إسرائيل وحزب الله يتبادلان الهجمات وسط قلق أميركي من انهيار الهدنة

القدس - قُتل تسعة أشخاص في جنوب لبنان مساء الإثنين في غارات شنّتها إسرائيل إثر إطلاق حزب الله، للمرة الأولى منذ بدء سريان هدنة هشّة بين الطرفين، صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي ردّا على "الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة" لاتفاق وقف إطلاق النار، في تصعيد بين الطرفين دفع واشنطن إلى المسارعة لحثهما على الالتزام بالهدنة، وسط مخاوف من انهيارها.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أنّ تسعة أشخاص على الأقلّ قتلوا مساء الإثنين بغارتين إسرائيليتين استهدفتا بلدتي حاريص وطلوسة في جنوب لبنان، في حصيلة قتلى هي الأفدح من جراء هجمات منذ دخول الهدنة الهشّة حيّز التنفيذ الأسبوع الماضي.
وكانت الوزارة أعلنت مقتل شخص على الأقل في بلدة مرجعيون جراء ضربة نفّذتها مسيّرة وفق الوكالة الوطنية للإعلام على دراجة نارية.
ومساء الإثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم "عشرات المنصات الصاروخية والبنى التحتية التابعة لحزب الله في أنحاء لبنان".
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوم حزب الله بأنه "انتهاك خطير" للهدنة، مضيفا أن إسرائيل سترد بشدة.
لكنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر قال في تصريح لصحافيين إن "وقف إطلاق النار صامد"، وإنّ واشنطن بصدد النظر في انتهاكات محتملة له.
ورغم ذلك، أفاد موقع أكسيوس نقلا عن مصادر بأن الإدارة الأميركية أعربت سرا للإسرائيليين عن قلقها من احتمال انهيار وقف إطلاق النار.
وكشفت أنّ إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بالقلق من احتمال انهيار وقف إطلاق النار الهش في لبنان.
وقال أكسيوس نقلا عن مسؤول أميركي إن الإسرائيليين مارسوا ما وصفها بلعبة خطيرة الأيام الأخيرة.
وأضاف أن المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين أبلغ إسرائيل أنه يتعين عليها إفساح المجال لآلية مراقبة وقف إطلاق النار، معربا عن قلقه بشأن ضرباتها المستمرة في لبنان.
لكن الموقع الإخباري الأميركي نقل عن مصادر مطلعة أيضا أن إسرائيل ولبنان أبلغا البيت الأبيض التزامهما وقف إطلاق النار رغم الخروقات على الحدود.
وفي السياق، قال موقع والا الإخباري الإسرائيلي نقلا عن مصادر إن وزير الشؤون الإستراتيجية أكد لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن إسرائيل تريد الحفاظ على الاتفاق في لبنان.
وعلى الجانب اللبناني، اتهم رئيس البرلمان نبيه بري إسرائيل بـ"خرق فاضح" لاتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين الحزب المدعوم من إيران، داعيا اللجنة التي شُكّلت بموجب الاتفاق للإشراف على تنفيذه والتي تضمّ الولايات المتحدة وفرنسا، إلى "مباشرة مهامها بشكل عاجل وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي" اللبنانية.
ويسري منذ فجر الأربعاء الماضي وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل وضع حدا لنزاع بدأ قبل أكثر من عام بين الطرفين، غداة اندلاع حرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على الدولة العبرية.
وينصّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية الولايات المتحدة وفرنسا، على انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان خلال 60 يوما يسحب خلالها حزب الله قواته إلى شمال نهر الليطاني (30 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل) ويفكّك البنى التحتية العسكرية التابعة له في جنوب لبنان.
ومنذ سريان الهدنة، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان بشكل يومي عن "انتهاكات متواصلة لوقف إطلاق النار" من جانب القوات الإسرائيلية، مع تعرض بلدات، خصوصا الحدودية منها، لقصف مدفعي ورشقات رشاشة
والإثنين، أعلن حزب الله أنه شنّ هجوما على موقع عسكري إسرائيلي، للمرة الأولى منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وذلك ردا على "الخروقات" الإسرائيلية.
وتعقيبا على ذلك، قال نتنياهو في بيان أصدره مكتبه "إن إطلاق حزب الله النار على موقع اسرائيلي يشكّل انتهاكا خطيرا لوقف إطلاق النار، وسوف ترد إسرائيل بشدة على ذلك" مؤكدا "نحن مصممون على مواصلة تطبيق وقف إطلاق النار والرد على أي انتهاك من جانب حزب الله، سواء كان صغيرا أو خطيرا".
