إسرائيل تضع مصر في حرج بسبب غلق معبر رفح

هل تجازف القاهرة بإدخال المساعدات دون تنسيق.
الأحد 2024/01/14
تنطع سياسي إسرائيلي

القاهرة- تعرضت القاهرة لحملة ضارية من قبل جماعة الإخوان ومن يدورون في فلكها من المصريين والفلسطينيين بعد تنصل إسرائيل من مسؤولية منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح.

وصدّق إعلام الإخوان مزاعم إسرائيل التي منحته حجة لتأكيد اتهامات بغلق مصر للمعبر وتعطيل دخول المساعدات لأهالي غزة، بينما كذّب هذا الإعلام سرديات إسرائيل بشأن معلومات أخرى تتعلق بالحرب على القطاع.

وأدت مرافعة أحد محامي إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية الجمعة في هذا الجانب إلى جعل مصر “ظالمة ومظلومة”، حيث حصل خصومها على أداة لإدانتها معنويا، بينما لم تدّخر القاهرة في الفترة الماضية جهدا لتسهيل دخول المساعدات إلى غزة وسط اعتراضات مستمرة من إسرائيل، وتهديد على ألسنة مسؤولين فيها باستهداف القوافل.

وأكد رئيس الهيئة العامة لهيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان في بيان له مساء الجمعة أن القاهرة “تنفي بصورة قاطعة مزاعم فريق الدفاع الإسرائيلي وأكاذيبه أمام محكمة العدل الدولية بأن مصر هي المسؤولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من الجانب المصري لمعبر رفح”.

وقال عضو فريق الدفاع عن إسرائيل المحامي كريستوفر ستاكر في مرافعته أمام المحكمة إن “دخول غزة من مصر هو تحت سيطرة مصر، وإسرائيل ليست مُلزمة بموجب القانون الدولي أن تتيح الوصول إلى غزة من أراضيها”.

وزادت تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت من توتير العلاقة مع مصر من خلال تلويحه مجددا بالسيطرة على محور فيلادلفيا في رد فعل على رفض القاهرة اتهامات إسرائيلية بأنها تتحمل مسؤولية منع دخول المساعدات عبر معبر رفح.

عادل العمدة: اتهام إسرائيل جعلها تتورط مع القاهرة في أكذوبة مفضوحة
عادل العمدة: اتهام إسرائيل جعلها تتورط مع القاهرة في أكذوبة مفضوحة

ويمكن أن يتحول وضع إسرائيل مشكلة معبر رفح في عهدة مصر وحدها إلى أزمة مع ميل بعض الفلسطينيين المستعدين لتصديق الرواية التي قدمتها إسرائيل أمام محكمة العدل إلى ممارسة ضغوط على القاهرة، والتي عليها أن تثبت براءتها من هذه التهمة، ما يضطر مصر إلى اختبار نوايا إسرائيل بإدخال المساعدات مباشرة إلى غزة الآن من دون مرورها على لجان التفتيش الإسرائيلية على الجانب الآخر.

ومن المتوقع أن ترسل السلطات المصرية تعليقا رسميا إلى محكمة العدل الدولية بخصوص المزاعم الإسرائيلية للتأكيد على أنها لم تغلق معبر رفح في أيّ وقت.

وقد يزيد الرد المصري التعقيدات أمام الحكومة الإسرائيلية، لأن هناك الكثير من الشواهد التي لا تدعم روايتها بشأن معبر رفح، ما يحوي تضامنا سياسيا مع الملف القوي الذي تقدمت به دولة جنوب أفريقيا لمحكمة العدل.

وذكر الخبير الإستراتيجي ومستشار أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء عادل العمدة أن اتهام إسرائيل جعلها “تتورط مع القاهرة في أكذوبة مفضوحة، معتقدة أنها سوف تصمت وتمرر الأمر بلا رد حاسم، لكن موقف مصر جاء صادما لتل أبيب، من أنها سوف تجهّز ردا رسميا إلى المحكمة يفيد أن عدم دخول المساعدات إلى قطاع غزة كان بسبب التعنت الإسرائيلي”.

