إسرائيل تنسحب من نتساريم مع إرسالها مفاوضين إلى قطر

غزة (الاراضي الفلسطينية) - انسحبت القوات الإسرائيلية الأحد من مفترق نتساريم على طريق صلاح الدين الواصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه حيث سمح للمركبات التنقل في الاتجاهين للمرة الأولى، تنفيذا لاتفاق وقف النار بين حركة حماس والدولة العبرية.
وأتى الانسحاب غداة خامس عملية تبادل للرهائن والمعتقلين بين حماس وإسرائيل.
وسمح الأحد للمركبات التنقل في الاتجاهين بين شمال القطاع وجنوبه، بعدما كان مسموحا فقط من الجنوب إلى الشمال.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية يعدم وجود قوات إسرائيلية الأحد في المكان.
وكان الجيش الإسرائيلي انسحب قبل أسبوعين من محور نتساريم الواصل بين شارع الرشيد غربا وطريق صلاح الدين شرقا، ضمن تطبيق المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار الذي سمح في 27 يناير الماضي بعودة النازحين الفلسطينيين سيرا من جنوب القطاع إلى شماله عبر شارع الرشيد بدون تفتيش.
وأكد مصدر في وزارة الداخلية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة لوكالة الصحافة الفرنسية أن القوات الإسرائيلية "فككت مواقعها ونقاطها العسكرية وانسحبت كليا الدبابات من مفترق نتساريم على طريق صلاح الدين، إذ سمح للمركبات المرور بالاتجاهين".
وأوضح أن عناصر الأمن الخاص الأميركيين والمصريين يتولون عملية تفتيش المركبات "التي تمر من الجنوب إلى الشمال فقط".
وأشار إلى أن الآليات العسكرية الإسرائيلية "تتواجد حاليا على بعد مئات الأمتار في منطقة ملكة شرق صلاح الدين".
وكذلك، سمح بمرور المركبات من الجنوب إلى الشمال لكن بعد تفتيشها إلكترونيا على حاجز مفترق نتساريم، بإشراف عناصر الأمن الأميركي والمصري.
وأظهرت مشاهد أن حركة مرور الآليات عادت في الاتجاهين صباح الأحد.
وشهدت سيارات وحافلات وشاحنات وعربات تجرها حمير على طريق صلاح الدين.
ورأى الناطق باسم حماس عبداللطيف القانوع أن الانسحاب من محور نتساريم "يُعدّ استكمالا لفشل أهداف حرب الإبادة على شعبنا".
وعاد عشرات الفلسطينيين إلى بيوتهم المدمرة كليا في محيط مفترق نتساريم في منطقتي الزيتون جنوب المفترق، والمغراقة في شماله.
وكان طابور طويل من السيارات والتوك توك وشاحنات صغيرة وعربات تجرها حمير تنتظر العبور في اتجاهي مفترق نتساريم.
وقال أسامة أبوكميل (57 عاما) وهو من سكان المغراقة "ما شاهدناه كارثة، دمار مرعب، الاحتلال دمر كل المنازل والمحلات والمزارع والمساجد والجامعات ومقر المحاكم".
وأوضح الرجل الذي كان نازحا لأكثر من عام في منطقة المواصي بخان يونس في جنوب القطاع "سأقيم خيمة لي ولعائلتي بجانب ركام المنزل، لا خيار لدينا، نريد أن نتكيف مع الظروف القاسية الحالية، لقد عشنا معاناة قاسية في الخيام المهترئة، الحياة في غزة أسوأ من الجحيم".
وقال محمود السرحي (44 عاما) وهو من سكان حي الزيتون "هذه المرة الأولى التي أرى منزلنا المدمر، الوصول إلى مفترق نتساريم كان يعني الموت حتى صباح اليوم".
وأضاف "كل المنطقة صارت خرابا، لا استطيع أن أسكن هنا، الدبابات الإسرائيلية يمكن أن تتوغل في أي وقت، المنطقة غير صالحة للسكن، خطيرة جدا".
