إسرائيل تقصف جنين جوا لأول مرة منذ 22 عاما

جنين (الأراضي الفلسطينية) - قتل الجيش الإسرائيلي بالرصاص خمسة فلسطينيين بينهم فتى الإثنين خلال مداهمة عسكرية كبيرة في مخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية أطلقت مروحية اسرائيلية خلالها صواريخ.
وهذه المرة الأولى التي تستخدم فيها طائرات مروحية إسرائيلية لقصف مواقع فلسطينية في جنين منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005)، بحسب مصدر أمني فلسطيني.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية "استشهاد أربعة فلسطينيين خلال المداهمة مشيرة إلى مقتل كل من خالد عزام عصاعصة (21 عاماً) وقسام فيصل أبوسرية (29 عاماً) والفتى أحمد يوسف صقر (15 عاما) وقيس مجدي عادل جبارين (21 عاما).
وذكرت الوزارة أنه تم رصد 45 إصابة من بينهم إصابة حرجة لفتاة في الرأس وشاب بإصابة حرجة في الصدر، إضافة إلى إصابتين خطيرتين في الصدر والبطن وأخرى في الظهر.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن "مروحيات عسكرية إسرائيلية فتحت النيران تجاه المسلحين للمساعدة في انسحاب الجنود" موضحا "دارت اشتباكات كثيفة مع مسلحين فلسطينيين" مشيرا إلى رصد اصابات.
وأكد الجيش الإسرائيلي تعرض مركبة عسكرية لأضرار "بعد انفجار عبوة ناسفة" مشيرا إلى أن "الاشتباكات لا تزال مستمرة".
شاهد مصور وكالة الصحافة الفرنسية في المدينة التي تسجل فيها مواجهات متكررة بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين، اشتباكات عنيفة كانت لا تزال مستمرة حتى الساعة العاشرة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي (7:30 ت.غ).
وبحسب المصور فإن مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار بكثافة على آلية عسكرية إسرائيلية.
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن قوات إسرائيلية "استهدفت مركبتي اسعاف بالرصاص الحي ما تسبب بأضرار مادية" مؤكدا أنه "تتم عرقلة وصول سيارات الاسعاف للاصابات في جنين".
ووفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية فإن ستة جنود من وحدة "المستعربين" أصيبوا بجروح بين طفيفة ومتوسطة، إثر تفجير مُدرعة أقلتهم خلال الانسحاب من أحد المواقع بمدينة جنين، أثناء عملية عسكرية ضد مسلحين فلسطينيين.
ولفتت إلى أن الجيش استخدم مروحيات لمهاجمة أهداف في جنين خلال العملية، وذلك "لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية منذ نحو 20 عامًا".
وكان نائب محافظ جنين كمال أبوالرب قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن "قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلي اقتحمت المخيم بعد صلاة الفجر، ووقعت اشتباكات عنيفة مع الجيش الاسرائيلي، اسفرت عن عدة إصابات من بينها إصابات خطرة".
وأضاف "أصيبت سيارتان عسكريتان اسرائيليتان بأضرار" مشيرا إلى تواجد "مروحيتين اسرائيليتين في الاقتحام".
ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان ما وصفته بأنه "عدوان الاحتلال المتواصل" على جنين قائلة إنه يشكل "تصعيداً خطيراً في ساحة الصراع واستنجادا إسرائيليا رسميا بدوامة العنف".
وقررت السلطة الفلسطينية عقد اجتماع طارئ في وقت لاحق من اليوم الإثنين، ردا على العملية العسكرية الإسرائيلية التي تجري بمدينة جنين شمال الضفة الغربية.
وأضافت وزارة الخارجية أن "استقبال مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف (تزور إسرائيل والضفة الغربية من 17 حتى 24 يونيو الجاري) بمزيد من القرارات الاستيطانية وجرائم القتل والاجتياحات كما يحصل في جنين، يعتبر استخفافاً بالموقف الأميركي الداعي لوقف جميع الإجراءات أحادية الجانب".
وطالبت الخارجية الفلسطينية "بموقف دولي وأميركي حازم يرتقي لمستوى ما يتعرض له شعبنا من استعمار استيطاني إحلالي وجرائم اضطهاد وقمع وتنكيل".
وبدروه، غرد حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن القيادة الفلسطينية قررت عقد اجتماع طارئ اليوم ردا على العملية الإسرائيلية في جنين.
وقال عبر تويتر إن "حربا شرسة ومفتوحة تشن ضد الشعب الفلسطيني سياسيا وأمنيا واقتصاديا من قبل قوات الاحتلال".
وأضاف "نحن في أتون معركة شاملة على كل الجبهات تتطلب وحدة شعبنا في مواجهة هذا العدوان".
ولفت إلى أن "قرارات غير مسبوقة وجب اتخاذها في اجتماع القيادة الطارئ برئاسة الرئيس".
وأدانت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية الاعتداء الذي شنته القوات الإسرائيلية على مدينة جنين بالضفة الغربية، وما واكب ذلك من عمليات قصف جوي وإطلاق نار ضد المدنيين.
