إسرائيل توظف التسهيلات الاقتصادية للضغط على غزة

سياسة منع العمال من التنقل عبر المعبر تُشكل انتكاسة اقتصادية لأسرهم خاصة في ظل اقتراب عيد الفطر.
الاثنين 2022/04/25
تصاريح العمل مقابل الهدوء

القدس - قررت إسرائيل الأحد إغلاق معبر بيت حانون “إيرز” (شمال) في وجه الآلاف من العمال والتجار الفلسطينيين، ردا على إطلاق صواريخ من قطاع غزة، في سياسة يصفها محللون سياسيون واقتصاديون بـ”العقوبات الجماعية”.

والسبت قال منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية غسان عليان في بيان إن حكومته قررت “إغلاق معبر إيرز أمام العمال والتجار، في أعقاب إطلاق الصواريخ من قطاع غزة”.

وأضاف أن “إعادة فتح المعبر (يصل بين إسرائيل وغزة) أمام العمال والتجار ستتم دراستها وفقا لتقييم الأوضاع”، دون أن يقدم تفاصيل أخرى.

مصطفى إبراهيم: إسرائيل تسعى لإعادة حالة الهدوء إلى قطاع غزة

ومنذ أيام تُطلق جهات فلسطينية -لم تعلن عن نفسها- قذائف صاروخية باتجاه المستوطنات الإسرائيلية المُحاذية لقطاع غزة، في ظل الأوضاع المتوترة بالضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس الشرقية.

ويرى محللون أن القرار الإسرائيلي أعاد إلى الواجهة سياسة “التسهيلات الاقتصادية مقابل الهدوء”.

وتُشكل سياسة منع العمال من التنقل عبر المعبر انتكاسة اقتصادية لأسرهم التي صارت تعتمد بشكل أساسي على هذا المعبر للذهاب إلى العمل، خاصة في ظل اقتراب عيد الفطر.

وفي أعقاب جولة القتال الأخيرة بين قطاع غزة وإسرائيل في مايو الماضي، منحت إسرائيل نحو 12 ألف فلسطيني من غزة تصاريح عمل، بعد تفاهمات تمت مع حركة حماس المسيطرة على القطاع، بوساطة مصرية.

واعتبر الفلسطينيون هذه التصاريح، التي يُسمح لهم من خلالها بالخروج من غزة للعمل إما في إسرائيل أو في الضفة الغربية، بمثابة “بارقة أمل لتحسين أوضاع حياتهم الاقتصادية”.

وفي فبراير الماضي قال عصام الدعليس، رئيس اللجنة الحكومية التي تُدير قطاع غزة، إن حكومته “تعمل على توفير 30 ألف تصريح عمل داخل إسرائيل”.  ويعيش في غزة أكثر من مليوني فلسطيني يعانون أوضاعا معيشية صعبة، جراء حصار إسرائيلي للقطاع متواصل منذ عام 2007.

وعبرت حركة حماس عن رفضها قرار إغلاق المعبر، معتبرة أنه “محاولة لمنع الشعب الفلسطيني من مواصلة دعمه وإسناده لسكان القدس”.

وقال حازم قاسم، المتحدث باسم الحركة، إن “قرار إغلاق معبر بيت حانون يهدف إلى تشديد الحصار، وهو أحد أشكال العدوان التي لا يمكن أن نقبل بها”.

وأضاف “هذا الأمر لن ينجح وسياسة العقاب الجماعي دائما أثبتت فشلها بحق شبعنا الفلسطيني”. ودعا المؤسسات الدولية إلى إدانة سياسة “العقاب الجماعي الإسرائيلية على قطاع غزة، والتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين”.

ويقول المحلل الاقتصادي سمير أبومدللة، المحاضر في جامعة الأزهر بغزة، إن “إغلاق المعبر يأتي لتعميق الأزمات الاقتصادية في القطاع، والضغط على الجانب الفلسطيني للمزيد من التضييق، ودفعه إلى تقديم تنازلات”.

حركة حماس تعبر عن رفضها قرار إغلاق المعبر
حركة حماس تعبر عن رفضها قرار إغلاق المعبر

وأضاف “هذه السياسة تندرج ضمن العقوبة الجماعية التي تتنافى مع القوانين الدولية”.

وأوضح أن “عملية الإنتاج بغزة وحركة السوق كانت تعتمد على رواتب موظفي حكومتي غزة والضفة، والقطاع الخاص، والمؤسسات الدولية، قبل حصول العمال على تصاريح العمل”.

وتابع “نحو 12 ألف عامل ساهموا في تحريك عجلة الإنتاج”، لافتا أن إيقاف ضخ تلك المبالغ في السوق المحلي سيؤدي إلى حالة ركود.

وذكر أن حصول “12 ألف عامل على تصريح عمل في إسرائيل يعني تحسين أوضاع 12 ألف عائلة فلسطينية، بواقع 72 ألف فرد (باحتساب متوسط عدد أفراد الأسرة بنحو 6 أفراد)”.

وأشار إلى أن تصاريح العمل هذه شكلت للفلسطينيين مصدر أمل كبير؛ فقد تقدموا بالآلاف للحصول على فرص عمل تُحسّن حياتهم، في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من 15 عاما.

وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) في نوفمبر 2021، بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 50 في المئة.

منذ أيام تُطلق جهات فلسطينية -لم تعلن عن نفسها- قذائف صاروخية باتجاه المستوطنات الإسرائيلية المُحاذية لقطاع غزة، في ظل الأوضاع المتوترة بالضفة الغربية

ومن جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن إسرائيل تعود إلى سياسة قديمة حديثة، انتهجتها منذ سنوات طويلة، وتقوم على “تعزيز وتعميق حالة الإغلاق الاقتصادي”. وقال إبراهيم إن “إسرائيل هددت قبل أيام بتقليص التسهيلات الاقتصادية المقدمة لغزة، في حال استمر إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه المستوطنات”.

وفي التاسع عشر من أبريل الجاري كان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قد هدد بأن إسرائيل ستتراجع عن التسهيلات الاقتصادية التي قدمتها إلى القطاع في حال تم “تهديد الاستقرار والهدوء”.

وعدّ إبراهيم هذه السياسة جزءا من “الضغط على حركة حماس، التي تدير قطاع غزة وتسعى لتغيير الواقع الاقتصادي الذي يعيشه السكان”.

وتابع “الضغط يأتي لإعادة حالة الهدوء إلى غزة، حيث وظفت إسرائيل الورقة الاقتصادية لمنع إطلاق الصواريخ بدلا من القيام بردود عسكرية من الممكن أن تتطور إلى جولة تصعيد، في ظل عدم رغبة الطرفين في الدخول فيها”.

ويعتقد أن هذا الإغلاق من شأنه أن “يؤثر على الأوضاع الاقتصادية للسكان، إذ يضخ هؤلاء العمال مبالغ في القطاع تساهم في التخفيف من التدهور الحاصل”.

ويستبعد استمرار إغلاق المعبر “لفترة طويلة، خشية العودة إلى مربع التصعيد خاصة في ظل رغبة حماس في تحسين الأوضاع الاقتصادية”.

2