إسرائيل تهدد بتجاوز السلطة الفلسطينية لمعالجة الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية

وقف محمود عباس للتنسيق الأمني مع تل أبيب يزيد من تهميشه.
الخميس 2023/02/09
فصائل مسلحة بلا قيادة في الضفة

يعكس التلويح الإسرائيلي بأخذ زمام المبادرة الأمنية في الضفة الغربية وتجاوز السلطة الفلسطينية، فشل تعويل الرئيس محمود عباس على تعليق التنسيق الأمني كورقة ضغط لخفض التصعيد.

القدس - لعبت السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس أهم أوراقها وهي وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل للضغط على تل أبيب من أجل خفض التصعيد في الضفة الغربية، إلا أن النتائج جاءت مخالفة للتوقعات بعد أن هددت تل أبيب بتولي زمام حفظ الأمن في الضفة، وهو ما يزيد من تهميش السلطة الفلسطينية.

وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء بالسيطرة الأمنية على الواقع الميداني في شمالي الضفة الغربية، متهما السلطة الفلسطينية بـ”التقصير” إزاء ذلك.

وجاء ذلك خلال تفقده وحدة “دوفدوفان” التابعة لمنطقة القيادة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، رفقة وزير الدفاع يوآف غالانت.

بنيامين نتنياهو: لا يوجد بديل عن سيطرتنا الأمنية على المنطقة
بنيامين نتنياهو: لا يوجد بديل عن سيطرتنا الأمنية على المنطقة

و”دوفدوفان” أو وحدة “المستعربين” هي قوات خاصة من وحدات النخبة الإسرائيلية تنشط في الضفة الغربية.

وقال نتنياهو متطرقا إلى الأوضاع الأمنية المتوترة بالضفة “بالطبع كنا سنصبح سعداء إذا قامت السلطة الفلسطينية بدورها، لكننا نرى أنها لا تفعل ذلك”.

وانتقد نتنياهو السلطة الفلسطينية بقوله “في معظم الحالات، لا تواجه من هم بحاجة إلى المواجهة”، في إشارة إلى مجموعات مسلحة ظهرت خلال العام الماضي لاسيما شمالي الضفة.

وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي “ليس من الواضح إلى متى سيستمر هذا الوضع، لكننا بالتأكيد لن نستطيع الاعتماد على ذلك”.

وأضاف مهددا “لا يوجد بديل في أي سيناريو مستقبلي عن سيطرتنا الأمنية على المنطقة، وعندما نتحدث عن السيطرة على المنطقة، فإننا نتحدث عن دخولها (في إشارة إلى شمالي الضفة الغربية).

وكانت القيادة الفلسطينية أعلنت في السادس والعشرين من الشهر الماضي عقب اجتماع طارئ في رام الله برئاسة عباس أن “التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي لم يعد قائما”، وذلك ردا في حينه على مقتل 10 فلسطينيين في مداهمة للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين للاجئين.

وصنفت اتفاقية أوسلو أراضي الضفة 3 مناطق: “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، وتضم مدنا وبلدات، بينها الخليل ورام الله ونابلس وطولكرم وقلقيلية، و”ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية وتشكل الأخيرة نحو 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية.

وتابع نتنياهو في كلمته “أريد أن أضع الأمور في سياق أوسع قليلا. نحن نكافح في منطقة يوجد فيها صراع مستمر بين أولئك الذين يريدون المضي قدما معنا، وبين القوى الإسلامية الراديكالية التي تريد إعادتنا إلى العصور الوسطى. إنها معركة كبيرة”.

ويشترط الرئيس الفلسطيني من أجل عودة التنسيق الأمني خفض التصعيد واستئناف مسار السلام واسترجاع أموال المقاصة. ولم يجد عباس آذانا إسرائيلية صاغية حتى بعد أن صرح بأنه مستعد للقاء نتنياهو.

ويقول محللون إن قرار عباس وقف التنسيق الأمني، والرد الإسرائيلي على ذلك، زاد في تهميشه والمزيد من عزلته، في وقت تعيش فيه الساحة الفلسطينية انقساما داخليا حادا حتى داخل حركة فتح، التي تقود منظمة التحرير الفلسطينية، بعد انطلاق رحلة البحث عن خليفة عباس المتقدم في السن.

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مائير بن شبات إن “فشل الرئيس عباس في محاربة الإرهاب كان مقامرة متعمدة ومحفوفة بالمخاطر”.

