إسقاط عضوية نائب معارض ينذر بتصعيد في صراع السلطتين بالكويت

العلاقة بين الحكومة الكويتية المشكّلة حديثا والبرلمان الذي تغلب المعارضة على تركيبته لا تسير في اتّجاه التهدئة المنشودة والمطلوبة لمواجهة مصاعب المرحلة الاستثنائية، حيث ينذر إسقاط عضوية بدر الداهوم “نجم المعارضة الساطع” بانطلاق حلقة جديدة من التجاذبات الحادّة المفضية إلى متوالية حلّ السلطتين وإعادة تشكيلهما.
الكويت – فتح إسقاط القضاء الكويتي لعضوية أحد أبرز أصوات المعارضة في مجلس الأمّة (البرلمان) الباب على مرحلة جديدة من الصراع بين الحكومة المشكّلة حديثا بقيادة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، والمجلس الذي تشغل المعارضة عددا كبيرا من مقاعده.
وقرّرت المحكمة الدستورية في الكويت، الأحد، إبطال عضوية النائب بدر الداهوم بعد تقديم طعون على عضويته من قِبل مواطنين استندت إلى صدور حكم قضائي سابق بحقّه في قضية إساءة للذات الأميرية وهو ما يمنعه من الترشّح للانتخابات البرلمانية.
واعتبرت أوساط سياسية كويتية أن القرار جاء بمثابة وصفة لنسف جهود التهدئة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولتصعيد الصراع بينهما والذي كان قد أدى في يناير الماضي إلى استقالة حكومة الشيخ صباح الخالد السابقة بعد أقل من شهر على تشكيلها.
وأخذت قضية الداهوم أبعادا سياسية تجاوزت إطارها القانوني بسبب بروز النائب المنتمي إلى تجمّع ثوابت الأمّة السلفي بشكل كبير كأحد أقوى أصوات المعارضة للحكومة الكويتية تحت قبّة البرلمان، حيث خاض منذ اليوم الأول لدخوله المجلس جميع المعارك انطلاقا من محاولة منع مرزوق الغانم من الحصول مجدّدا على منصب رئيس البرلمان وصولا إلى الاستجواب النيابي الذي كان سببا مباشرا في استقالة حكومة الشيخ صباح الخالد السابقة، فيما يواصل المشاركة في خوض معركة الاعتراض على المساعي الحكومية للاقتراض والسحب من الصندوق السيادي للكويت بهدف حلّ الأزمة المالية.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن إدانة الداهوم جاءت بحكم نهائي يجرّده من ممارسة حق الانتخاب وحق الترشح في انتخابات مجلس الأمّة. وطلبت المحكمة إعادة الانتخاب مجددا في الدائرة الخامسة التي نجح فيها الداهوم لشغل المقعد النيابي الذي حصل عليه وأصبح الآن شاغرا.
وكانت محكمة التمييز قد قررت في وقت سابق صحة ترشيح الداهوم في انتخابات مجلس الأمّة الأخيرة بعد أن شطبته وزارة الداخلية بناء على تضمّن صحيفته الجنائية حكما في قضية تتعلّق بالإساءة للذات الأميرية وهو ما يمنعه من الترشح وفق قانون “منع المسيء” الذي تمّ تمريره عام 2016 في مجلس الأمّة.
وتقدّم الداهوم والنائب محمد المطير مؤخرا باستجواب لرئيس مجلس الوزراء من محور واحد وهو الانتقائية في تطبيق القوانين. وجاء ذلك بسبب إحالة وزارة الداخلية للعشرات من المواطنين بينهم 15 عضوا في البرلمان إلى النيابة العامة لمخالفة التدابير الاحترازية المتّخذة لمواجهة جائحة كورونا بمشاركتهم في تظاهرة نظّمها نواب معارضون بينهم الداهوم وقالوا إنّها مؤتمر صحافي. واعتبر هؤلاء النواب أنّ مساءلة المشاركين في المؤتمر تتناقض مع السماح بإقامة أنشطة أخرى.
وتتّجه قضية إسقاط عضوية الداهوم نحو الانفصال عن طابعها القانوني لتأخذ أبعادا سياسية نظرا لحالة التضامن الواسعة مع النائب من قبل عدد كبير من نواب البرلمان والتيارات السياسية التي ينتمون إليها.
فقد أثار حكم الدستورية انتقادات عدد من نواب مجلس الأمّة حيث أعلن النائب حمدان العازمي تبني الاستجواب الموجّه لرئيس الوزراء والمقدم من قبل الداهوم والمطير.
وقال النائب عبدالكريم الكندري إن تعديل قانون المحكمة الدستورية بإعادة تشكيلها وتحديد صلاحياتها وإقرار قانون مخاصمة القضاء أصبح ضرورة، مضيفا “من لم يردعه ضميره تردعه القوانين”.

كما نقلت صحيفة الرأي المحلية عن النائب عبدالعزيز الصقعبي قوله “كنت قد تقدمت بمقترح تعديل قانون المحكمة الدستورية بإلغاء تفويض النظر في صحة العضوية وإعادة الاختصاص لصاحب الحق الأصيل (البرلمان). وسأتقدم بطلب استعجال القانون وأدعو النواب للتوقيع عليه حفاظا على مبدأ دستوري راسخ وهو الفصل بين السلطات الذي أصبح ضروريا”، بينما قال النائب مبارك الحجرف “سوف نعيد هذا الأمر إلى ما قبل عام 1973 ويرجع هذا الاختصاص الأصيل إلى مجلس الأمّة”.
وفي مؤشّر على تصعيد نيابي قادم ضدّ حكومة الشيخ صباح الخالد قال النائب مرزوق الخليفة بعد قرار المحكمة الدستورية “كل الخيارات قائمة ومفتوحة”، معلنا عن توجيه دعوة “لعقد اجتماع طارئ مع النواب لاتخاذ ما يلزم من موقف سياسي يتلاءم مع هذا الوضع الذي وصلنا إليه حفاظا على كيان الدولة القانوني والدستوري”.
وتبدو الأجواء السياسية في الكويت أبعد عن التهدئة المنشودة بهدف التفرّغ لمواجهة المرحلة الصعبة ما يميّزها من أزمة صحية وأخرى مالية ناتجة عن تذبذب أسعار النفط وجائحة كورونا.
وتحدّثت وسائل إعلام كويتية الأسبوع الماضي عن جهود لإغلاق عدد من الملفات الخلافية بين أعضاء في البرلمان والحكومة وعلى رأسها ملف العفو عن نواب سابقين مدانين في قضية ما يعرف باقتحام مجلس الأمّة وفي قضايا تتعلق بتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت إنّ وزير العدل عبدالله الرومي بدأ بالفعل مفاوضات في هذا الاتّجاه.
وكان أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح قد دعا بمناسبة أداء الوزراء لليمين الدستورية أمامه “السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى التعاون البنّاء”.
ويتمتع أعضاء البرلمان الكويتي الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات بسلطات تشريعية واسعة ويشهد مناقشات حادة كثيرا ما كانت تتحوّل إلى أزمات سياسية تطيح بالحكومة والبرلمان ليعاد تشكيلهما من جديد.