إسرائيل تضغط بالاختراقات والاغتيالات على خامنئي لتقديم التنازلات

الإمارات تحذر من خطوات متهورة تخرج بالحرب عن نطاق السيطرة.
الأربعاء 2025/06/18
بروباغندا إيرانية تقلب الواقع

طهران- يعزى التفوق الإسرائيلي في الحرب على إيران بدرجة أولى إلى الاختراق الواسع للأجهزة الأمنية والعسكرية ما مكّن من تصفية كبار القادة ومستشاري المرشد الأعلى علي خامنئي بشكل متزامن عند انطلاق الهجوم واستمر الأمر لاحقا ليطول قادة آخرين، وهو وضع يهدف إلى عزل خامنئي ودفعه إلى تقديم تنازلات في ملفات حساسة مثل الملف النووي أو النفوذ الإقليمي. 

يأتي هذا في ظل مخاوف إقليمية ودولية من خروج الحرب عن السيطرة، وهو ما عكسه تصريح وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بتحذيره من خطوات “غير محسوبة العواقب ومتهورة قد تتعدّى حدود” إيران وإسرائيل. 

وقال الشيخ عبدالله بن زايد في بيان نقلته وزارة الخارجية “لا بدّ من التحرك السريع نحو غاية واضحة، وهي الوقف الفوري لما يجري قبل أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة.” 

ويعكس هذا الكلام مخاوف الإقليم ككل من أن الحرب قد تخرج عن السيطرة مع تمسك كل طرف بفرض إرادته والرد بشكل أقوى والتخطيط لإلحاق أكثر ما يمكن من الأضرار بالمدنيين والمنشآت، في وقت يرفض فيه الطرفان دعوات التهدئة والجلوس إلى التفاوض. 

وإذا استمرت الحرب لفترة أطول، فإن السيطرة عليها تصبح صعبة وقد تفتح الباب أمام أعمال فوضى إقليمية تمكّن من دخول ميليشيات ومجموعات متطرفة على الخط، وسيادة خطاب الانتقام العشوائي، ما يخلط الأوراق كليا ولن يفيد أيّ جهة وخاصة دول الإقليم، التي تحركت على مستويات عدة لوقف الحرب. 

ورغم أن الإيرانيين يقولون إنهم قد تجاوزوا الصدمة الأولى وردوا على الهجوم الإسرائيلي، وإن بشكل غير متكافئ، وأوقفوا أعدادا كبيرة من الجواسيس، لكن عمليات الاغتيال الموجهة استمرت. كما استمر الكشف عن جواسيس وورش لتصنيع المسيّرات، التي نفذت الهجوم المباغت الجمعة الماضية، وهو وضع يكشف أن الاختراق ليس أمرا طارئا ولا يتعلق بالهجوم الأخير، وأن الموساد قد نجح في بناء شبكات داخل إيران لسنوات طويلة. 

دونالد ترامب: نعرف بالتحديد أين يختبئ المدعو "المرشد الأعلى". هو هدف سهل، لكنه في مأمن هناك. لن نقضي عليه على الأقل ليس في الوقت الحالي

ومن الواضح أن الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإيرانية لم تأخذ مأخذ الجد الرسالة الإسرائيلية من تصفية زعيم حماس إسماعيل هنية في قلب طهران وبمناسبة تنصيب الرئيس مسعود بازشكيان، وهي رسالة تظهر أن الاختراق موجود ومتجذر في مواقع متقدمة من السلطة، وأن جهاز الموساد امتلك قدرة على رصد تحركات القادة في القيادات العسكرية العليا، عبر تتبع المكالمات والرسائل واختراق بيئة العمل.

وضبطت قوات الأمن الإيرانية ورشتين لصناعة الطائرات المسيّرة في مدينتي أصفهان وكرج، لمن قالت إنهم “عملاء إسرائيليون.” 

وبحسب التلفزيون الرسمي الإيراني، داهمت قوات الأمن الثلاثاء ورشة في مدينة كرج التابعة لمحافظة ألبرز قرب طهران، لـ”عملاء إسرائيليين يصنّعون طائرات مسيّرة ومواد متفجرة.” 

وأعلنت الشرطة الإيرانية كذلك عن اعتقال عدد من العناصر المرتبطة بالموساد في محافظتي ألبرز وأصفهان، “كانوا يعملون داخل ورشة سرية لصنع واختبار متفجرات، بهدف تنفيذ أعمال تخريبية داخل البلاد.” 

وفيما يحاول المسؤولون تقديم هذه الإيقافات على أنها نجاح استخباري، إلا أن خبراء أمنيين يرون أن ذلك لا يمثل سوى جزء صغير من إمبراطورية الموساد المزروعة في إيران، والتي استفادت من عزلة النظام عن الشارع الإيراني بسبب إغراق البلاد في الحروب وخلق أزمة اجتماعية واقتصادية حادة وسيطرة تيار ديني متشدد. 

ونجحت إسرائيل بهذه الاغتيالات في تقليص الدائرة المقربة من خامنئي ليصبح وحيدا أكثر فأكثر، وهو وضع إما أن يدفعه إلى الهروب إلى الأمام والاستمرار في الحرب مع ما يحمله من مخاطر خاصة بعد أن نجح الإسرائيليون في توجيه ضربات نوعية للدفاعات الإيرانية والقوة الجوية والصواريخ الباليستية، أو أن يلجأ إلى إبداء المرونة وبحث الشروط الإسرائيلية والأميركية لوقف الحرب بما في ذلك التخلي عن تخصيب اليورانيوم. 

