إسرائيل قد تُسقط هدف اقتلاع حماس من خططها لاجتياح غزة

واشنطن تعلن التزام إسرائيل بهدن يومية بهدف تهدئة أجواء القمة العربية.
الجمعة 2023/11/10
الشيخ تميم يزور أبوظبي للحصول على دعم الشيخ محمد بن زايد لتحركات التهدئة في غزة

القدس – قد تجبر الضغوط المحلية والدولية المتزايدة إسرائيل إما على تسريع هجومها البري في غزة، مع المخاطرة بإمكانية تكبد خسائر جسيمة في صفوف قواتها ومواجهة ردود فعل إقليمية، أو على التخلي عن هدفها المعلن المتمثل في اقتلاع حماس.

واستبق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني القمة العربية المقررة الجمعة في الرياض بزيارة إلى أبوظبي للحصول على دعم رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتحركات من الواضح أنها تهدف إلى تحصيل تنازلات أميركية وإسرائيلية بشأن الوضع في غزة.

وتزامن هذا مع إعلان الولايات المتحدة عن التزام إسرائيل بهدنة بين أربع ساعات يوميا وثلاثة أيام لتهدئة أجواء القمة، وتقول إن واشنطن تتجاوب مع طلبات الزعماء العرب بعد اجتماع سلبي في عمان بين وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزراء خارجية عرب من دول حليفة لواشنطن رفضت فيه الولايات المتحدة فكرة إقرار هدنة في غزة.

وأعلنت حركة حماس الخميس وصول رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية إلى مصر لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين حول الأوضاع في قطاع غزة.

النهج التدريجي الذي تتبعه إسرائيل في الاجتياح يهدف إلى منح السياسيين الفرصة لصياغة خطة حكم القطاع بعد الحرب

وقالت الحركة في بيان إن هنية وصل إلى مصر صباح الخميس مع وفد يضم خالد مشعل وخليل الحية، مشيرة إلى أنه التقى رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل “وتم التباحث بشأن الأوضاع الراهنة في قطاع غزة”.

ونقلت رويترز عن مسؤول أميركي قوله إن مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز التقى الخميس رئيس الوزراء القطري ورئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في الدوحة بخصوص إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس.

وركزت إسرائيل على عزل مدينة غزة، أكبر مدينة في القطاع، منذ بدء العمليات البرية في 27 أكتوبر الماضي، وشن عمليات محدودة تهدف إلى تفكيك معاقل حماس الرئيسية وتقييد تحركاتها.

ويؤكد هذا التوجه توقعات إسرائيلية أشارت سابقا إلى أن تل أبيب ستركز على الغارات الجوية لإضعاف حماس والفصائل المسلحة ، بدلا من شن هجوم واسع النطاق عبر القطاع بأكمله.

والخميس أعلن الجيش الإسرائيلي السيطرة على معقل لحركة حماس في مخيم جباليا “بعد عشر ساعات من القتال”، مشيرا إلى أنه كان موقعا “تدرب فيه الإرهابيون ونفذوا هجمات”، وأن قواته “صادرت العديد من الأسلحة، وكشفت فتحات أنفاق (…) بينها نفق يقع بجوار روضة أطفال، ويؤدي إلى شبكة واسعة تحت الأرض”.

ولم يشارك في العمليات الإسرائيلية إلى حد الآن سوى جزء صغير من القوات المحتشدة على الحدود مع غزة لضمان أقل قدر من الخسائر في صفوف الجيش وزيادة فرص اكتشاف الرهائن الذين تحتجزهم حماس.

ويرجح تقرير لمركز ستراتفور أن يهدف النهج التدريجي الذي تتبعه إسرائيل في اجتياح غزة إلى كسب الوقت لصياغة خطة لحكم القطاع بعد الحرب، في ظل عدم توافق دولي وإقليمي حول إستراتيجية ما بعد الإطاحة بحكم حماس.

ولم تسفر زيارة بلينكن إلى الشرق الأوسط في 4 نوفمبر، حين التقى مع الحلفاء والشركاء الإقليميين في الأردن وتركيا والعراق والضفة الغربية، عن التوصل إلى إجماع على كيفية إدارة القطاع إثر انتهاء الحرب.

