إسرائيل تقطع أمل عائلات الرهائن باتفاق قريب مع حماس

القدس - أبلغ رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” دافيد برنياع، عائلات الأسرى المحتجزين بقطاع غزة بأن فرص التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حركة “حماس” باتت ضعيفة، في الوقت الذي يتصاعد فيه الغضب في إسرائيل بسبب قضية تسريب وثائق سرية من مكتب رئيس الوزراء من شأنها أن تزيد في صعوبة إعادة المحتجزين.
وقالت القناة 12 العبرية (خاصة) الاثنين، إن برنياع التقى في الأيام الأخيرة عددا من عائلات الأسرى الإسرائيليين لإطْلاعِهم على سير المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل مع “حماس”.
وأضافت القناة “خلال الاجتماع مع رئيس الموساد، سأله أحد أقارب المختطفين: ماذا يحدث مع الصفقة الآن؟”. وأجاب رئيس الموساد “لم نتلق بعد ردا من الوسطاء، سواء على الاقتراح القطري أو على المقترح المصري رسميا، لذا فإن الأمر يستحق الانتظار”.
وأضاف برنياع “في الوقت الحالي، إن فرص التوصل إلى صفقة صغيرة منخفضة، لأن حماس تصر على وقف الحرب”.
ولا يزال التوصل إلى اتفاق أشمل لوقف إطلاق النار بعيد المنال بسبب الخلافات بين حماس وإسرائيل. ومن شأن هذا الاتفاق أن ينهي الحرب ويطلق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب المحتجزين في قطاع غزة وكذلك فلسطينيين مسجونين لدى إسرائيل.
وتريد حماس التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بالكامل، وترفض أحدث المقترحات لهدنة مؤقتة، بينما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا عندما يتم القضاء على حماس.
وفي 27 أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أن بلاده طرحت مبادرة لوقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، تبدأ بيومين ثم 10 أيام، لكنها لم ترى النور.
وقال رئيس الموساد إن فريق التفاوض ليس لديه تفويض من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتقدم نحو صفقة شاملة وإنهاء الحرب.
وأجرى نتنياهو مشاورات محدودة مع كبار مسؤولي الدفاع وفريق من الوزراء، وقدمت المناقشة لمحة عامة عن الوضع في المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق، وأبلغت القيادة السياسية أن حماس لا تنوي التخلي عن مطالبها بالانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي”.
ونقلت القناة عن مصدر أمني إسرائيلي لم تسمه، قوله “حان الوقت للنظر إلى الواقع في العين، يجب طي العمل في غزة، وترتيب مخطط يضمن المصالح الأمنية لدولة إسرائيل في المستقبل”.
ورغم تواصل جهود وساطة قطر ومصر منذ أشهر، وتقديم مقترح اتفاق تلو آخر لإنهاء الإبادة الإسرائيلية بغزة وتبادل الأسرى، يواصل نتنياهو وضع شروط جديدة تشمل “استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ومعبر رفح بغزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة (عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم وسط القطاع)”.
من جانبها، تصر حركة حماس على انسحاب كامل لإسرائيل من القطاع ووقف تام للحرب للقبول بأي اتفاق.
وتقدر إسرائيل وجود 101 أسير بقطاع غزة، بينما أعلنت حركة حماس مقتل عشرات من الأسرى بغارات إسرائيلية عشوائية.
التوصل إلى اتفاق أشمل لوقف إطلاق النار لا يزال بعيد المنال بسبب الخلافات بين حماس وإسرائيل
وخلال الأيام الأخيرة، ازداد الصخب في إسرائيل حول قضية تسريب وثائق سرية على يد مساعد سابق لرئيس الوزراء الأمر الذي ربما من شأنه أن يقوض الجهود الرامية إلى إعادة المحتجزين في القطاع المحاصر.
ودعت عائلات الرهائن المحتجزين في غزة الإثنين إلى إجراء تحقيق في التسريب، وقالت محكمة إسرائيلية الأحد إن إليعازر فلدشتاين أوقف مع ثلاثة أشخاص آخرين، بينهم أعضاء في أجهزة أمنية بتهمة تسريب وثائق إلى وسائل إعلام أجنبية.
ودفعت القضية بالمعارضة إلى التساؤل عن إمكان ضلوع نتانياهو في التسريبات، وهو ما نفاه مكتب رئيس الوزراء.
