إشراف القضاء على الانتخابات الرئاسية يطمئن المعارضة المصرية

الدعوة للرقابة الدولية أزمة جديدة تواجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
السبت 2023/04/01
انفتاح حكومي على مطالب المعارضة

القاهرة - سعى النظام المصري إلى طمأنة قوى المعارضة على نزاهة انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها منتصف العام المقبل بتجاوبه سريعا مع مقترح مجلس أمناء الحوار الوطني الذي طالب قبل أيام بإشراف قضائي كامل على الانتخابات، وحاولت أجهزته المعاونة مبكرا نزع فتيل تسريبات خرجت من داخل صفوف المعارضة ألمحت إلى إمكانية المطالبة بإشراف دولي على انتخابات الرئاسة.

ومنح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، المتوقع أن يكون المرشح الأبرز في الانتخابات المقبلة، الضوء الأخضر لتحويل مقترح الحوار الوطني إلى قانون بعد أن وجه الحكومة والأجهزة المعنية بدراسة استمرار الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات والاستفتاءات وآليات تنفيذه والمقرر انتهاؤه في 17 يناير المقبل.

وأبدى البعض من نواب البرلمان المصري تجاوبهم مع إجراء التعديل التشريعي المنتظر وتوقّعوا سرعة إقراره عقب تقدم الحكومة بالمقترح رسميا إلى مجلس النواب.

ويقول حقوقيون إن التعديل التشريعي المقترح على قانون هيئة الانتخابات محاولة لإضفاء مشروعية سياسية على الانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن القضية الرئيسية في نظر المعارضة مدى وجود إشراف قضائي حقيقي ومستقل غير تابع للسلطة التنفيذية.

◙ النظام المصري يكشف عن ملامح مرونة سياسية كي يضمن تعاطي قوى المعارضة في الداخل مع الاستحقاق الانتخابي المقبل

وكشف النظام المصري عن ملامح مرونة سياسية كي يضمن تعاطي قوى المعارضة في الداخل مع الانتخابات المقبلة وتوفير شبكة أمان قضائية لحثهم على التفاعل معها، بعد أن رشحت معلومات حول إمكانية مقاطعتها ليدخل الرئيس السيسي الانتخابات بلا منافس حقيقي أو تتم الاستعانة بمرشح متواضع يفقدها الحيوية المنتظرة.

وبدأت الحكومة والأجهزة الأمنية ترسل إشارات متباينة للحركة المدنية الديمقراطية التي تقود المعارضة المصرية حاليا لحضها على تقديم مرشح أو أكثر في انتخابات الرئاسة المقبلة مع توفير أجواء مناسبة للمنافسة.

ووضعت الحركة المدنية عودة الإشراف القضائي الكامل نصب عينيها كشرط رئيسي للتجاوب مع الانتخابات المقبلة مع توسيع مساحة حرية التعبير وقدرة المرشحين على النزول للشارع ومخاطبة المواطنين بلا قيود أمنية.

وتوقّعت تقديرات رسمية أن تكون خطوة الإشراف القضائي مرضية وحدها للمعارضة، وهو ما يفسر استعجال مجلس أمناء الحوار تقديم مقترحه بشأنه قبل أن تنعقد جلساته عمليا، والمقرر أن تبدأ في الثالث من مايو.

غير أن ردود فعل المعارضة لم تأت على المستوى المطلوب ورفعت سقف التوقعات بعد أن استشعرت أن في إلحاح النظام المصري على توفير أجواء مناسبة واستجابته المبدئية لمسألة إشراف القضاء تعبير عن مخاوف من إجراء انتخابات صفرية، أي يدخلها السيسي بلا منافسين ويفوز بالتزكية.