وانتشر الدمار على جانبي شارع الشهداء (محور نتساريم) حيث عشرات المنازل والمباني ومقرات خمس جامعات فلسطينية مدمرة بالكامل.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية إنه تم العثور على "جثث وهياكل عظمية لعدد من المواطنين بعد تراجع الاحتلال من محور نتساريم".
وبدت حفر كبيرة في وسط الطريق، وبقايا شبكات الكهرباء والمياه. وبدأ عدد من عمال بلديتي غزة والمغراقة بتمهيد بعض الطرقات.
وقال مصدر مطلع في حماس لوكالة الصحافة الفرنسية "الوسطاء أبلغونا بتعهد الاحتلال إدخال المعدات الثقيلة لانتشال الجثث من تحت الأنقاض، وإزالة الركام، لكن حتى الان لم يلتزم الاحتلال بالشق الإنساني".
وأضاف "نراقب مدى التزام الاحتلال بما في ذلك لإدخال الكرفانات والخيام، حيث تم إدخال عدد قليل من الخيام، رغم أنه من المفروض وفق الاتفاق إدخال 200 الف خيمة مؤقتة، و60 الف كرفان، وكميات كافية من الوقود ومواد ترميم المستشفيات خلال الشهر الأول" من سريان وقف النار.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية "نستعد لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار تبعا لتعليمات الدوائر السياسية".
وبموجب اتفاق غزة الذي أنهى قتالا استمر أكثر من 15 شهراً، سيتم إطلاق سراح 33 رهينة محتجزين لدى فصائل فلسطينية في غزة خلال الأسابيع الستة الأولى من وقف إطلاق النار، في مقابل المئات من المعتقلين الفلسطينيين الذين يقضي كثير منهم أحكاماً بالسجن المؤبد في إسرائيل.
وتشمل مفاوضات المرحلة الثانية الإفراج عما يزيد على 60 رجلا في سن الخدمة العسكرية. ومن المفترض أن تتيح المرحلة الثالثة إعادة إعمار قطاع غزة، وتحديد نموذج للحكم للقطاع الفلسطيني الصغير.
وفي هذا السياق، تعهد نتنياهو الذي كان في زيارة للولايات المتحدة بالقضاء على حركة حماس في قطاع غزة، واستعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين هناك، وذلك في رسالة مصورة بثها مكتبه، مساء السبت.
وقال نتنياهو في الرسالة التي عُرضت بعد عملية تبادل جديدة شملت ثلاثة محتجزين إسرائيليين، وأكثر من 180 معتقلاً فلسطينياً، "سنقضي على (حماس) ونستعيد رهائننا.. هذا ما سنقوم به". في إشارة على ما يبدو إلى اعتزامه استئناف الحرب وهو ما من شأنه أن يقوض المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق.
كما أعلن نتنياهو إرسال وفد إلى الدوحة لإجراء مفاوضات تتناول المرحلة التالية من الهدنة بين الدولة العبرية وحماس في غزة، وبدأ تنفيذها في 19 يناير.
ومن المتوقع أن يرأس نتانياهو لدى عودته من الولايات المتحدة، اجتماعا للحكومة الأمنية الأحد.
ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مصدر مقرّب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، قوله إنّ "المناقشات بدأت مع الوسطاء حول إمكانية تمديد المرحلة الأولى من صفقة الأسرى". مضيفا أن "رئيس الموساد ديفيد برنياع راض عن التعيين المتوقع للوزير رون ديرمر كمسؤول رئيسي عن المفاوضات مع حماس".
في السياق، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أنّ "المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر سيبحث المرحلة الثانية للاتفاق الثلاثاء أو الخميس المقبلين".
وأفرجت حماس، السبت، عن 3 محتجزين إسرائيليين أمضوا 16 شهراً محتجزين في قطاع غزة، بينما أفرجت إسرائيل عن 183 معتقلاً فلسطينياً في خامس عملية تبادل منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.