وأضاف بن شبات، الذي شغل منصب كبير المستشارين الأمنيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين عامي 2017 و2022، “إنها لعبة خطيرة. إذا كان المقصود منها زيادة الضغط على إسرائيل ، فهذا أمر خطير على أبومازن أولا وقبل كل شيء”.

قرار عباس وقف التنسيق الأمني زاد في تهميشه وعزلته في وقت تعيش فيه الساحة الفلسطينية انقساما داخليا حادا
قرار عباس وقف التنسيق الأمني زاد في تهميشه وعزلته في وقت تعيش فيه الساحة الفلسطينية انقساما داخليا حادا 

ولوح بن شبات بأنه وفي حال لم “يحارب عباس الإرهاب”، قد تقوم إسرائيل بعملية أمنية كبرى في الضفة الغربية على غرار عملية “الدرع الواقي” التي أطلقتها إسرائيل عام 2002 واجتاحت خلالها الضفة الغربية وحاصرت مقر الرئيس الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات في رام الله.

واتهم بن شبات السلطة الفلسطينية بعدم القيام بدورها. وأضاف “إذا لم تحارب السلطة الفلسطينية الإرهاب، فليس من الواضح لماذا يتوجب وجود هذه المنظمة”.

وقال بن شبات، الذي شغل أيضا منصبا في جهاز المخابرات الإسرائيلي الشين بيت، “يتذكر أبومازن جيدا أيام عملية الدرع الواقي. إنه لا يريد أن يصل الأمر إلى هذه النقطة، لكن الأمر سيصل إلى هنا. تتحمل أجهزة الأمن الإسرائيلية المسؤولية الأساسية عن حماية أرواح الإسرائيليين. إذا وصلنا إلى موقف نحتاج فيه إلى القيام بذلك، فسنقوم بذلك”.

وأضاف موجها كلامه للسلطة الفلسطينية “لقد تلقيت الإذن بالتواجد هنا في عملية أوسلو. لقد أتيت إلى هنا ومعك عدد كاف من الناس، وحصلت على أسلحة، وتحملت المسؤولية. دائما ما نسمع عبارة بأن السلطة الفلسطينية لا تستطيع عمل ذلك. لا تستطيع عمل ذلك في غزة، ولا في جنين، ولا في نابلس. إذا لم تستطع، فماذا تفعل هنا؟”.

وتشهد الأراضي الفلسطينية توترا متصاعدا، ازدادت حدته منذ أواخر الشهر الماضي بمقتل 9 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم شمالي الضفة، وهو ما أعقبه إعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ثم مقتل 7 إسرائيليين برصاص شاب فلسطيني في القدس.

والثلاثاء، وجّه وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن عفير بزيادة منح تراخيص حمل الأسلحة الشخصية من نحو ألفين إلى 10 آلاف شهريا، لاسيما للمستوطنين في الضفة الغربية.

مائير بن شبات: فشل أبومازن أمر خطير عليه أولا وقبل كل شيء
مائير بن شبات: فشل أبومازن أمر خطير عليه أولا وقبل كل شيء

وقالت القناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلي (خاصة)، إنه لتسريع إجراءات الحصول على تصاريح لحمل السلاح، وجّه بن غفير شعبة ترخيص الأسلحة النارية في الوزارة باتخاذ مجموعة من الخطوات.

ومع إعفائهم من إجراء مقابلة مطلوبة، سيتم منح تراخيص لحمل أسلحة شخصية لضباط الاحتياط بالجيش ومصلحة السجون الذين ينتظرون الحصول على هذه التصاريح.

وبحسب توجيه بن غفير، ستتم زيادة إصدار تراخيص الأسلحة الشخصية من حوالي ألفين إلى 10 آلاف تصريح شهريا.

وأفادت القناة بأن الهدف هو “توفير استجابة في حالة وقوع حادث أمني والإسهام في تعزيز الشعور بالأمن الشخصي”.

والغرض هو توفير استجابة فورية لحوالي 9 آلاف مستوطن ينتظرون الحصول على تصريح لحمل الأسلحة.

ويتخوف الفلسطينيون من تشكيل ميليشيات إسرائيلية مسلحة في الضفة الغربية، في وقت يتعرضون فيه لعنف متزايد من المستوطنين.

وخلال 2022 نفذ مستوطنون إسرائيليون 849 اعتداء بحق فلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، في 228 منها وقعت إصابات وفي 621 حدثت أضرار في الممتلكات، وفق معطيات للأمم المتحدة.

ويتوزع نحو 666 ألف مستوطن في 145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بحسب بيانات لحركة “السلام الآن” الحقوقية الإسرائيلية.

2