إسرائيل تقصف ضاحية بيروت رغم معارضة واشنطن للهجمات الجوية

نتنياهو يبلغ ماكرون معارضته وقفا لإطلاق النار لا يمنع حزب الله من إعادة التسلح، مشيرا إلى أنه فوجئ بنية الرئيس الفرنسي عقد مؤتمر حول لبنان.
الأربعاء 2024/10/16
غارات إسرائيلية بعد دقائق من إنذار بالإخلاء

بيروت/واشنطن – شن الجيش الإسرائيلي، صباح الأربعاء، 3 غارات جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة معارضتها لنطاق الهجمات الإسرائيلية في المدينة وسط ارتفاع عدد القتلى ومخاوف من تصاعد أوسع الصراع ليشمل إيران.

وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن "الطيران الحربي المعادي" شن ثلاث غارات متتالية على الضاحية الجنوبية لبيروت، إحداها استهدفت منطقة حارة حريك.

وأضافت الوكالة أن غارة استهدفت مبنى قرب مدرسة "قعيق"، دون تفاصيل، وذلك "بعد هدوء حذر استمر أياما عدة".

وكشف الجيش الإسرائيلي عن أن سلاح الجو هاجم وسائل قتالية إستراتيجية لحزب الله بضاحية بيروت الجنوبية.

وأوضح أن طائراته قصفت مستودعا إستراتيجيا تحت الأرض لتخزين الأسلحة تابعا لحزب الله في معقله بالضاحية الجنوبية.

وسمع شهود من رويترز انفجارا وشاهدوا عمودا من الدخان. جاء ذلك بعد أمر إخلاء أصدره الجيش الإسرائيلي لمبنى في المنطقة.

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أوامر الإخلاء العسكرية الإسرائيلية أثرت على أكثر من ربع لبنان، بعد أسبوعين من بدء إسرائيل توغلاتها في جنوب البلاد والتي تقول إنها تهدف لإبعاد مسلحي جماعة حزب الله.

وقال نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان الثلاثاء إن مسؤولين أميركيين أكدوا لبلاده أن إسرائيل ستخفف حدة ضرباتها على بيروت وضاحيتها الجنوبية.

ولم تضرب إسرائيل الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية منذ العاشر من أكتوبر، عندما أسفرت ضربتان بالقرب من وسط المدينة عن مقتل 22 شخصا وهدم مبان بالكامل في حي مكتظ بالسكان.

وقالت مصادر أمنية لبنانية في ذلك الوقت إن المسؤول في حزب الله وفيق صفا كان الهدف لكنه نجا. ولم يصدر أي تعليق من إسرائيل.

وتسعى بعض الدول الغربية إلى التوصل لوقف لإطلاق النار بين الجانبين، وكذلك في غزة، لكن الولايات المتحدة تقول إنها تواصل دعم إسرائيل وقررت أن ترسل إليها نظاما مضادا للصواريخ وقوات.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الثلاثاء إن الولايات المتحدة عبرت عن مخاوفها لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن الضربات التي وقعت في الآونة الأخيرة.

وقال للصحافيين "عندما يتعلق الأمر بنطاق وطبيعة حملة القصف التي شهدناها في بيروت خلال الأسابيع القليلة الماضية، فهذا شيء أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بالقلق تجاهه ونعارضه"، مستخدما لهجة أكثر صرامة من تلك التي اعتادت واشنطن استخدامها حتى الآن.

وتكثف إسرائيل ضغوطها على حزب الله منذ أن بدأت توغلاتها في لبنان بعدما قتلت قادة وزعماء من الجماعة، على رأسهم الأمين العام حسن نصرالله الشهر الماضي في أكبر ضربة للجماعة منذ عقود.

وذكر بيان إسرائيلي أن نتنياهو قال للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال محادثة هاتفية الاثنين إنه يعارض وقف إطلاق النار من جانب واحد لا يؤدي الى تغيير الوضع الأمني في لبنان، ويعيده فقط الى ما كان عليه"، وقال إنه "فوجئ" بنية ماكرون عقد مؤتمر حول لبنان.

وجاء في بيان مكتب نتنياهو أن الأخير "أوضح (لماكرون) أن إسرائيل لن توافق على أي ترتيبات لا تفضي لذلك ولا تمنع حزب الله من إعادة التسلّح وإعادة رص صفوفه".

تأتي التصريحات في وقت يشدّد ماكرون ضغوطه على إسرائيل للالتزام بقرارات الأمم المتحدة، وقد قال الرئيس الفرنسي خلال اجتماع لمجلس الوزراء إن "نتنياهو يجب ألا ينسى أن بلاده أنشئت بقرار من الأمم المتحدة"، في إشارة إلى تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1947 على خطة لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى عربية.

