إسرائيل تستثمر في ما تبقى لإدارة ترامب لتحقيق المزيد من الاختراقات

ينتظر الفلسطينيون تسلم إدارة جديدة دفة الأمور في البيت الأبيض، وإلى ذلك الحين يخشون من القرارات التي يمكن أن تتخذها إدارة دونالد ترامب التي يبدو أن من أولوياتها في الفترة المتبقية مضاعفة المكاسب السياسية لإسرائيل.
القدس – تحاول الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استثمار المدة المتبقية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تنتهي في يناير المقبل لتحقيق جملة من المكاسب، في ظل عدم يقينها بتوجهات الرئيس الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن وإن وصفته بـ”الصديق”.
ولطالما تفاخر ترامب وأعضاء فريقه بأن بإدارتهم الأكثر سخاء مع إسرائيل، وهذه حقيقة ماثلة للجميع، فالإدارة الحالية لم تقم فقط بنسف أسس السلام السابقة، بعرض خطة للسلام تقر من خلالها بالقدس عاصمة لإسرائيل وبشرعية معظم الكتل الاستيطانية، لا بل أنها أحدثت اختراقا جوهريا فيما يعرف بالصراع العربي الإسرائيلي من خلال “اتفاقات أبراهام”.
ووقعت كل من الإمارات والبحرين والسودان على اتفاقات سلام مع إسرائيل، في نقلة كبرى من شأنها أن تعيد رسم الجغرافيا السياسية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا وأن دولا أخرى في طريقها لاتخاذ خطوة التطبيع.
ويقول مراقبون إن الفلسطينيين الذين تنفسوا الصعداء بفوز بايدن يخشون من أن تتخذ إدارة ترامب المزيد من القرارات التي سيكون من الصعب على الإدارة الأميركية المقبلة تجاوزها أو إعادة النظر فيها.
وتعززت هذه المخاوف مع زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الحالية لإسرائيل، والتي أعلن في يومها الثاني عن جملة من القرارات من بينها الاعتراف بالمنتجات الإسرائيلية القادمة من المستوطنات، وبتوجه لتصنيف حركة مقاطعة إسرائيل “معادية للسامية”.
وزار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الخميس مصنعا للنبيذ يحمل اسمه في مستوطنة بساغوت في الضفة الغربية المحتلة مثيرا بذلك استياء الفلسطينيين، وانتقل إلى مرتفعات الجولان السورية المحتلة (اعتبرها ترامب أرضا إسرائيلية قبل أشهر)، في جولة غير مسبوقة لوزير خارجية أميركي.
وأعلن خلال توقفه في بساغوت، قبل التنقل إلى الجولان أن الولايات المتحدة ستصنّف الصادرات الواردة من مستوطنات الضفة الغربية المحتلة على أنها “صناعة إسرائيلية”.
وقال بومبيو “سيطلب من جميع المنتجين داخل المناطق التي تمارس فيها إسرائيل سلطات ذات صلة… وسم البضائع باسم ‘إسرائيل’ أو ‘منتج إسرائيلي’، أو ‘صنع في إسرائيل’، وذلك عند التصدير إلى الولايات المتحدة”.
وأكد وزير الخارجية الأميركي على أن التعليمات الجديدة تنطبق و”بشكل أساسي” على المنطقة المصنفة (ج)، وهي جزء من الضفة الغربية تسيطر عليها إسرائيل بالكامل وتسكنها غالبية من المستوطنين.
ودانت الرئاسة الفلسطينية “بشدة” زيارة بومبيو لمستوطنة بساغوت المقامة على أراضي مدينة البيرة الفلسطينية في الضفة الغربية. وقال الناطق باسمها نبيل أبوردينة في بيان “إن هذا القرار هو تحد سافر لكافة قرارات الشرعية الدولية.. هذه الخطوة الأميركية لن تضفي الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية التي ستزول عاجلا أم آجلا”.
وطالب أبوردينة “المجتمع الدولي وتحديدا مجلس الأمن، تحمل مسؤولياته وتنفيذ قرارته وخصوصا القرار الأخير 2334 الذي جاء بموافقة الإدارة الأميركية السابقة”.
وتندرج زيارة بومبيو إلى إسرائيل ضمن جولة أوروبية وشرق أوسطية قادته إلى باريس وتركيا وجورجيا، في ما يمكن أن يعتبر جولته الأخيرة وهو في منصبه.
ولن يجتمع بومبيو مع أي من القادة الفلسطينيين، الذين رفضوا بشدة موقف ترامب من الصراع المستمر منذ عقود، بما في ذلك اعتراف واشنطن بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لإسرائيل، وبالمستوطنات.

وقبل عام بالتحديد، صرّح بومبيو بأنّ الولايات المتحدة لا تعتبر المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير قانونية.
وخلال جولته أمس وصف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حركة “بي.دي.أس” (حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على الدولة العبرية) بأنها “سرطان” و”معادية للسامية”.
وقال بأن واشنطن ستتخذ خطوات على الفور لتحديد المنظمات التي تشارك في “سلوك المقاطعة البغيض وسحب دعم الحكومة الأميركية لمثل هذه الجماعات”.
وتعتبر إسرائيل حركة المقاطعة تهديدًا استراتيجيًا وتتهمها منذ فترة طويلة بمعاداة السامية، ويسمح قانون صدر في العام 2017 لإسرائيل بحظر الأجانب الذين لهم صلات بحركة المقاطعة.
ورفضت حركة المقاطعة الخميس إعلان بومبيو. وقالت في بيان لها “إن تحالف ترامب-نتنياهو المتطرف في عنصريته وعداءه للشعب الفلسطيني يخلط عمدًا بين رفض نظام الاحتلال والاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين والدعوة لمقاطعته من جهة والعنصرية المعادية لليهود كيهود من جهة أخرى”.
ويرى محللون أن إدارة ترامب ستستغل هامش الوقت الذي أمامها لتمكين إسرائيل من جملة من المكاسب لكنها لا تستطيع اتخاذ قرارات نوعية كإعطاء الضوء الأخضر لعملية الضم التي تستهدف المستوطنات وغور الأردن، لأنها ستكون “مقامرة كبرى”. ويشير المحللون إلى أن أمام الفلسطينيين أياما عصيبة، بانتظار أن تتولى إدارة جو بايدن دفة الأمور في البيت الأبيض.