إصرار فرنسي على ملاحقة عمالقة التكنولوجيا ضريبيا

أبدت فرنسا إصرارا كبيرا على ملاحقة عمالقة التكنولوجيا ضريبيا رغم معارضة الولايات المتحدة، في خطوة قد تمهد لتطبيق الضريبة في بقية دول الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد لعدم وجود إطار موحد حتى الآن للدخول في هذه المغامرة.
بوخارست - أكد وزير المالية والاقتصاد الفرنسي برونو لومير الجمعة أن بلاده “مصممة على فرض ضريبة على أكبر الشركات الرقمية”، رغم الدعوات الأميركية إلى التخلي عن ذلك.
وقال لومير “نحن مصممون على فرض ضريبة على أكبر الشركات الرقمية من أجل إضفاء المزيد من العدالة والفعالية على النظام الضريبي العالمي”، وذلك في رد على تصريحات أطلقها الخميس وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وأضاف الوزير الفرنسي لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو في العاصمة الرومانية بوخارست “كل الدول تتخذ بحرية وبشكل سيادي قراراتها المتعلقة بالضرائب”.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان الخميس إن بومبيو “حثّ فرنسا على عدم الموافقة على ضريبة الخدمات الرقمية التي ستؤثر سلباً على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبيرة والمواطنين الفرنسيين الذين يستخدمونها”.
لكن لومير قال إن تلبية هذا الطلب غير وارد، مؤكداً أن “مشروع قانون الضرائب الفرنسي على الشركات الرقمية الكبرى اعتمد في لجان مجلس النواب، وسيجري إقراره في المجلس خلال بضعة أيام بهدف إضفاء المزيد من العدالة والفعالية على نظامنا الضريبي”.
وعجّلت التنازلات التي قدمتها الحكومة الفرنسية لمحتجي السترات الصفراء خطوات البحث عن إيرادات جديدة لمعالجة الاختلالات المالية.
وقررت فرنسا في ديسمبر الماضي فرض رسوم على كبرى الشركات الرقمية مطلع العام المقبل، دون انتظار اتفاق محتمل داخل الاتحاد الأوروبي، بعد اشتداد حاجتها لتمويل البرامج الاجتماعية، التي أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي لتخفيف غضب محتجي السترات الصفراء.
وكان رئيس الوزراء إدوار فيليب قال في مقابلة مع صحيفة ليكو المحلية إن حكومته تعول على هذه الضرائب لتمويل الإجراءات الاجتماعية التي أعلنها ماكرون والتي تقدر كلفتها بنحو 10 مليارات يورو.
وقال محللون إن هذه التصريحات تعكس تغيرا في اللهجة تجاه شركات التكنولوجيا مقارنة بتصريحات سابقة للحكومة.
وتسعى حكومات أوروبية مختلفة إلى فرض ضرائب على عمالقة الإنترنت العالميين الذين يجنون عائدات محلية ضخمة من أصول مادية محدودة.
وذكر الوزير الفرنسي بأن دولا أوروبية أخرى تسير في الاتجاه نفسه بينها بريطانيا والنمسا، في الوقت الذي يعتقد فيه محللون أن تلتحق دول أخرى بها في المستقبل.
وكشفت الحكومة البريطانية في أكتوبر الماضي عن خطط لملاحقة شركات التكنولوجية العملاقة، التي تعمل في البلاد عبر فرض ضرائب على أرباحها.
وقال وزير الخزانة، فيليب هاموند أمام مجلس العموم حينها “نعتزم فرض ضريبة على الخدمات الرقمية بحلول 2020 بعد أن ظلت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل أمازون وغوغل بعيدة عن معظم القواعد الضريبية”.
وتستهدف بريطانيا جمع 400 مليون جنيه إسترليني من شركات التكنولوجيا بحلول 2020.
ومن المقرر أن تفرض النمسا ضريبة رقمية بنسبة 5 بالمئة، أي أكثر من فرنسا، التي تبلغ ضريبتها 3 بالمئة، حيث تطمح إلى جمع نصف مليار يورو سنويا من تطبيق الخطوة على أرض الواقع.
وكانت أيرلندا والدنمارك والسويد عارضت هذه الضريبة على 3 بالمئة من رقم معاملات عمالقة الرقمي، كما أن ألمانيا لم تكن راضية على هذه الضريبة وذلك خشية تعرض صناعتها للسيارات لردود انتقامية من الأميركيين.
وحثت فرنسا الولايات المتحدة إلى تسريع العمل في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أجل الاتفاق على ضريبة عادلة ومشتركة على عمالقة الإنترنت على المستوى العالمي “بهدف تجنب تزايد الضرائب على المستوى الوطني”.
500 مليون يورو حجم الضرائب، التي تستهدف فرنسا جمعها من عمالقة التجارة الإلكترونية سنويا
وقال لومير “آمل أن نتمكن من التوصل بحلول عام 2020 إلى اتفاق في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول فرض ضرائب على الشركات الرقمية الكبرى، وعندما يتم التوصل إلى اتفاق في المنظمة، سنوقف حينها العمل بضريبتنا الوطنية”.
ورأى الوزير الفرنسي أن هذا حافز للعمل بشكل أسرع والذهاب أبعد لاعتماد حلّ دولي في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وقدّم لومير مشروع قانون الضرائب على شركات وادي السيليكون مثل غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل في مطلع مارس الماضي.
ويبلغ معدل الضريبة الحالية على عمالقة التكنولوجيا في أوروبا حوالي 9 بالمئة، فيما تدفع شركات في قطاعات أخرى ضريبة بنسبة 23 بالمئة.
ودافعت باريس بلا نجاح خلال العام الماضي عن اعتماد رسوم ضريبية أوروبية موحدة على عمالقة العالم الرقمي وفي مقدمتهم الشركات الأميركية الكبرى.
وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت في مارس العام الماضي، فرض ضريبة على إيرادات شركات التكنولوجيا من أنشطتها في مجالات مثل الإعلانات، في حين لم يتم الاتفاق على شروط هذه الضريبة حتى الآن.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن لومير قوله حينها إنه “وفقا للخطة الأوروبية، فإن الضرائب ستطبق على أي شركة تتجاوز عائداتها العالمية 750 مليون يورو وتتجاوز مبيعاتها في فرنسا 25 مليون يورو”، والتي تمثل نحو 30 شركة.