إسرائيل تطلق أوسع عملية عسكرية في الضفة الغربية منذ عقدين

مقتل تسعة فلسطينيين على الأقل في عملية تقول إسرائيل أنها تسعى من خلالها إلى تفكيك البنى التحتية الإيرانية-الإسلامية المزروعة فيها.
الأربعاء 2024/08/28
الجيش الإسرائيلي يستخدم الجرافات خلال العملية

نابلس (الأراضي الفلسطينية) - قتل تسعة فلسطينيين على الأقل خلال عملية عسكرية بدأتها القوات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية المحتلة فجر الأربعاء، وفق مصادر فلسطينية وإسرائيلية، بينما أكد الجيش الإسرائيلي أنه يشن عملية "لإحباط الإرهاب" ما زالت متواصلة جوا وبرا.

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان مقتضب الأربعاء أن "مجمل عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المشافي جراء عدوان الاحتلال في جنين وطوباس (9 شهداء)، منذ ليلة الثلاثاء".

وبحسب الجيش فإن ثلاثة منهم قضوا في "غارة جوية" على سيارة في جنين، بينما قُتل "إرهابيان مسلحان" في المدينة ذاتها، وأربعة في مخيم الفارعة في غور الأردن.

وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر أحمد جبريل في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن حوالي 15 شخصا أصيبوا بجروح.

وفي حديثه للصحافيين، لم يعلق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني على المدة التي ستستغرقها العملية أو عدد القوات المشاركة فيها.

وبحسب شوشاني فإن العملية تأتي بعد "ارتفاع كبير في النشاط الإرهابي في العام الماضي" انطلق من المدن المستهدفة.

وأشار إلى أن "أكثر من 150 هجوم إطلاق نار وعبوات ناسفة... انطلق من هذه المناطق وحدها".

وعلى ضوء العملية العسكرية الإسرائيلية، قطع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء زيارته إلى السعودية لمتابعة "العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية" المحتلة وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).

وبحسب وزارة الصحة في رام الله "قطعت قوات الاحتلال الطرق على مستشفى ابن سينا بالسواتر الترابية، وحاصرت مستشفى الشهيد خليل سليمان ومقر جمعيتي الهلال الأحمر وأصدقاء المريض".

وحذرت في بيان من "تداعيات حصار الاحتلال لمستشفيات جنين، وطولكرم، وطوباس وتهديداته باقتحامها".

وغالبا ما تتّهم فرق الإسعاف الفلسطينية القوات الإسرائيلية بمنعها من إجلاء المصابين أو القتلى أثناء العمليات العسكرية.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في وقت سابق إنّ "قوات الأمن بدأت الآن عملية لإحباط الإرهاب في جنين وطولكرم"، من دون تفاصيل إضافية.

ووصفت القناة "14" الإسرائيلية العملية العسكرية بأنها "الأكبر" منذ عقدين و"يتوقع أن تستمر عدة أيام على الأقل".

وقالت "هذه أكبر عملية يجري تنفيذها في الضفة الغربية منذ بداية الحرب ومنذ حملة 'السور الواقي' (2002) قبل عقدين".

وأشارت إلى أن "العملية واسعة النطاق تركز على ثلاثة مخيمات للاجئين: جنين ونور شمس في طولكرم، والفارعة في شمال غور الأردن'.

ولفتت إلى أن عددا من الجنود المشاركين في العملية "وصلوا على متن مروحيات"، إضافة إلى مشاركة القوات السرية في العملية.

أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية فقالت إن "الحملة الواسعة تشمل حراسة جوية كبيرة ومئات المقاتلين، بمن فيهم المستعربون وقوات حرس الحدود".

وتحدثت الصحيفة عن إمكانية إجلاء الفلسطينيين بشكل منظم وفقا لمناطق القتال المتوقعة، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يستخدم أيضاً الجرافات خلال العملية.

وتابعت "لواءان من الجيش يشاركان في العملية التي ستستمر عدة أيام".

