إسرائيل تستهدف حلب كنقطة تجميع أولية لصواريخ إيران ومسيّراتها

رسالة إلى الأسد: بقاء إيران وحزب الله في سوريا صار مضرا.
السبت 2024/03/30
إسرائيل تستهدف مقاتلي حزب الله في سوريا

بيروت - جاءت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب السورية مختلفة عن سابقاتها وقادت إلى سقوط أكثر من 40 عسكريا بين عناصر من القوات السورية ومقاتلي حزب الله، ما يوحي بأن الضربة كانت استباقا لنشاط من إيران أو الحزب في مدينة يتعامل الإسرائيليون معها كنقطة تجمع أولية لصواريخ إيران ومسيّراتها ولمقاتلي حزب الله و”المستشارين” الإيرانيين.

ويوجه الاستهداف الإسرائيلي رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد يفيد مضمونها بأن استمرار أنشطة إيران وحزب الله في سوريا صار مضرا بدمشق وأمنها مع تراجع الحرب الأهلية. في المقابل تستمر إسرائيل إلى حد الآن خلال هجماتها في الفصل بين القوات السورية وأنشطة إيران والمجموعات التابعة لها.

ومن نتائج القصف الإسرائيلي المتتالي على مواقع لحزب الله في حلب ومحيطها مغادرة مقاتليه المدينة منذ فترة طويلة. وتوحي عودتهم المفاجئة إلى المدينة بوجود سبب طارئ قد يكون الاستعداد لتنفيذ هجوم على مواقع إسرائيلية من نقاط داخل سوريا، أو الترتيب لتهريب أسلحة إلى لبنان وتوظيفها في الاشتباكات الجارية مع إسرائيل. ويثير وجود عناصر للحزب في مركز للتدريب يضم عددا كبيرا من الجنود السوريين التساؤل عن المهمة التي يجري التحضير لها.

وتنوع إيران وحزب الله المناطق التي يتم فيها تجميع الأسلحة في محيط حلب وريفها، وهو ما يصعّب على إسرائيل مهمة ضربها، لكن من الواضح أن الإسرائيليين هذه المرة لم يتركوا شيئا للصدفة. وسقط ما لا يقل عن 42 جنديا سوريا ومقاتلا من حزب الله اللبناني في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت فجر الجمعة عدة مواقع قرب حلب في شمال سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

◙ حلب لم تعد مكانا لمقاتلي حزب الله منذ فترة طويلة، وهناك سبب لتواجدهم ما دفع إسرائيل إلى استهدافهم

وتحدث المرصد، ومقره في بريطانيا، عن مقتل 42 عنصرا بينهم 36 من قوات النظام و6 من حزب الله اللبناني، جراء “الضربات الإسرائيلية التي طالت مستودعا للصواريخ لحزب الله اللبناني ويقع بالقرب منه مركز للتدريب” في منطقة جبرين قرب مطار حلب الدولي. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إنّ ضربات جوية إسرائيلية الجمعة تسبّبت في سقوط قتلى وجرحى من “مدنيين وعسكريين”.

وأضاف المصدر أن القصف الإسرائيلي استهدف “عددا من النقاط في ريف حلب”. وأشار المرصد إلى أنّ القصف الجوي الإسرائيلي استهدف كذلك في مدينة السفيرة الواقعة جنوب شرق مدينة حلب “معامل الدفاع التي كانت تابعة لوزارة الدفاع السورية قبل أن تسيطر عليها مجموعات إيرانية”.

وبحسب المرصد “تعد هذه الحصيلة من القتلى من قوات النظام الأعلى خلال الضربات الإسرائيلية السابقة التي طالت مناطق سورية”. واعتبر أن هذا الهجوم يعد “الأعنف في الضربات الإسرائيلية على سوريا منذ ثلاث سنوات”. ومنذ بدء النزاع عام 2011 شنّت إسرائيل المئات من الضربات الجوية في سوريا، طالت بشكل رئيسي أهدافا إيرانيّة وأخرى لحزب الله، من بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر، ولكن أيضا مواقع للجيش السوري.

وقصفت إسرائيل المطارين الدوليين في دمشق وحلب مرارا على مدى سنوات لعرقلة تدفق الأسلحة إلى حلفاء إيران في المنطقة، لكن الغارات أصبحت أدمى منذ السابع من أكتوبر الماضي ودفعت إيران إلى سحب البعض من كبار ضباطها من سوريا.

◙ إسرائيل ترغب في إبراز استعدادها للانخراط في أي مواجهة وعلى أي جبهة من الجبهات والرد خارج حدودها إذا استفزها أي طرف

وترغب إسرائيل في إبراز استعدادها للانخراط في أي مواجهة وعلى أي جبهة من الجبهات والرد خارج حدودها إذا استفزها أي طرف. وتسعى من خلال ردها على أهداف داخل سوريا إلى تذكير إيران بأن الصراع المستمر في غزة لا يعيق قدرتها على تعطيل تحركات الوكلاء.

وتندّد دمشق -بانتظام- بالقصف الإسرائيلي الذي يطال أراضيها وتعتبره عدوانا على سيادتها. وغالباً ما تطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتحرّك لإلزام إسرائيل بالكفّ عن استهداف أراضيها الذي تصفه بـ”انتهاك سافر للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ولأحكام ميثاق الأمم المتحدة”.

ويعتقد مراقبون أن تكثيف الوجود العسكري والاستخباري الإيراني لا يتم برضا الأسد، ولا يصب في صالح خطط الدولة السورية التي تريد إنهاء معالم الحرب بشكل نهائي من خلال القضاء على المجموعات المتشددة المدعومة من تركيا، وكذلك انسحاب المجموعات الموالية لإيران والتي دخلت إلى سوريا تحت عنوان مساعدة الأسد على فرض الأمن وهزْم المتشددين، لكن تبين لاحقا أن الهدف هو تأمين بقاء دائم في سوريا وفق إستراتيجية إيرانية لمواجهة إسرائيل، وهو وضع يربك الأسد ويجعله محرَجا أمام الروس ويخرق التفاهمات عن بعد مع تل أبيت.

في المقابل تركز إسرائيل على انتقائية الاستهداف لتقول لدمشق إن الحرب ليست حربك ولا تتدخلي، وإن الهدف هو الوجود الإيراني. ومن الواضح أن الإسرائيليين قد غيروا تكتيكاتهم من استهداف المعدات الإيرانية الموجودة في سوريا إلى استهداف القيادات العسكرية والأمنية.

وجاءت الغارات على محيط حلب بعد ساعات من غارة إسرائيلية تسبّبت بمقتل شخصين في مبنى سكني قرب منطقة السيدة زينب في ريف دمشق، بحسب الإعلام الرسمي السوري. وتعدّ منطقة السيدة زينب منطقة نفوذ لمجموعات موالية لطهران. ولحزب الله والحرس الثوري الإيراني مقرات فيها، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

1