ويراهن الأميركيون على الخيار الثاني وأن خامنئي سيختار أهون الشرين، أي تقديم التنازلات وخسارة البرنامج النووي على خسارة الحرب وما تبعها من تداعيات على المدى البعيد. وفيما يشجع الأميركيون طهران على الخيار الأول يأمل الإسرائيليون أن يختار خامنئي الخيار الثاني، أي الاستمرار في الحرب. 

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يريد “نهاية حقيقية” للخلاف النووي مع إيران، مشيرا إلى أنه قد يرسل اثنين من كبار المسؤولين الأميركيين للقاء مسؤولين إيرانيين. 

وكتب الرئيس الأميركي على تروث سوشال “نعرف بالتحديد أين يختبئ المدعو ‘المرشد الأعلى‘. هو هدف سهل، لكنه في مأمن هناك. لن نقضي عليه (نقتله!)، على الأقل ليس في الوقت الحالي.” 

يسرائيل كاتس: خامنئي قد يواجه مصير صدام حسين

في غضون ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن خامنئي قد يواجه مصير صدام حسين، الذي أطيح به في غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة وأُعدم في النهاية بعد محاكمة. 

وقال الجيش الإسرائيلي إن القيادة العسكرية الإيرانية “تحاول الفرار،” وإنه اغتال رئيس أركان الحرب الإيراني علي شادماني خلال الليل بعد أربعة أيام من توليه منصبه عقب مقتل سلفه في الغارات الجوية.

وقُتل عدد من كبار القادة العسكريين منذ يوم الجمعة، بينهم المستشارون الكبار لخامنئي من الحرس الثوري، قوة النخبة العسكرية الإيرانية، وهم القائد العام للحرس حسين سلامي وقائد القوة الجوفضائية أمير علي حاجي زادة، الذي كان يرأس برنامج الصواريخ الباليستية، ورئيس مخابرات الحرس الثوري محمد كاظمي. 

ووفقا لمصادر تضم أشخاصا يحضرون أو حضروا اجتماعات مع خامنئي حول قضايا مهمة ومقربين من المسؤولين الذين يحضرون بانتظام، فإن القادة الذين تمت تصفيتهم كانوا جزءا من الدائرة المقربة من الزعيم الأعلى التي تضم ما يتراوح بين 15 و20 مستشارا من قادة الحرس الثوري ورجال الدين والسياسيين. 

وقالت جميع المصادر إن هذه المجموعة الواسعة تجتمع دون ترتيب مسبق، عندما يتصل مكتب خامنئي بالمستشارين المناسبين لعقد لقاء في مجمعه في طهران لمناقشة قرار مهم. وأضافوا أن الأعضاء يتسمون بالولاء الشديد له. 

وقال مصدر من الذين يحضرون الاجتماعات إن خامنئي هو من يتخذ القرار النهائي في المسائل المهمة، لكنه يقدر المشورة ويستمع باهتمام إلى وجهات النظر المختلفة، وغالبا ما يطلب معلومات إضافية من مستشاريه. 

وأكدت المصادر الخمسة المطلعة على عملية صنع القرار لدى خامنئي أن المقربين الآخرين الذين لم تستهدفهم الضربات الإسرائيلية ما زالوا على قدر كبير من الأهمية والتأثير، بمن فيهم كبار المستشارين في الشؤون السياسية والاقتصادية والدبلوماسية. 

وقال اثنان من المصادر إن خامنئي يكلف هؤلاء المستشارين بالتعامل مع أيّ قضايا بمجرد ظهورها، ما يوسع نطاق نفوذه مباشرة في مجموعة واسعة من المؤسسات التي تشمل المجالات العسكرية والأمنية والثقافية والسياسية والاقتصادية. 

وأشارت المصادر المطلعة إلى أن هذا النهج المتبع، بما في ذلك في الهيئات الخاضعة اسميا لسلطة الرئيس المنتخب، يعني أن مكتب خامنئي غالبا ما ينخرط ليس فقط في أهم قضايا الدولة بل في تنفيذ حتى أصغر المبادرات. 

إسرائيل نجحت بهذه الاغتيالات في تقليص الدائرة المقربة من خامنئي ليصبح وحيدا أكثر فأكثر،

وذكرت المصادر أن نائب شؤون الأمن السياسي في مكتب خامنئي، علي أصغر حجازي، شارك في قرارات أمنية بالغة الأهمية وغالبا ما يوصف بأنه أقوى مسؤول مخابرات في إيران. 

وبحسب المصادر، في الوقت نفسه لا يزال رئيس مكتب خامنئي، محمد كلبايكاني، وأيضا وزيرا الخارجية السابقان علي أكبر ولايتي وكمال خرازي، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، من المقربين الموثوق بهم في الشؤون الدبلوماسية والسياسات الداخلية مثل النزاع النووي. 

ومع ذلك فإن خسارة قادة في الحرس الثوري قلصت قيادة المؤسسة العسكرية التي وضعها خامنئي في مركز السلطة منذ أن أصبح الزعيم الأعلى في عام 1989، إذ اعتمد عليها في الأمن الداخلي والإستراتيجية الإقليمية لإيران. 

وفي حين أن التسلسل القيادي للجيش النظامي يخضع لوزارة الدفاع تحت قيادة الرئيس المنتخب، فإن الحرس الثوري يأتمر مباشرة بأمر خامنئي، ويحصل على أفضل العتاد العسكري لوحداته البرية والجوية والبحرية مع اضطلاع قادته بأدوار رئيسية في الدولة. 

 

اقرأ أيضا:

1