ويبدو أن سيناريو التزكية أو وجود منافس ضعيف يؤدي إلى المزيد من الغضب الشعبي في وقت تعاني فيه شريحة كبيرة من المواطنين من تداعيات أزمة معيشية طاحنة لا تملك الحكومة آليات جيدة لمحاصرتها قريبا في ظل متغيرات داخلية وخارجية عديدة قلصت هوامش الحركة الاقتصادية أمامها.

ويخشى النظام المصري إجراء انتخابات رئاسية في أجواء ملبدة بالغيوم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يمكن أن تفضي إلى ارتفاع منسوب الغضب في الشارع أو المقاطعة، ما يعيد للأذهان ما حدث من برودة في آخر انتخابات جرت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2010، ومثلت بداية للعد التنازلي لسقوطه بعد أشهر.

ودخلت دوائر رسمية متعددة في حوارات مباشرة وغير مباشرة لجس نبض المعارضة حول موقفها من انتخابات الرئاسة المقبلة بغرض التوصل إلى صيغة تضمن إخراجها بصورة جيدة وفي إطار تنافسي مقبول يضمن لكل طرف مكاسب سياسية جيدة.

وتهدف عمليات جس النبض من قبل الحكومة إلى توفير بيئة مناسبة لإعادة انتخاب الرئيس السيسي بلا منغصات كبيرة مع تقديم تنازلات محدودة للمعارضة تشجعها على التجاوب مع الانتخابات وتحصل بموجبها على مكاسب فقدتها السنوات الماضية.

وتواجه الصفقة التي تحاول الحكومة الوصول إليها مع قوى معارضة انقساما داخل الأخيرة، حيث ترى بعض الأحزاب وشخصيات قيادية فيها أنها فرصة للخروج من شرنقة التضييق والوصول إلى السطح على أمل انتزاع المزيد من المكاسب لاحقا.

وبينما يرى فريق آخر أن السردية التي يريدها النظام المصري ساقها في ظروف يتعرض فيها لضغوط مختلفة، وما أن يتمكن من تمرير الانتخابات قد ينقض على جوانبها الإيجابية، وما جرى من مناقشات مع قوى معارضة على قاعدة الحوار الوطني غير مضمون استمراره عندما تنقضي أسبابه الخاصة بتمرير الانتخابات.

◙ الحكومة تهدف إلى توفير بيئة مناسبة لإعادة انتخاب الرئيس السيسي بلا منغصات كبيرة مع تقديم تنازلات محدودة للمعارضة

ويرى هذا الفريق ضرورة رفع قائمة المطالب الضرورية المتعلقة بإجراء تعديلات محددة في الدستور وحل جميع الإشكاليات التي مثلت عائقا أمام المعارضة، وبينها توسيع مساحة الحريات والإفراج عن كل معتقلي التعبير عن الرأي والسياسيين، فهذه فرصة يصعب تكرارها مرة أخرى وتفويتها يزيد الأوضاع غموضا.

وفي هذا السياق بدأ ينمو التلويح بطلب رقابة دولية على انتخابات الرئاسة المصرية لاختبار جدية الحكومة في نزاهتها ومصداقيتها واستجابتها للمعارضة ومنع أيّ محاولات للتزوير، فهناك أحزاب في المعارضة لا تطمئن كثيرا لإجراء انتخابات على أساس المنافسة الكاملة والحرة لكل المرشحين.

وتلقفت جماعة الإخوان تلميحات بعض المنظمات الحقوقية برقابة دولية صارمة وبدأت تعزف عليها لإحراج النظام المصري أمام العالم، وهو ما دفعه للإيحاء للقائمين على الحوار الوطني بتقديم مقترحهم للإشراف القضائي الكامل وتجاوب الرئيس السيسي معه بغرض قطع الطريق على سيناريو تدويل الإشراف على الانتخابات.

وكان دستور 2014 وتعديلاته اللاحقة عام 2019، منحت مهلة عشرة أعوام لإنهاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية، وتحل مكانها الهيئة الوطنية للانتخابات، وتعين من قبل رئيس الدولة، بدءا من انتخابات 2024.

2