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية بأن إسرائيل شنّت مساء الإثنين غارات على "منطقتي بصليا والبريج عند أطراف بلدة جباع" و"مرتفعات جبل صافي وأطراف اللويزة ومليخ في منطقة إقليم التفاح"، كما أفادت بتعرض "المنطقة الواقعة بين حومين الفوقا ودير الزهراني لغارة معادية"، وذلك وسط "تحليق مكثّف للطيران الاستطلاعي في أجواء مناطق الجنوب على علو منخفض".
وكان نتنياهو قد قال قبيل دخول الاتفاق حيز التنفيذ إنّ لإسرائيل "الحرية الكاملة للتحرّك عسكريا" في لبنان إذا انتهك حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار أو حاول إعادة التسلح.
من جانبه، أبلغ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر بضرورة التزام كلّ الأطراف باتفاق الهدنة، وفق ما أعلنت الوزارة الفرنسية.
وردا على الاتهامات بخرق الاتفاق، قال ساعر في بيان "على العكس، إسرائيل تطبق هذه التفاهمات ردا على انتهاكات حزب الله والتي تتطلب تحركا فوريا".
وفي لبنان، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي فاوض باسم حزب الله للتوصل إلى الاتفاق، إن "ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية" في القرى الحدودية، مع "استمرار الطلعات الجوية وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرة عمق المناطق اللبنانية (...) تمثل خرقا فاضحا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار".
وأشار بري إلى أنّ الخروق "تجاوزت 54 خرقاً، فيما لبنان والمقاومة ملتزمون بشكل تام بما تعهدوا به"، وذلك قبل أن يشنّ حزب الله هجومه الإثنين.
وفتح حزب الله "جبهة إسناد" لقطاع غزة غداة اندلاع الحرب في القطاع الفلسطيني بعد هجوم لحركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. واستمر تبادل إطلاق النار بينه وبين الجيش الإسرائيلي عبر الحدود اللبنانية لنحو عام الى أن تحوّل الى حرب مفتوحة بعد تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية وعملياتها العسكرية وبدئها هجوما بريا على جنوب لبنان اعتبارا من 30 سبتمبر.
وتعرّض الحزب خلال الشهرين الماضيين لضربات موجعة أودت بمعظم قادته من الصف الأول والعديد من الصفّ الثاني. وبعدما رفض مرارا فصل جبهته عن جبهة غزة مطالبا بوقف الحرب في غزة وانسحاب إسرائيل من القطاع، وافق على وقف إطلاق النار في لبنان.
وتسبّب التصعيد بين حزب الله وإسرائيل في مقتل 3961 شخصا على الأقل منذ أكتوبر 2023، معظمهم في الأسابيع الأخيرة من الحرب، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
وعلى الجانب الإسرائيلي، أدت الأعمال الحربية إلى مقتل 82 عسكريا و47 مدنيا على الأقل، بحسب السلطات.
وأجبر الصراع 60 ألف شخص في إسرائيل و900 ألف في لبنان على الفرار من منازلهم.
والإثنين، أفاد الجيش اللبناني بأنّ مسيّرة إسرائيلية استهدفت مركزا تابعا له في منطقة الهرمل في شرق البلاد بعيدا عن الحدود مع إسرائيل، ما أسفر عن إصابة جندي بجروح.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّه "استهدف آليات عسكرية تعمل في منطقة موقع لتصنيع الصواريخ لحزب الله في البقاع".
وأشار إلى أنّه ضرب "مواقع بنى تحتية إرهابية تُستخدم لتهريب الأسلحة قرب الحدود السورية اللبنانية في منطقة الهرمل"، مشيرا إلى أنّه "يحقّق" في الظروف التي أُصيب فيها جندي لبناني.
وأوضح أنّه نفّذ "عدّة ضربات ردا على إرهابيي حزب الله في المنطقة الجنوبية من لبنان".
وأفاد الجيش الإسرائيلي الأحد بأنه قتل مقاتلين لحزب الله في جنوب لبنان. وقال في بيان إنه تحرك بهدف "القضاء على تهديدات" تشكل "انتهاكا لشروط اتفاق وقف إطلاق النار".