وردّ نتنياهو على موقف ماكرون بالقول إن "الانتصار" في حرب العام 1948 هو الذي أدى الى إنشاء دولة إسرائيل وليس صدور قرار من الأمم المتحدة.

وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه "تذكير لرئيس فرنسا: لم تنشأ دولة إسرائيل بقرار من الأمم المتحدة، بل بموجب الانتصار في حرب الاستقلال الذي تحقق بدماء المقاتلين الأبطال، وبينهم العديد من الناجين من المحرقة، خصوصا من نظام فيشي في فرنسا".

وأثارت التصريحات المنسوبة لماكرون سخطا عارما في أوساط يهود فرنسا.

وقال يوناتان أرفي رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (كريف) في منشور على منصة "إكس" إنّ "التصريحات المنسوبة لرئيس الجمهورية، إذا تأكّدت صحّتها، فهي تمثّل خطأ تاريخيا وسياسيا".

وفجر الأربعاء، أصدر الإليزيه بيانا بشأن المحادثة الهاتفية التي جرت بين ماكرون ونتنياهو لم يأت على ذكر التصريحات التي انتقدها رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيانها إنّه خلال المكالمة أدان ماكرون "الضربات الإسرائيلية العشوائية التي لا تؤدّي إلا إلى زيادة الخسائر البشرية التي هي أساسا لا تطاق سواء في غزة أو في لبنان".

وتزداد حدّة التوترات بين نتنياهو وماكرون الذي اعتبر في الأسبوع الماضي أن "وقف تصدير الأسلحة" المستخدمة في غزة ولبنان هو "الرافعة الوحيدة" لوضع حد للنزاعات.

وفي الأسبوع الماضي استدعت الخارجية الفرنسية سفير إسرائيل في باريس بعد ما قالت إنه استهداف "متعمّد" من الجيش الإسرائيلي لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل)، فيما شدّدت إسرائيل على أنها لم "تتعمد" استهداف القوة.

في الأيام الأخيرة، أصيب خمسة من عناصر اليونيفيل على الأقلّ في ظل المعارك الدائرة في جنوب لبنان بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.

والثلاثاء قال ماكرون "هذا ليس الوقت المناسب للتنصل من قرارات الأمم المتحدة"، في وقت تواصل فيه إسرائيل هجومها على جنوب لبنان مستهدفة بقصف جوي مدمّر مناطق محسوبة على حزب الله تنتشر فيها اليونيفيل.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنه أسر ثلاثة أعضاء من قوة الرضوان، وهي قوة النخبة التابعة لحزب الله، واقتادهم إلى إسرائيل للتحقيق معهم. ولم تصدر الجماعة اللبنانية أي تعليق بعد.

وأعلن "حزب الله"، فجر الأربعاء، أنه قصف بدفعات صاروخية مدينة صفد ومستوطنة يفتاح ومربضي مدفعية في منطقتي دلتون وديشون شمال إسرائيل.

وقال الحزب، في سلسلة بيانات، إن مقاتليه قصفوا مدينة صفد "بدفعة صاروخية كبيرة"، كما استهدفوا مستوطنة يفتاح بدفعة صاروخية.

وأضاف أن مقاتليه قصفوا أيضا مربضي مدفعية "للعدو الإسرائيلي" في منطقتي ديشون ودلتون بدفعتي صواريخ.

ومن جهته، قال الجيش الإسرائيلي في وقت مبكر من اليوم الأربعاء إنه رصد طائرتين مسيرتين تعبران من لبنان إلى إسرائيل بعد انطلاق صفارات الإنذار التي دوت في الجليل الأعلى. وأضاف أنه لم ترد تقارير عن وقوع إصابات.

وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، قتلت الغارات الإسرائيلية 2350 شخصا على الأقل خلال العام الماضي وأصابت ما يقرب من 11 ألفا، كما نزح أكثر من 1.2 مليون.

ولا يفرق هذا الإحصاء بين المدنيين والمقاتلين لكنه يشمل مئات النساء والأطفال.

وتسلط هذه الأرقام الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه اللبنانيون بينما تحاول إسرائيل تدمير البنية التحتية لحزب الله في صراعهما الذي تجدد قبل عام عندما بدأت الجماعة اللبنانية إطلاق الصواريخ على إسرائيل دعما لحماس مع اندلاع الحرب في غزة.

والتركيز الرئيسي للعمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان في سهل البقاع شرقا والضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان حيث تقول قوات الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) إن النيران الإسرائيلية أصابت قواعدها في وقائع متعددة وأصابت بعض أفرادها.