إسرائيل ليست مهتمة حاليا بحل دبلوماسي مع لبنان وماضية في تدمير قدرات حزب الله

إيران منشغلة عن حليفها اللبناني بالرد الإسرائيلي المرتقب.
الخميس 2024/10/10
السلام يهجر سماء المنطقة

لا بوادر عن حل دبلوماسي في الأفق بين لبنان وإسرائيل، التي تشعر أنها في وضع يخول لها المضي قدما في استنزاف حزب الله وتدمير قدراته المادية والبشرية، بعد الضربات القاصمة التي تلقاها والتي فقد خلالها قياداته في الصفوف الأولى.

بيروت - تعكس تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن الحل الدبلوماسي مع لبنان ليس مطروحا في الوقت الحالي، رغم إبداء حزب الله استعداده لخفض سقف مطالبه، والتخلي عن فكرة ربط إنهاء التصعيد بوقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وتشير المعطيات إلى أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو ماضية قدما في الخيار العسكري لإضعاف حزب الله وتدمير بنيته التحتية في معاقله الرئيسية، والتأكد من عدم قدرته على إعادة ترميم نفسه على المدى المتوسط على الأقل.

ويرى محللون أن الحكومة الإسرائيلية ترى بأن الوضع سانح لتحقيق أهدافها في لبنان، وهي تستند في ذلك على إجماع سياسي وشعبي في الداخل حتى من قبل المعسكر المعارض لها، وعلى دعم أميركي مطلق، لإنهاء خطر الحزب اللبناني المدعوم من إيران.

ويشير المحللون إلى أن ما يضاعف ثقة الجانب الإسرائيلي توصله إلى قناعة بأن إيران عاجزة عن إنقاذ الحزب الموالي لها، وأن جل تركيزها منصب على تفادي الرد الإسرائيلي أو التقليل من أثره بعد الضربة الإيرانية الصاروخية الأسبوع الماضي.

قيادات حزب الله لم تعد تشترط تطبيق هدنة في قطاع غزة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان

ووصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الرياض في وقت سابق من الأربعاء، في إطار جوله قادته لاحقا إلى الدوحة.

وقال مسؤول إيراني كبير إن وزير الخارجية الإيراني سيناقش القضايا المشتركة والجهود الرامية إلى التوصل لوقف لإطلاق النار في لبنان وقطاع غزة خلال زيارته إلى السعودية وقطر، لكن المحللين يرون بأن النقطة الأبرز في أجندة المشرف على الحقيبة الدبلوماسية، هو الرد الإسرائيلي المرتقب على إيران.

وأبدى حزب الله استعدادا لتقديم تنازلات من أجل تسوية دبلوماسية مع إسرائيل، بعد الضربات القاصمة التي تلقاها خلال الأسابيع الأخيرة، وخسارته للصفوف الأولى والثانية والثالثة من قياداته.

ولم تعد قيادات حزب الله تشترط تطبيق هدنة في قطاع غزة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان في تراجع عن تعهد دأب الحزب على تكراره بمواصلة القتال حتى توقف إسرائيل هجومها على حركة حماس المتحالفة معها والمدعومة أيضا من إيران.

وأكدت قيادات حزب الله باستمرار أن الأعمال القتالية عبر الحدود لن تتوقف حتى تنهي إسرائيل الحرب في غزة. وبدأ الحزب في إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد يوم من هجوم قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر العام الماضي.

الحكومة الإسرائيلية ترى بأن الوضع سانح لتحقيق أهدافها في لبنان، وهي تستند على إجماع سياسي وشعبي في الداخل

لكن نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، فك ذلك الربط في خطاب بثه التلفزيون الثلاثاء على الرغم من تعهده بمواصلة دعم جانب حماس والفلسطينيين في معركتهم ضد إسرائيل.

وقال قاسم إنه يدعم جهود رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، حليف حزب الله، للتوصل إلى هدنة، دون وضع شروط مسبقة. وأصبح قاسم الآن المسؤول الأعلى في حزب الله بعد مقتل الأمين العام حسن نصرالله، في غارة إسرائيلية.

وأضاف قاسم “نؤيد الحراك السياسي الذي يقوده بري بعنوانه الأساس وقف إطلاق النار”. وأضاف قائلا “إن تابع العدو حربه، فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلا”.

وقبل يومين، تحدث قياديان أقل مرتبة في حزب الله عن هدنة في لبنان من دون ربطها بغزة.

وقال سامي أبوزهري القيادي الكبير في حماس إن أعضاء الحركة لا يزالون “واثقين من موقف حزب الله من ربط أي اتفاق بوقف الحرب في غزة”، مستشهدا ببيانات سابقة لحزب الله.