من جهته، كتب وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس عبر منصة إكس "يعمل الجيش بكل قواه منذ الليل في مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم لتفكيك البنى التحتية الإرهابية الإيرانية-الإسلامية التي زرعت فيها".

واتهم الوزير الإسرائيلي الجمهورية الإسلامية الداعمة لفصائل فلسطينية مسلحة بـ"إقامة جبهة إرهابية في الشرق" في الضفة الغربية "وفق نموذج غزة ولبنان"، في إشارة الى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله.

وأشار الى أن "أسلحة متطورة يتم إدخالها بشكل غير مشروع من الأردن" الى مناطق في الضفة الغربية.

وتتّهم إسرائيل طهران ومجموعات حليفة لها بالعمل على تهريب أسلحة الى الضفة لدعم الفصائل الفلسطينية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء الماضي أنه استهدف بضربة جوية في لبنان، خليل المقدح، القيادي في كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، متّهما إياه بالعمل لصالح الحرس الثوري الإيراني وتنسيق الهجمات ضد إسرائيل في الضفة الغربية.

وقالت حركة الجهاد الإسلامي في بيان الأربعاء إنّ إسرائيل "تشنّ عدواناً شاملاً على مدن شمال الضفة المحتلة ومخيماتها (...). يسعى هذا العدوان إلى نقل ثقل الصراع إلى الضفة المحتلة في محاولة من الكيان لفرض وقائع ميدانية جديدة تهدف إلى إخضاع الضفة المحتلة وضمّها".

بدورها، أعلنت كتائب شهداء الأقصى أنّ مقاتليها "يتصدّون في ميدان المعركة، بالأسلحة الرشاشة والعبوات المتفجرة، للاقتحام الصهيوني على مدينة جنين وطوباس وطولكرم".

وتشهد مختلف مناطق الضفة الغربية تصاعدا في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر.

وقتل مذاك في الضفة الغربية ما لا يقل عن 660 فلسطينيا برصاص مستوطنين والقوات الإسرائيلية، وفق تعداد يستند إلى بيانات رسمية فلسطينية، فيما قتل ما لا يقل عن 20 إسرائيليا بينهم جنود، في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، وفقا لأرقام إسرائيلية رسمية.

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل 1199 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق تعداد يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

كما خُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 104 منهم محتجزين في غزة، بينهم 34 أعلن الجيش وفاتهم.

وتسبّب القصف والعمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة ردا على هجوم حماس بمقتل ما لا يقل عن 40534 شخصا، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى هم من النساء والأطفال.

وغالبا ما تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات ومداهمات في مدن الضفة التي تحتلها الدولة العبرية منذ 1967.

وشهدت الأسابيع الماضية تزايدا في العمليات في مناطق شمال الضفة حيث تنشط مجموعات من فصائل فلسطينية.

وأعلنت إسرائيل الإثنين أنها نفذت ضربة جوية في منطقة مخيم نور شمس الواقع قرب مدينة طولكرم، أوقعت، بحسب السلطة الفلسطينية، خمسة قتلى.

وأوضح الجيش الإسرائيلي في بيان الأربعاء بشأن هذه العملية، أن من بين القتلى "الذين تمت تصفيتهم المدعو جبريل غسان إسماعيل جبريل المتورط في النشاطات الإرهابية في منطقتَي طولكرم وقلقيلية والذي أفرج عنه من السجن في شهر نوفمبر 2023"، في إطار اتفاق هدنة وصفقة تبادل أثناء الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وجددت حماس ليل الثلاثاء دعوتها "جماهير شعبنا في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل إلى النفير العام، وشدّ الرّحال، والرّباط في المسجد الأقصى المبارك، وتعزيز حضورهم وتكثيف كلّ أشكال التصدّي لمحاولات الاحتلال ومتطرّفيه المساس بحرمة وقدسية الأقصى".

وأتى ذلك بعدما أثار وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وهو يميني متطرّف، جدلا واسعا بتشكيكه بالوضع القائم في الحرم القدسي وتأييده بناء كنيس في المكان.