ورفضت السلطة الفلسطينية أن تلعب دورا في غزة ما بعد الحرب، حيث لا تريد أن يفضي استلامها حكم غزة بعد الحرب الإسرائيلية إلى زيادة إضعاف شرعيتها وإثارة احتجاجات عنيفة في الضفة الغربية. ولم تُبد مصر اهتماما بمسألة الاضطلاع بدور أمني أو بمشاركة -مهما كان شكلها- في حكم القطاع بسبب التخوّف من التكاليف التي ستترتب على ذلك واحتمال اضطرار قواتها الأمنية إلى محاربة المتمردين هناك.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين مصريين قولهم إن الرئيس عبدالفتاح السيسي قال خلال لقاء له مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز إن بلاده لن تلعب دورا في القضاء على حماس لأنها تحتاج إليها في الحفاظ على أمن الحدود بينها وبين القطاع. وتتحدث تقارير عن خلافات مستمرة داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي في زمن الحرب حول حل الحكم في غزة بين من يريد سيطرة طويل الأمد ومن يطالب بالاكتفاء بتفكيك حماس.

وأشار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال مقابلة جمعته في السادس من نوفمبر مع وسائل إعلام أميركية، إلى أن الجيش الإسرائيلي قد يحتفظ بدور أمني طويل الأمد في غزة. وفي الوقت نفسه قال مسؤولون إسرائيليون آخرون، مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، إنهم يفضلون “نظاما أمنيا” جديدا على الاحتلال الإسرائيلي.

ii

ويبدو أن تجنب غزو واسع النطاق يهدف إلى تهدئة الضغط الأميركي على إسرائيل للسماح بتوقف مؤقت لأسباب إنسانية مع تزايد الضغط السياسي في واشنطن لتأمين وقف إطلاق النار.

والأكثر إلحاحا هو أن البيت الأبيض يشعر بالقلق من أن الصراع الممتد يمكن أن يتسبب في تصعيد إقليمي وما يتبعه من صدمات في مجال الطاقة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى توريط القوات الأميركية في حرب إقليمية.

وكان بلينكن قد قال في رام الله الأحد إنه يجب وضع “آلية دائمة لإعادة إعمار غزة” المدمرة وسيكون من الضروري إيجاد “طريق تسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش جنبا إلى جنب في مساحاتهم الخاصة وفي نفس الظروف الأمنية والحرية والفرص والكرامة”.

وأضاف بلينكن “من الواضح أن إسرائيل لا يمكنها احتلال غزة. الحقيقة هي أنه قد تكون هناك حاجة إلى انتقال الحكم عند نهاية الحرب لكن من الضروري أن يكون الشعب الفلسطيني في قلب الحكم في غزة والضفة الغربية”. وبدت تعليقات بلينكن بمثابة تحذير لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أعلن أن بلاده ستتحمل “المسؤولية الشاملة عن الأمن” في غزة “لفترة غير محددة”.

ومن المرجح أن تدفع هذه الضغوط مجتمعة إسرائيل إلى إجراء تعديلات غير جذابة على إستراتيجيتها العسكرية، إما بتسريع وتيرة العمليات القتالية في قطاع غزة أو تعديل الأهداف العسكرية لتجنب هجوم واسع النطاق.

وقد تنتهي العمليات القتالية الكبرى بسرعة أكبر إذا اختار الجيش الإسرائيلي تسريع الغزو. لكن السرعة سيترتب عليها المزيد من الخسائر العسكرية والمدنية الإسرائيلية، خاصة مع تحرك الجيش الإسرائيلي جنوبا حيث يوجد جل اللاجئين الفلسطينيين.

ويمكن أن تدفع الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية مجلس الوزراء الإسرائيلي إلى النظر في حلول أخرى تترك جزءا من قطاع غزة على الأقل غير محتل من إسرائيل وبعض الأهداف العسكرية الإسرائيلية غير محققة.

كما قد تشمل الحلول البديلة اتفاقا لوقف إطلاق النار تنسحب بموجبه حماس من القطاع، وهو ما لن يحقق هدف إسرائيل المعلن المتمثل في تدمير حماس. ويمكن أيضا أن تسمح إسرائيل للقوات الدولية، مثل الأمم المتحدة أو قوات حفظ السلام الدولية، بالسيطرة على أجزاء من القطاع.

لكن هذه الإستراتيجية قد لا تبدّد مخاوفها الأمنية؛ إذ لن يشمل التفويض الممنوح لمثل هذه القوات بالضرورة قمع حماس وغيرها من الجماعات المسلحة.

1