لكن مسؤولا بالحكومة اللبنانية طلب عدم نشر اسمه قال لرويترز إن حزب الله عدل عن موقفه بسبب مجموعة من الضغوط، بما في ذلك النزوح الجماعي للأفراد من الدوائر الانتخابية الرئيسية حيث يعيش أنصار الجماعة الشيعية في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.

ما يضاعف ثقة الجانب الإسرائيلي توصله إلى قناعة بأن إيران عاجزة عن إنقاذ الحزب الموالي لها

وأضاف المسؤول أن القرار جاء أيضا بسبب تكثيف إسرائيل حملتها البرية واعتراض بعض الأطراف السياسية اللبنانية على موقف حزب الله.

وفي الأيام القليلة الماضية، دعا مشرّعون كبار من الطوائف الأخرى في المشهد السياسي اللبناني إلى إصدار قرار لإنهاء القتال لا يربط مستقبل لبنان بحرب غزة. وكان لبنان يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية قبل أحدث جولة في الصراع.

وقال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الاثنين “لن نربط مصيرنا بمصير غزة”.

واعتبر زعيم حزب المردة سليمان فرنجية، الحليف المقرب لحزب الله، أن “الأولوية” هي وقف الهجوم الإسرائيلي. وأضاف في تصريح لصحافيين “يجب أن نخرج موحدين في لبنان والأهم أن يخرج لبنان منتصرا”.

وقبل هذه التعليقات، كانت هناك مؤشرات من قيادات أخرى على أن حزب الله قد يغير موقفه.

وقال محمود قماطي القيادي في حزب الله للتلفزيون الرسمي العراقي يوم الأحد إن الجماعة ستكون مستعدة لبدء استكشاف الحلول السياسية وإنها “تأتي بعد وقف العدوان الصهيوني على لبنان”، مجددا من دون ذكر غزة.

حزب الله أبدى استعدادا لتقديم تنازلات من أجل تسوية دبلوماسية مع إسرائيل، بعد الضربات القاصمة التي تلقاها خلال الأسابيع الأخيرة

وذكر دبلوماسيون لاحظوا هذا التحول أن حزب الله ربما تأخر كثيرا في خلق زخم دبلوماسي. وكثفت إسرائيل هجومها بإرسال قوات برية إلى مناطق جديدة عبر الحدود بين إسرائيل ولبنان خلال الأيام الماضية، فضلا عن مواصلة شن الغارات الجوية على بيروت وأماكن أخرى.

وقال أحد الدبلوماسيين المعنيين بالشأن اللبناني إن “المنطق الحاكم” الذي تتبناه إسرائيل الآن أصبح عسكريا لا دبلوماسيا.

وشدد دبلوماسي غربي كبير على أن لا مؤشرات على وقف إطلاق النار تلوح في الأفق، وإن الموقف الذي يعبر عنه المسؤولون اللبنانيون “تطور” من موقفهم السابق الذي ركز بشكل صارم على وقف إطلاق النار في غزة عندما بدأت القنابل تتساقط على بيروت.

وقال مهند الحاج علي، الخبير في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن إسرائيل تمكنت من أن تكون صاحبة اليد العليا من خلال تكثيف الضغوط على حزب الله عسكريا.

وأضاف أن “حزب الله يمارس لعبة سياسية… لكن هذا ليس كافيا بالنسبة إلى الإسرائيليين. الأمر لا يسير على هذا النحو”.

وأعلن حزب الله الأربعاء أنه قصف قوات إسرائيلية داخل بلدة حدودية في جنوب لبنان بعيد قوله إن مقاتليه يخوضون “اشتباكات” مع قوات حاولت التقدم إلى البلدة نفسها.

وقال الحزب في بيان إن مقاتليه استهدفوا “تجمعا لقوات العدو الإسرائيلي في كروم المراح في ميس الجبل بقذائف المدفعية”.

من جهتها أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، نجمة داود الحمراء، بمقتل رجل وامرأة يبلغان نحو 40 عاما بنيران صواريخ سقطت على كريات شمونة التي تبعد كيلومترين عن الحدود مع جنوب لبنان.

وقالت الهيئة إنها عثرت عليهما “فاقدي الوعي ومصابين بشظايا. أجرينا الفحوصات الطبية لهما، لكن إصاباتهما كانت خطيرة واضطررنا إلى إعلان وفاتهما في المكان”. وهما أول قتلى في إسرائيل بصواريخ من لبنان منذ تكثيف الهجوم العسكري الإسرائيلي ضد حزب الله.

2