إسرائيل تقرّ خطط هجوم في لبنان وسط ارتباك داخلي

القدس - أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء "المصادقة" على خطط عملياتية لهجوم في لبنان، في حين يتواصل التصعيد مع حزب الله منذ أكثر من ثمانية أشهر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وسط تحذير أميركي من حرب أوسع.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر في قطاع غزّة، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل شبه يومي.
والثلاثاء أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أن كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين "أجروا تقييما مشتركا للوضع في القيادة الشمالية. وفي إطار تقييم الوضع تمت المصادقة وإقرار خطط عملياتية لهجوم في لبنان".
ولم يوضح الجيش في بيانه ما إذا كان يقصد شن هجوم واسع على لبنان، أم هجمات موسعة ضد "حزب الله" جنوب البلاد.
وقبيل الإعلان، كان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد توعّد بالقضاء على حزب الله في حال اندلاع "حرب شاملة".
وتزامنا، شدّد المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من بيروت الثلاثاء على أنّ انهاء النزاع بين حزب الله وإسرائيل بطريقة دبلوماسية وبسرعة هو أمر "ملح". وتحدث هوكشتاين عن "وضع خطير". وأكد أن الولايات المتحدة تريد تجنب "حرب واسعة النطاق".
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مساء الثلاثاء، أن الولايات المتحدة لا تريد حرباً إقليمية أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط في ذلك الوقت.
وتعليقاً على إقرار الجيش الإسرائيلي خطط هجوم في لبنان، قال الميجر جنرال باتريك رايدر "لن أخوض في افتراضات وأتكهن بما قد يحدث بخلاف القول إنه لا أحد يريد رؤية حرب إقليمية أوسع نطاقاً".
وبعد هدوء من جانبه استمر لأكثر من 48 ساعة لم ينفذ خلالها أي عملية ضد أهداف إسرائيلية، استأنف حزب الله عملياته الثلاثاء بالتزامن مع زيارة هوكشتاين لبيروت، بل جاء بالجديد وهو بث مقطع مصور قال إنه حصل عليه عبر طائرة مسيرة أطلق عليها "الهدهد" اخترقت الأجواء الإسرائيلية والتقطت صورا لمواقع استراتيجية وحساسة في حيفا شمال إسرائيل، وسط تساؤلات عن كيفية وصول تلك المسيرة إلى هذه المناطق وتصويرها بهذه الأريحية لمدة حوالي 10 دقائق ومن ثم عودتها إلى لبنان دون أي تفاعل من قبل الجيش الإسرائيلي.
وأحدثت هذه الصور حالة من الارتباك داخل إسرائيل، ووصفت وسائل إعلام عبرية محتوى هذا الفيديو بالخطير والأكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب، معتبرة أن نشر مثل هذه اللقطات يعد تباهيا من قبل حزب الله ويحمل رسائل مباشرة على قدرة الحزب على الوصول إلى العمق الإسرائيلي حال تطورت المواجهات شبه اليومية بينه وبين إسرائيل إلى حرب موسعة.
وبينما حاول الجيش فيما يبدو التبرير وسط موجة انتقادات متصاعدة، وتحدث عن رصد 4 مسيرات تابعة لحزب الله خلال الأسبوع الماضي "والتي يبدو أنها معدة لجمع المعلومات والتصوير".
وأضاف أنه "تم اعتراض مسيرتين، وهناك مسيرة ثالثة لم تتمكن أجهزة الرصد من متابعة مسارها، ومسيرة رابعة تقرر عمدا عدم اعتراضها حتى لا تنطلق صافرات الإنذار في كل المنطقة المحيطة".
وتابع الجيش الإسرائيلي "المسيرات المعدة لجمع المعلومات والتصوير يصعب رصدها واعتراضها لأنها أصغر حجما ولا تحتوي على متفجرات".
وأقر الجيش بأن نشر هذه اللقطات يؤثر على صورته وأكد أنه يعمل باستمرار على تحسين قدراته الاعتراضية، وكذلك مهاجمة خلايا تابعة للوحدة الجوية لحزب الله، حسبما ذكرت إذاعة الجيش.
وذهبت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى نفس المسار، قائلة إن "منظومة الرصد الجوي الإسرائيلية تابعت مسيرة الهدهد ولم تعترضها لأنها لم تشكل خطرا وخشية من أن يؤدي إسقاطها إلى إصابات".
ووسط مطالبات بالتحقيق فيما وصف بالإخفاقات بداية من عدم التصدي لهجمات 7 أكتوبر وإحباطها، مرورا بعدم إدراك الأهداف المعلنة للحرب رغم دخولها شهرها التاسع، وصولا لما رصدته "مسيرة الهدهد"، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن "الحرب الصعبة التي نخوضها جاءت مفاجئة ودفعنا ثمنا باهظا لم نر له مثيلا".
وأضاف غالانت "الفشل الموجع سيجرى بحثه والتعلم منه وهذه الدروس ستؤثر على مستقبلنا على هذه الأرض... قوات الجيش والموساد وأجهزة الأمن تقاتل في 7 جبهات منذ 8 أشهر وهي حرب لم نعهد لها مثيلا".
ومن جهته، حذر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس من تصاعد التوترات في شمال البلاد، وقال في منشور على منصة التواصل الاجتماعي (إكس) "نحن قريبون جدا من لحظة اتخاذ قرار بتغيير القواعد ضد حزب الله ولبنان"، وأضاف "في حرب شاملة، سيتم تدمير حزب الله وسيصاب لبنان بشدة".
وقدرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل حصيلة المناوشات شبه اليومية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية حتى الآن بـ10 قتلى مدنيين على الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى مقتل 15 جنديا وجنود احتياط في الجيش الإسرائيلي.
بينما أشارت الصحيفة إلى إعلان حزب الله أسماء 343 من أعضائه الذين قتلتهم إسرائيل، معظمهم في لبنان ولكن بعضهم أيضا في سوريا.
وتتزامن هذه التطورات مع تزايد الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو، وتعالي الأصوات المطالبة بعدم الزج بإسرائيل في حرب متعددة الجبهات، لا سيما في ظل ما وصفته وسائل إعلام عبرية بحالة الإنهاك التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي على خلفية حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 8 أشهر.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات ستزيد من حالة الارتباك الداخلي، لاسيما أنها تأتي بعد تقرير لهيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية (كان) أشار إلى أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أصدرت تحذيرات واضحة بشأن هجوم وشيك قبل أكثر من أسبوعين من هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر من العام الماضي، لكن كبار الضباط في "فرقة غزة" التابعة للجيش الإسرائيلي تجاهلوه، وهو ما يطرح علامات استفهام إضافية تحتاج إلى تفسير.
ويرى محللون أنه في ظل هذه المؤشرات، يبدو أن المنطقة مقبلة على أيام أكثر سخونة، وقد تنجرف الأمور نحو السيناريو الأخطر وهو حرب إقليمية تشهد تدخل أطراف عدة بصورة مباشرة.