وأكد البيان رفض مصر الكامل لهذا العدوان الذي يتعارض مع كافة أحكام القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية، محذرة من مخاطر استمرار التصعيد ضد الشعب الفلسطيني، ومشيرة إلى أن مثل هذه الاعتداءات لا تؤدي إلا إلى تأجيج الأوضاع وتنذر بخروجها عن السيطرة وتقويض مساعي خفض التوتر في الأراضي المحتلة.
وعقب الأحداث التي شهدتها مدينة جنين، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الإثنين، إلى شن عملية برية وجوية واسعة في شمال الضفة الغربية.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي (رسمية) عن سموتريتش قوله "حان الوقت لشن عملية واسعة في شمال الضفة، بمشاركة سلاح الجو والقوات البرية".
وأضاف "سأطالب بعقد اجتماع عاجل للكابينت (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر) حول الأمر".
ومنذ أكثر من عام يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات بالضفة الغربية تتركز في مدن نابلس وجنين لملاحقة مطلوبين، ترافقها عادة مواجهات بين الطرفين وتبادل إطلاق للنار.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية إنها تشارك في اشتباكات بجنين وهي من بين مناطق في شمال الضفة الغربية شهدت مداهمات إسرائيلية مكثفة خلال الخمسة عشر شهرا الماضية وسط سلسلة هجمات شنها فلسطينيون في شوارع المدن الإسرائيلية.
ومنذ بداية يناير، قُتل ما لا يقل عن 160 فلسطينيا، وعشرون إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي في مواجهات وعمليات عسكرية وهجمات، حسب حصيلة لوكالة الصحافة الفرنسية تستند إلى مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية.
وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني. أما في الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون بينهم قصّر وثلاثة من عرب إسرائيل.
وغالبا ما ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات مداهمة يقول إنها "استباقية ووقائية" لمدن وقرى وبلدات فلسطينية لاعتقال مطلوبين لديه ويتخلل هذه المداهمات مواجهات مع السكان الفلسطينيين.
ويأتي التصعيد على مدينة جنين ومخيمها بعد يوم من إعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها الموافقة على آلاف تصاريح البناء في الضفة الغربية، مما دفع الولايات المتحدة إلى دعوتها إلى الحوار الذي يهدف إلى وقف التصعيد.
وأعدت حكومة بنيامين نتنياهو، الأحد، خططاً للموافقة على آلاف تصاريح البناء في الضفة الغربية، على رغم الضغوط الأميركية لوقف توسع المستوطنات.
وأدرجت خطط الموافقة على 4560 وحدة سكنية في مناطق مختلفة من الضفة على جدول أعمال المجلس الأعلى للتخطيط الإسرائيلي الذي يجتمع الأسبوع المقبل، على رغم أن 1332 وحدة سكنية فقط جاهزة للموافقة النهائية، فيما لا يزال الباقي يخضع لعملية الموافقة الأولية.
وتعتبر معظم الدول المستوطنات التي أقيمت على أراض احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 غير قانونية، وتعد إحدى القضايا الأساس في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.
ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية، بينما تجمدت محادثات السلام بوساطة الولايات المتحدة منذ عام 2014.
ومنذ توليه السلطة في يناير الماضي وافق ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إنشاء أكثر من سبعة آلاف وحدة سكنية جديدة معظمها في عمق الضفة الغربية، كما عدل قانوناً لتمهيد الطريق أمام المستوطنين للعودة إلى أربع مستوطنات سبق إخلاؤها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن الولايات المتحدة "منزعجة للغاية" من عزم الحكومة الإسرائيلية الموافقة على آلاف تصاريح البناء في الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف المتحدث أن واشنطن تدعو إسرائيل إلى العودة إلى الحوار الذي يهدف إلى وقف التصعيد.
وشدد في البيان على أن "الولايات المتحدة تعارض وفقا لسياستها القائمة منذ وقت طويل مثل هذه الإجراءات الأحادية التي تجعل تحقيق حل الدولتين أكثر صعوبة وتشكل عقبة أمام السلام".
ورداً على القرار الإسرائيلي، قالت السلطة الفلسطينية إنها ستقاطع اجتماع اللجنة الاقتصادية المشاركة مع إسرائيل المقرر عقده اليوم الإثنين.
ونددت حركة "حماس"، التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، بالخطوة قائلة إن "تلك المشاريع الاستعمارية التهويدية لن تمنح الاحتلال شرعية على أرضنا، والشعب الفلسطيني سيقاومها بكل الوسائل المتاحة".
وفي المقابل رحبت مجموعات المستوطنين اليهود بالإعلان. وقال رئيس مجلس جوش عتصيون الإقليمي ورئيس مجلس المستوطنات (يشع) شلومو نئمان "لقد اختار الناس الاستمرار في البناء في يهودا والسامرة وغور الأردن، وهذا هو ما ينبغي أن يكون عليه الأمر".