وقال منتدى عائلات الرهائن والمفقودين في إسرائيل في بيان “تطالب عائلات (الرهائن) بالتحقيق مع كل المشتبه فيهم في التخريب وتقويض أمن الدولة”. وأضاف “مثل هذه الأفعال وخصوصا أثناء الحرب تعرض الرهائن للخطر وتهدد فرص عودتهم وتتركهم لخطر القتل على يد إرهابيي حماس”.
ويمثل المنتدى معظم عائلات الرهائن الـ 97 الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة ويقول الجيش إن 34 منهم ماتوا.
وبحسب المنتدى “ثمة شكوك بأن أفرادا مرتبطين برئيس الوزراء تصرفوا لتنفيذ واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في تاريخ البلاد”.
حركة حماس تصر على انسحاب كامل لإسرائيل من القطاع ووقف تام للحرب للقبول بأي اتفاق
ورأى المنتدى أن “هذا تصرف ينم عن تدن أخلاقي، إنها ضربة شديدة للثقة المتبقية بين الحكومة ومواطنيها”.
ولطالما وجه منتقدو نتانياهو اتهامات له بالمماطلة في التوصل إلى هدنة وإطالة أمد الحرب إرضاء لشركائه في الائتلاف اليميني المتشدد.
وفتح جهاز الاستخبارات الداخلية الشين بيت والجيش تحقيقا بالتسريبات في سبتمبر، بعدما نشرت صحيفتا “جويش كرونيكل” في لندن و”بيلد” الألمانية تقريرين استنادا إلى وثائق عسكرية سرية.
وزعم أحد التقريرين الكشف عن وثيقة تُظهر أن زعيم حماس يحيى السنوار الذي قتلته إسرائيل لاحقا والرهائن في غزة، سيتم تهريبهم من القطاع إلى مصر عبر محور فيلادلفيا عند الحدود بين غزة ومصر.
أما التقرير الثاني فكان مبنيا على ما قيل إنه مذكرة داخلية من قيادة حماس بشأن إستراتيجية السنوار لعرقلة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن.
وتبين أن الوثيقة الأولى المسربة مزورة فيما المذكرة الداخلية صاغها في الواقع ناشطون في حماس لا يتولون مناصب عالية بحسب تقارير صحافية إسرائيلية.
نتنياهو نفى الاتهامات قائلا إن "الوثيقة التي نشرتها صحيفة بيلد لم تصل أبدا" إلى مكتبه
وقالت المحكمة الإسرائيلية إن نشر الوثائق كان من شأنه احتمال إلحاق “ضرر جسيم بأمن الدولة”. وأضافت أنه “نتيجة ذلك كان من الممكن المساس بقدرة الأجهزة الأمنية على تحرير الرهائن، كجزء من أهداف الحرب”.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد للصحافيين الأحد إن تفاصيل “القضية الأمنية الخطيرة في مكتب نتانياهو يجب أن تثير قلق كل إسرائيلي”.
وأضاف لابيد أن “هذه القضية بدأت في مكتب رئيس الوزراء، ويجب على التحقيق أن يحدد ما إذا كان ذلك لم يكن بموجب أوامر منه”. وتابع “وفقا للشبهات، فإن مقربين من نتانياهو سربوا وثائق سرية وقاموا بتزوير وثائق مصنفة سرية لتقويض إطلاق سراح محتمل للرهائن ولإطلاق حملة إعلامية ضد عائلات الرهائن”.
بدوره، قال بيني غانتس، أحد الشخصيات البارزة في المعارضة إن “هذه ليست قضية تسريبات مشتبه بها، بل استغلال أسرار الدولة لأغراض سياسية”.
ونفى نتنياهو الجمعة الاتهامات، قائلا إن “الوثيقة التي نشرتها صحيفة بيلد لم تصل أبدا” إلى مكتبه.
وقال، دون ذكر اسم فلدشتاين، إن المساعد السابق “لم يشارك أبدا في اجتماعات أمنية أو يطلع على وثائق سرية”.
وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس بعد هجومها على الدولة العبرية الذي تسبب بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند لمعطيات رسمية. كما خطف خلال الهجوم 251 شخصا.
وتشن إسرائيل منذ ذلك الحين حملة قصف مركز وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 43341 فلسطينيا، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.