إسقاط التهم عن خالد نزار يخفف الضغط عن صقور التسعينات في الجزائر

الجزائر - أعلنت مصادر قريبة من وزير الدفاع الجزائري السابق الجنرال خالد نزار عن إسقاط القضاء السويسري التهم التي وجهها له في وقت سابق، وذلك بعد سحب الشاكي لدعواه من المحكمة، وهو ما يعتبر تخفيفا للضغط على ما يعرف بصقور التسعينات، نظير اللبس الذي يلف مسارهم المهني خلال تلك الحقبة، بسبب شكوك حول ارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان.
وكشف تقرير نشره موقع “ألجيري باتريوتيك” المملوك لابن وزير الدفاع السابق، أن المشتكي الذي تقدم للقضاء السويسري بشكوى حول تعرضه للتعذيب من طرف نزار، قد سحب شكواه، وأن القضاء السويسري قد أسقط التهم الموجهة إليه.
ولم يتم تأكيد أو نفي المعلومات المستجدة حول ملف الجنرال نزار لدى القضاء السويسري، الأمر الذي يبقي الغموض سائدا حول القضية، لاسيما وأن الحكم الصادر في حقه هو حكم نهائي وأنه لا جدوى من سحب الشكوى في تغيير مضمونه، بحسب ناشطين سياسيين في المهجر.
مصادر قريبة من وزير الدفاع الجزائري السابق خالد نزار تعلن عن إسقاط القضاء السويسري تهم التعذيب الموجهة إليه
وكان القضاء السويسري قد وجه تهمتي “التواطئ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، بعد توقيف الرجل في جنيف للتحقيق معه في فبراير الماضي، لكنه سمح له بمغادرة التراب السويسري، مقابل الالتزام بالامتثال أمامه متى استدعت الضرورة لذلك.
وشكل الحكم حينها سابقة أولى في تاريخ القضاء السويسري، لما تابع شخصية برتبة وزير دفاع سابق، واستند آنذاك إلى قاعدة قانونية تقضي بأن “البلاد كانت تحت وقع حرب أهلية”، في إشارة إلى النزاع المسلح القائم بين مؤسسات الدولة من جهة، وبين تنظيمات جهادية تحت لواء الجبهة الإسلامية للإنقاذ من جهة أخرى.
ويوصف الجنرال نزار بـ”عراب” صقور المؤسسة العسكرية، الذين قادوا مرحلة الحرب على الإرهاب، وضمنوها بعدا سياسيا يرفض أي حل سياسي للأزمة التي عاشتها البلاد بين (1990 و2000)، قبل أن ينخرط الجميع في مشروع المصالحة الوطنية الذي أقره الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، على مرحلتين في 1999 و2005.
كما تصدر الرجل النخبة العسكرية التي تدخلت مطلع تسعينات القرن الماضي لوقف المسار الانتخابي بعدما استحوذ عليه إسلاميو جبهة الإنقاذ، بدعوى حماية قيم الجمهورية وقطع الطريق على مشروع “أفغنة” البلاد، لكن الإسلاميين ونخبا سياسية أخرى اعتبرته انقلابا على إرادة الشعب.
وظل حقوقيون وسياسيون في جبهة الإنقاذ الإسلامية يتابعون الجنرال نزار، من أجل محاكمته أمام القضاء الأوروبي، لكنه استطاع الإفلات في عدة مرات بسبب دعم السلطة له، كما حدث العام 2001، عندما تم توقيفه في فرنسا، قبل أن يتم ترحيله على جناح السرعة على متن طائرة خاصة.
وبذل وزير الدفاع السابق جهودا مضنية من أجل إقناع خصومه بالتنازل عن الشكاوى المرفوعة ضده سواء في فرنسا أو سويسرا.
وسلط ملف نزار القضائي الأضواء على مرحلة معينة من تاريخ الجزائر، لاسيما في جانبها السياسي والأمني حيث لعب الرجل دورا محوريا، فإلى جانب رتبته السامية في المؤسسة العسكرية، كان وزيرا للدفاع الوطني من العام 1992 إلى 1994.
القضاء السويسري قد وجه تهمتي التواطئ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بعد توقيف خالد نزار في جنيف للتحقيق معه
ويأمل محيط الرجل المقيم في الجزائر حاليا، في إسقاط التهم الموجهة له من طرف القضاء السويسري، لضمان نهاية مريحة للرجل (86 عاما)، خاصة وأن نزار اضطر لقضاء فترة منفى اختياري من 2019 و2020، بإسبانيا بسبب التوازنات التي أحدثها آنذاك قائد الجيش السابق الجنرال أحمد قايد صالح، وخشيته من أن يلقى نفس مصير العديد من الجنرالات والضباط السامين الذين زج بهم في السجن آنذاك.
وكان فريق دفاع نزار قد أكدوا في محطات سابقة أن موكلهم رفض التهم المنسوبة له، واعتبر الدعاوى المقدمة ضده كيدية ولا تستند إلى أدلة مقنعة، كما أنه شخصية تحظى بالحصانة الديبلوماسية، وهو ما يكون قد أقنع المحكمة السويسرية بغلق الملف في 2011، لكن الاستئناف أثار الملف مجددا وغيّر منطوق الحكم، إلى تهم توصف بـ”الخطيرة”.
وتولت منظمة “تريال” الحقوقية السويسرية، إلى جانب ناشطين حقوقيين متابعة الملف ضد الجنرال نزار منذ مطلع الألفية، وتأمل في توسيع المتابعة القضائية إلى بقية الشركاء العسكريين والأمنيين للرجل في تلك المرحلة، في إشارة إلى النخبة التي قادت الحرب على الإرهاب، ويشار إليها من طرف المنظمة بـ”ارتكاب مجازر جماعية ضد مواطنين عزل، والقيام بانتهاكات حقوقية خطيرة شملت التعذيب والتصفية”.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد كرم الضابطين المثيرين للجدل في الجزائر، في احتفالية ستينية الاستقلال الوطني، وهما الجنرالان محمد مدين (توفيق) مدير جهاز الاستخبارات سابقا، ووزير الدفاع المذكور نزار، وهو ما اعتبر رسالة سياسية حول حماية السلطة لرجالاتها من الضغوط أو الملاحقات التي يتعرضون لها.