إصلاحات في المنظومة التشريعية السعودية تنصف المرأة وغير المسلم في الدية

التعديلات المطروحة تعزز حقوق الإنسان وقيم التسامح والاعتدال لتواكب الإصلاحات التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
الثلاثاء 2022/05/24
نهج يؤسس لمجابهة التمييز في أدق التفاصيل

الرياض - تستمر عملية تحديث المنظومة التشريعية والقانونية في المملكة العربية السعودية لتتواكب والإصلاحات التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ سنوات، والتي تستهدف وضع المملكة على سكة الحداثة، وتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي.

وتعاني المنظومة التشريعية في السعودية الكثير من الإخلالات، وهناك العديد من التشريعات والقوانين التي عفّى عليها الزمن، ولا تتوافق والنهج الإصلاحي الذي تتبناه المملكة، الأمر الذي يدفع المشرعين في المملكة إلى إعادة مراجعتها. وتقدّم أعضاء في مجلس الشورى السعودي، وهم لطيفة الشعلان وفيصل آل فاضل وعطا السبيتي، بتوصية لتعديل بعض بنود نظام المعاملات المدنية، ويشمل المقترح إنهاء التمييز القائم على الجنس والدين في مقدار التعويض في الجناية على النفس.

المنظومة التشريعية في السعودية تعاني الكثير من الإخلالات، وهناك العديد من التشريعات والقوانين التي عفّى عليها الزمن

وأشار الأعضاء في حديثهم عن مسوغات التوصية إلى أن القضاء في المملكة يميز في تقدير الدية عن النفس وما دونها بين الرجل والمرأة وبين المسلم وغير المسلم، على خلاف باقي الدول العربية والإسلامية وبلدان العالم.

والدية هي عبارة عن مبلغ مالي يتم دفعه إلى أهل القتيل، في حال قرروا قبول المصالحة مع القاتل، ويتم تحديد هذا المبلغ في المملكة وفق عدة اعتبارات من بينها نوعية الجريمة، أي ما إذا كان القتل جرى عن طريق الخطأ وعن عمد، وأيضا وفق الجنس والديانة، ذلك أن المرأة تحصل على نصف المبلغ وكذلك الشأن بالنسبة لغير المسلم أو المسلمة.

ووردت الدية في النص القرآني في قوله “وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصّدّقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما”.

ولم تشر هذه الآية إلى أي تمييز على حساب الجنس أو الدين أو أي أشكال تمييزية أخرى، وقد شكل ذلك أحد الأسباب التي حثت أعضاء مجلس الشورى على التقدم بهذه التوصية.

وتتخذ السعودية من النص القرآني والأحاديث الدينية مصدرا أساسيا للتشريع، الأمر الذي جعلها عرضة للكثير من الانتقادات، خصوصا في التشريعات التي ترتبط بحقوق الإنسان.

ونقلت صحيفة “عكاظ” المحلية عن أعضاء الشورى قولهم إن الرأي بأن دية المرأة كدية الرجل تعضده أيضا الأدلة والقرائن الدينية، من ذلك قول الشيخ محمد الغزالي “وأهل الحديث يجعلون دية المرأة على النصف من دية الرجل، وهذه سوأة فكرية وخلقية رفضها الفقهاء، والمحققون، فالدية في القرآن واحدة للرجل والمرأة، والزعم بأن دم المرأة أرخص وحقها أهون زعم كاذب مخالف لظاهر الكتاب، وأن الرجل يقتل بالمرأة كما تقتل المرأة بالرجل، فدم المرأة ودم الرجل سواء فما الذي يجعل دية المرأة دون دية الرجل”.

أعضاء في مجلس الشورى السعودي تقدموا بتوصية لتعديل بعض بنود نظام المعاملات المدنية وإنهاء التمييز القائم على الجنس والدين في مقدار التعويض في الجناية على النفس

واستعرض الأعضاء بعض الآراء للباحثين والباحثات، ومنها الرأي القائل إن “الآية القرآنية جعلت الدية مطلقة وليست خاصة برجل أو امرأة، كما أن كلمة الدية في الآية غير مقيدة بأي قيد ولا تختص بجنس معين من الرجال أو النساء ولم يظهر أي حديث صحيح يدل على تنصيف دية المرأة، إلا بعد القرن الرابع الهجري حين أورد الإمام البيهقي على هذا الحديث بالقول إنه لا يثبت مثله، أي أنه حديث ضعيف”.

واعتبر أعضاء مجلس الشورى، بحسب الصحيفة، أن هذا الوضع ينسحب أيضا على غير المسلمين، حيث لا يوجد أي نص قرآني وحديث ديني “صحيح” يقران بوجود تمييز في هذا الشأن، واستعرضوا فتوى للشيخ عبدالله بن زيد آل محمود، عندما سئل عن المساواة في الدية بين المسلم وغيره، كان نصها “لكن لرجحان المساواة بين الجميع كما حكم علي بن أبي طالب فنجعل دية الكتابي (يهوديا أو نصرانيا) مثل دية المسلم، لدخوله في البلد بالأمان من الحاكم، فاستحق المساواة مع المسلم في الدية، وهذا هو الذي نحكم به ونعتقد صحته وصوابه… لهذا يتساوى الوثني والكتابي مع المسلم في الدية والأروش على حد سواء”.

وتستهدف التعديلات المطروحة تمكين المرأة وتعزيز حقوق الإنسان وقيم التسامح والاعتدال، وهي تنسجم مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي انضمت إليها المملكة، إضافة إلى تحسين مركز المملكة عامة والقضاء السعودي خاصة على المستوى الدولي والمؤشرات الأممية ذات الصلة.

3