وأضاف لـ”العرب”، أن إسرائيل حاولت إلقاء تهمة الجريمة الإنسانية في غزة على مصر، وعوّلت على أنها لن ترد حتى لا تنجر إلى مشكلة، لكن الرد المصري السريع لم تتخيله إسرائيل وحوى تفنيدا لادعاءات حاولت من خلالها إسرائيل البحث عن مخرج أمام المحكمة بطريقة تعبر عن “تنطع سياسي”، وتناست أن مصر قامت بإصلاح معبر رفح أربع مرات بسبب قصف استهدف منع دخول المساعدات إلى غزة.

◙ إسرائيل حاولت إلقاء تهمة الجريمة الإنسانية في غزة على مصر، وعوّلت على أن القاهرة لن ترد حتى لا تنجر إلى مشكلة

وأشار إلى أن مصر لديها ما يثبت التعنت الإسرائيلي بخصوص معبر رفح، وهذا سيكون فارقا في محاكمتها، لاسيما في ما يتعلق بالجريمة الإنسانية، وأقرب مثال على ذلك أن مسؤولي الأمم المتحدة أنفسهم وقفوا أمام معبر رفح ليعلنوا على الملأ صعوبة دخول المساعدات بسبب القصف الإسرائيلي لمعبر رفح، وتهديد قوافل تنقل مواد غذائية وطبية بالضرب، مؤكدا أن “مصر لم تعد تحت ضرس أحد وقرارها السياسي مستقل، وعلى إسرائيل أن تستوعب ذلك”.

وأعلنت مصر مرات كثيرة أن معبر رفح مفتوح، وطالبت إسرائيل بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل دخولها أو تأخيرها بحجة تفتيشها.

وزار العديد من كبار المسؤولين في العالم، في مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، معبر رفح من جانب مصر ولم يتمكنوا من عبوره إلى غزة، بسبب منع الجيش الإسرائيلي لهم أو خوفهم على حياتهم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع.

ضياء رشوان: مصر لديها ما يثبت التعنت الإسرائيلي بخصوص معبر رفح، وهذا سيكون فارقا في محاكمتها
ضياء رشوان: مصر لديها ما يثبت التعنت الإسرائيلي بخصوص معبر رفح، وهذا سيكون فارقا في محاكمتها

وأوضح رئيس هيئة الاستعلامات أن سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصري من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر منه في قطاع غزة لسلطة الاحتلال الفعلية، وهو ما تجلّى في آلية دخول المساعدات من مصر إلى معبر كرم أبوسالم الذي يربط غزة بالأراضي الإسرائيلية، حيث يتم تفتيشها هناك قبل السماح بدخولها إلى القطاع.

وركزت وسائل الإعلام المصرية يومي الجمعة والسبت على دحض الرواية الإسرائيلية، بعد أن استشعرت القاهرة اهتماما بها على مواقع التواصل الاجتماعي، بدا منسجما مع اتهامات تتردد في كل مرة تزيد فيها إسرائيل الحصار ويتم تجاهل غلق ستة معابر بين إسرائيل والقطاع وتسليط الضوء على المعبر المصري فقط.

ويحظى معبر رفح باهتمام كبير من جانب إسرائيل بعد تلميحات صدرت من مسؤولين فيها تتهم مصر بالتساهل في ضبط الأنفاق في رفح، وأن جزءا من الأسلحة التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية جاءت منها، وظهرت مطالبات بالتعاون مع القاهرة لضبط الشريط الحدودي بين رفح الفلسطينية ونظيرتها المصرية، ويصل طوله إلى نحو 14 كيلومترا.

ويقول متابعون إن إسرائيل منحت مصر فرصة لدخول المساعدات بلا قيود من خلال اعترافها أمام محكمة العدل الدولية بعدم مسؤوليتها، وعليها أن تستثمر ذلك بتشكيل قوافل غذاء بالتنسيق مع دول عديدة لدخول القطاع دون تفتيش من قوات الاحتلال.

ويضيف المتابعون أن تصريحات النفي المصرية لن تفيد وحدها في إقناع من جاءت رواية إسرائيل على مزاجهم السياسي، ومن المهم أن تمسك القاهرة بالفرصة كي تنهي أزمة تلاحقها كل مرة يتعرض فيها القطاع لحرب من قبل إسرائيل.

ورفعت دولة جنوب أفريقيا شكوى إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي قالت فيها إن إسرائيل تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، بينما نفى محامو إسرائيل أمام المحكمة سعي قوات الاحتلال لتدمير الشعب الفلسطيني.

1