إسرائيل توسع أهداف الحرب بعد تلويح جديد بالخيار العسكري ضد حزب الله

نتنياهو يضيف هدفا جديدا للحرب يشمل إعادة سكان شمال إسرائيل النازحين بسبب القصف المتبادل مع حزب الله إلى منازلهم.
الثلاثاء 2024/09/17
حديث عن استعدادات إسرائيلية لهجوم بري على الحدود اللبنانية

القدس - أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ الحكومة الأمنية المصغّرة قرّرت فجر الثلاثاء توسيع أهداف الحرب الراهنة لتشمل إعادة سكان شمال الدولة العبرية إلى بيوتهم بعدما نزحوا عنها بسبب القصف المتبادل عبر الحدود منذ 11 شهرا مع حزب الله، في إشارة إلى إصرار تل أبيب على تصعيد القتال ضد حزب الله اللبناني رغم التحذيرات الأميركية من أن يؤدي ذلك إلى حرب إقليمية واسعة ومتواصلة. 

ويأتي هذا القرار تزامنا مع زيارة مسؤول أميركي كبير تل أبيب سعى خلالها إلى كبح جماح الإسرائيليين عن التوجه نحو تصعيد أكبر مع حزب الله.

وقال مكتب نتنياهو في بيان صدر في ختام اجتماع لحكومة الحرب إنّ "مجلس الوزراء السياسي والأمني حدّث هذا المساء أهداف الحرب بحيث باتت تشمل الفصل الآتي: العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم".

ومنذ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس انطلاقا من قطاع غزة على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر والرد العسكري الإسرائيلي الواسع النطاق ضدّ القطاع الفلسطيني، يتبادل الجيش الإسرائيلي وحزب الله إطلاق النار بصورة شبه يومية عبر الحدود الإسرائيلية-اللبنانية.

ويقول حزب الله إنّه أشعل الجبهة بينه وبين إسرائيل "إسنادا" لحماس في حربها ضد إسرائيل.

ولا ينفكّ مسؤولون في حزب الله يقولون إنّ التنظيم الشيعي المسلّح سيوقف إطلاق النار إذا تمّ التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

بالمقابل، تؤكّد إسرائيل أنّه لا يمكنها السماح للحزب وترسانته العسكرية بالبقاء في جنوب لبنان على تخوم حدودها الشمالية.

وأدّى تبادل إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي إلى نزوح عشرات آلاف الإسرائيليين من شمال الدولة العبرية وعشرات آلاف اللبنانيين من جنوب لبنان.

وأثارت الاشتباكات المسلحة بين الجيش الإسرائيلي والحزب المدعوم من إيران مخاوف من اتساع رقعة الحرب المستمرّة منذ أكثر من 11 شهرا في قطاع غزة.

وحذرت الولايات المتحدة، الإثنين، إسرائيل من شن حرب ضد لبنان، مؤكدة أنها تدعم الوصول إلى "حل دبلوماسي" لإنهاء التصعيد على الحدود الشمالية لإسرائيل، وذلك وفق ما نقلته وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية.

وجاء التحذير الأميركي على لسان المستشار البارز للرئيس جو بايدن، المبعوث الأميركي إلى لبنان، آموس هوكشتاين، خلال لقاء مع مسؤولين بارزين في إسرائيل.

وقالت 3 مصادر مطلعة لموقع "أكسيوس" الأميركي، إن هوكشتاين حذر نتنياهو، من "شن حرب في لبنان" قد تزداد اتساعا.

ونقل الموقع عن مصدرين، أن هوكشتاين "أكد لنتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، خلال اجتماعه معهما بشكل منفصل، أن الولايات المتحدة لا تعتقد بأن اندلاع صراع أوسع مع لبنان، سيحقق هدف عودة النازحين إلى الشمال".

وقال المبعوث الأميركي إن اندلاع حرب شاملة مع حزب الله هو "مخاطرة بإشعال فتيل صراع إقليمي أوسع نطاقا وأطول أمدًا"، حسب المصادر التي أكدت أيضًا أن واشنطن "لا تزال ملتزمة بالحل الدبلوماسي في لبنان، سواء مع صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن (مع حماس في غزة) أو بشكل منفرد".

كما أشار مصدر مطلع على المحادثات أيضًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إلى التحذيرات نفسها من جانب هوكشتاين.

