعلام البديل المتمثل في المواطن الصحافي المستعد دوما لنقل الحدث ومنحه الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي بغض النظر عن دقته، ثم انحدار الثقة بوسائل الإعلام والصحافيين في تونس.

تونس - دخلت نقابة الصحافيين التونسيين موجة الإضرابات التي تجتاح تونس مؤخرا، وأعلنت إقرار تنفيذ إضراب عام في قطاع الصحافة والإعلام في 14 يناير، لكن التساؤل الذي طرح هو ما جدوى هذا الإضراب في وقت يتنافس فيه الصحافي مع مستخدم الإنترنت الذي بات أسرع في نقل الحدث على المنصات الاجتماعية.

وقالت النقابة في بيان إعلان الإضراب إن “الدولة ساهمت في جعل القطاع الصحافي مرتعا للمال الفاسد والمشبوه الخادم لمصالح ضيّقة بعينها، ودون مراقبة لمدى التزام المؤسسات الإعلامية بالقوانين الشغلية والتراتيب الجاري بها العمل على حساب قوت الصحافيين ومعيشتهم”. وذلك على خلفية وفاة المصوّر الصحافي عبدالرزاق الزرقي، حيث حمّلت الدولة مسؤولية الحادثة.

إضراب الصحافيين لا يعدو كونه رسالة رمزية لا تستطيع تغيير واقع انتشار المعلومة وسيل الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، التي غالبا ما يستقي منها الصحافيون أنفسهم قصصهم باعتبارها مصدرا للخبر حتى لو كان بصيغة أولية تحتاج إلى التثبت والتدقيق والتنقيح بأساليب متعددة، وهي باتت مهمة الصحافي الأساسية اليوم مع انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة في تونس والعالم أجمع.

والحادثة التي تسببت بإعلان الإضراب تضاف إلى حوادث أخرى متعددة في تونس تضج بها صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بروايات متعددة ومتضاربة على مدار الساعة، نالت بها الأسبقية لدى المواطن أمام وسائل الإعلام التقليدية والصحافة المطبوعة.

ويؤكد خبراء في الإعلام أن الإعلام البديل استطاع الحد من التستّر على الفساد وحوّل العديد من ملفاته إلى قضية رأي عام فضحت الكثير من رموزه في الكثير من الدول.

إضراب الصحافيين ووسائل الإعلام لا يعني المواطن التونسي أمام كم الأزمات المعيشية والاجتماعية التي يعاني منها

ويرى متابعون أن فكرة إضراب الصحافيين ووسائل الإعلام لا تعني المواطن التونسي كثيرا أمام كم الأزمات المعيشية والاجتماعية التي يعاني منها، إضافة إلى عدم الرضا إجمالا عن أداء هذا الإعلام واتهام الكثير من مؤسساته بعدم المهنية ووصل الأمر إلى تسميته بـ”إعلام العار” من قبل البعض، وبغض النظر عن مدى مجانبة الصحة في هذا الاتهام، إلا أن أهميته تكمن بمقدار الثقة التي يمنحها التونسيون لإعلام بلادهم، وبالتالي جدوى إضراب ربما لن ينتبه إليه كثيرون.

وذهبوا إلى أن غياب الصحافي يعوضه المواطن الصحافي (الإعلام البديل) الحاضر دوما على المنصات الاجتماعية، ولا يخشى الرقيب أو الخطوط الحمراء للمؤسسات الصحافية ولا يضطر لمراعاة مصالحها وتبعيتها لأطراف معينة. وكشفت نتائج استطلاع للرأي أعدته مؤسسة “برّ الأمان” في سبتمبر الماضي، بعنوان إلى أي مدى يثق التونسيون في الإعلام، أن ثلثيْ المستجوبين لا يثقون في ما تقدمه وسائل الإعلام أو يثقون قليلا فيها إذ جاءت النسبة: 35 بالمئة لا يثقون تماما في وسائل الإعلام بينما يثق 32 بالمئة قليلا في هذه الوسائل.

وقال 45 بالمئة من المستجوبين إنهم لا ينتظرون شيئا من وسائل الإعلام، بينما أكد 44 بالمئة أنه ليس لديهم علم بما تنقله الصحافة التونسية، فيما أكد 24 بالمئة أن الصحافة التونسية تنقل مواقف وأفكارا وآراء.

وفي ما يتعلق بمصدر المعلومة لدى التونسيين أفاد 31 بالمئة منهم أن لديهم ثقة في التلفزيون الوطني تليه قناة نسمة بنسبة 22 بالمئة بينما ذهب ثلث المستجوبين في اتجاه أنهم لا يستقون الأخبار من التلفزيون.

ولم يأت تقييم الصحافيين بأحسن حال من وسائل الإعلام، إذ اعتبر 31 بالمئة من المستجوبين أن الصحافيين في تونس يميلون إلى نداء تونس، فيما رأى 15 بالمئة منهم أن الصحافيين يميلون لحركة النهضة، بينما رأى 17 بالمئة منهم أن الصحافيين لا يميلون إلى أي حزب.

وبالنسبة لوسائل الإعلام الأجنبية كشف الاستطلاع أنّ 29 بالمئة من التونسيين يثقون في قناة “فرانس 24” تليها قناة “العربية” بنسبة 9 بالمئة. وعبّر 38 بالمئة منهم عن عدم ثقتهم في أي قناة تلفزيونية أجنبية.

وأشار 41 بالمئة من المستجوبين إلى أن موقع فيسبوك هو مصدر المعلومات الرئيسي لديهم لأخبار الانتخابات البلدية، و19 بالمئة ذكروا أن المصدر الرئيسي هو التلفزيون، وقال 12 بالمئة إنهم الأصدقاء، و15 بالمئة لم يتابعوها مطلقا، أما نسبة 2 بالمئة فأفادوا بأن مصدر معلوماتهم هو المسجد.

وعملية سبر الآراء التي أنجزتها مؤسسة “بر الأمان” التونسية شملت 1841 تونسيا سنهم فوق الـ18 واعتمد سبر الآراء معطيات المعهد الوطني للإحصاء لتحديد العيّنة المستجوبة.

18