من جانبها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تحذيرات مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي وفي دوائر أخرى من المنظومة الأمنية، من "خطوات متهورة في الشمال تخطط لها الحكومة".

وقال أحد المسؤولين للصحيفة، إن هذه الخطوات "تحمل في طياتها خطرا حقيقيا للغاية لإشعال حرب شاملة، ليس فقط على الحدود مع لبنان، بل في المنطقة بأكملها. ولا تضمن هذه الخطوات على الإطلاق حلاً يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم".

وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن هذه الخطوات "تشمل تصعيدا كبيرا، بما في ذلك عملية برية داخل لبنان، وهي نتيجة للضغط الشعبي المستمر على حكومة نتنياهو في مواجهة القصف المستمر على الشمال، والمعاناة الشديدة للسكان الذين تم إجلاؤهم أو الذين بقوا في المنطقة".

وتابع "الحكومة بحاجة إلى إظهار أنها تفعل شيئًا، لكن هذا الشيء هو الأكثر خطأً وخطرًا. إنه بالضبط ما تجنبوه طوال العام الماضي. بدلاً من حل المشكلة، قد يعقدها بشكل أكبر.. كل ذلك للوصول إلى نفس النقطة التي كان من الممكن الوصول إليها دون اللجوء إلى الوسائل العدوانية: اتفاق سياسي مع (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله يسمح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم".

واستطرد المسؤول "لو تم توقيع صفقة تحرير المختطفين وإنهاء الحرب في غزة (مع حماس)، لكان من المحتمل جدًا أن يتم التوصل إلى اتفاق أيضًا في الشمال".

من جانبه، قال نتنياهو للمبعوث الأميركي، إنه "لا يمكن أن تتم عودة المواطنين إلى منازلهم شمالي إسرائيل، حال عدم وجود تغيير جذري في الوضع الأمني على الحدود مع لبنان"، وفق بيان لمكتب رئيس الوزراء، الإثنين.

وأضاف نتنياهو "إسرائيل تقدّر وتحترم دعم إدارة بايدن، لكنها في النهاية ستفعل كل ما هو ضروري للحفاظ على أمنها، وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان".

وأوضح بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن غالات أبلغ هوكشتاين خلال اجتماعهما، أن إمكانية الحل الدبلوماسي للوضع على الحدود الشمالية "انتهت"، معتبرا أن السبب هو "مواصلة حزب الله ربط نفسه بحماس، ورفضه إنهاء الصراع".

وأضاف الوزير، الذي ذكرت تقارير إسرائيلية أن نتنياهو "يسعى إلى تغييره" "الطريقة الوحيدة لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم، ستكون عبر عمل عسكري".

والإثنين، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد منسر، إن الحكومة ملتزمة بإعادة سكان الشمال إلى منازلهم، ولا يمكن الاستمرار بالوضع الحالي.

وشدد منسر على أن إسرائيل "ستستمر بالرد بقوة على اعتداءات حزب الله" لإعادة الأمن إلى حدودها الشمالية.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون منذ شهور، إن إسرائيل "لا يمكنها قبول" إخلاء البلدات الواقعة عند حدودها الشمالية إلى أجل غير مسمى، غير أن التساؤلات تثار بشأن مدى استعداد الجيش لشن عملية عسكرية في جنوب لبنان، بينما تواصل القوات عملياتها في غزة.

ويضغط بعض الأعضاء اليمنيين في الحكومة الإسرائيلية من أجل التحرك. ودعا وزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير، الإثنين، إلى إقالة خصمه القديم غالانت.

وقال في بيان عبر منصة إكس "نحن بحاجة إلى قرار في الشمال، وغالانت ليس الشخص المناسب لاتخاذه".

وكاد حزب الله وإسرائيل أن ينزلقا إلى حرب شاملة، الشهر الماضي، بعد أن قتلت القوات الإسرائيلية قياديا كبيرا بحزب الله في بيروت، ردا على هجوم صاروخي أدى إلى مقتل 12 طفلا وقاصرا في هضبة الجولان.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وقتل 622 شخصا على الأقل في لبنان، معظمهم مقاتلون في حزب الله و142 مدنيا على الأقل منذ بدء التصعيد، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية ونعي حزب الله ومجموعات أخرى.

وفي الجانب الإسرائيلي والجولان، أعلنت السلطات مقتل 24 جنديا و26 مدنيا.