إسرائيل تزيد التعاون مع مصر لتعزيز الربط الكهربائي مع أوروبا

تل أبيب تسعى لتوسيع حصتها في الطاقة العالمية بالتعاون مع دول عربية.
السبت 2023/07/08
نقطة ارتكاز رئيسية لتوزيع الكهرباء

تكثف إسرائيل إجراءات تنفيذ إستراتيجية التحول إلى مصدر رئيسي جديد لإمدادات الطاقة للدول الغربية، في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي حثيثا للحد من الاعتماد على الغاز الروسي، حيث من المتوقع أن تلعب مصر ودول عربية دورا مهما في الخطة الحالية.

القاهرة – اعتبر خبراء مصريون أن مساعي إسرائيل لتوسيع حصتها في مجال الطاقة العالمية مع دول الاتحاد الأوروبي يمكن أن تكلل بالنجاح مع تنامي التعاون بين لاعبين رئيسيين في المنطقة، مثل مصر وإسرائيل وتركيا.

ويمثل ذلك دافعًا قويًا لنمو صادرات الكهرباء، بصورة تتماشى مع رغبة دول أوروبية عدة تريد توثيق تعاونها مع دول مختلفة في المنطقة بغرض تنويع الممولين لمصادر الطاقة.

وأعلنت وزارة الطاقة في إسرائيل أخيرا أنها تعتزم إقامة خط تحت سطح البحر المتوسط لربط شبكتها الكهربائية بأوروبا، ويصل طول الخط المقترح إلى نحو 150 كيلومترا داخل إسرائيل.

كما تدرس إقامة خط آخر لربط شبكة كهرباء إسرائيل مع نظيرتها المصرية عبر شمال سيناء، ومد خط ثالث للربط الكهربائي مع الأردن.

والربط الكهربائي هو كابلات تيار مستمر عالية الجهد تحمل فائض الكهرباء من منطقة إلى أخرى، وتسمح للدول بتقاسم الطاقة وتبادلها، وتُمد الكابلات تحت سطح البحر أو تحت الأرض أو على سطحها.

فتحي كمال: مصر لاعب مهم وتملك قدرات واعدة لقربها من أوروبا
فتحي كمال: مصر لاعب مهم وتملك قدرات واعدة لقربها من أوروبا

ونظرا لقدرة الربط عبر الكابلات على الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة مثل مزارع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإنها توفر وسيلة لدمج المزيد من مصادر الطاقة المتجددة في أسواق الطاقة الخاصة بالدول بما يحقق أمن الطاقة.

وأجبرت الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا دول الاتحاد الأوروبي على البحث عن بديل للنفط والغاز الروسيين كإجراء عقابي ضد موسكو وتفاديًا لتوظيف إمدادات الطاقة في الحرب.

وكانت دول الاتحاد الأوروبي تستقبل 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي ونحو 27 في المئة من إجمالي وارداتها النفطية من روسيا.

وكشفت المفوضية الأوروبية في وقت سابق عن خطة لإعادة النظر في قطاع الطاقة في الاتحاد الأوروبي تقدر قيمتها بنحو 210 مليارات يورو، بهدف الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول نهاية العقد الحالي.

وتهدف الخطة إلى تنويع مصادر الطاقة، وتسريع التحول الأخضر، والحد من استهلاك الطاقة، وحددت بروكسل أيضًا هدفًا للربط الكهربائي بما لا يقل عن 15 في المئة بحلول عام 2030.

وهذا يعني أن كل دولة من الأعضاء بحاجة إلى كابلات كهربائية تنقل ما لا يقل عن 15 في المئة من الكهرباء التي تنتجها للدول المجاورة.

وقال خبير الطاقة المصري فتحي كمال لـ”العرب” إن “قرب مصر من أوروبا، وامتلاكها إمكانات هائلة لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والفائض الكبير في الكهرباء، كل ذلك يجعلها شريكًا مهمًا للاتحاد الأوروبي”. وأضاف “من هنا يأتي الحرص في الاعتماد عليها كحلقة وصل للربط بين مختلف البلدان”.

ومن أهم العوامل التي تدفع إسرائيل إلى الحرص على التعاون مع مصر تنوع مشاريع الربط الكهربائي بين القاهرة وأوروبا التي تصل حتى الوقت الراهن إلى خمسة مشاريع، بعضها في طور التنفيذ والآخر ينتظر التفعيل.

وأبرزها مشروع الربط الكهربائي مع إيطاليا بقدرة 3 غيغاواط، واقترحته شركة الطاقة المتجددة النرويجية سكاتك في فبراير الماضي، وهو الأحدث في خطط الربط الكهربائي.

1500

كيلومتر طول خط الرابط الكهربائي من وادي النطرون في غرب القاهرة مباشرة عبر البحر المتوسط إلى بر اليونان

ويسمح المشروع بتصدير الطاقة المتجددة من مصر إلى أوروبا، وسوف يحصل على دعم مالي من الحكومة النرويجية، كما وافقت القاهرة أخيرا على توقيع مذكرة تفاهم مع شركة سكاتك لبدء دراسات المشروع.

وأوضح كمال أن مصر محطة مهمة ورئيسية للتشبيك مع الدول العربية، حيث ترتبط شبكتها المحلية للكهرباء حاليا بكل من الأردن وفلسطين وليبيا والسودان، بجانب ما لديها من خطط للربط مع السعودية من خلال خط بقدرة 3 غيغاواط بحلول العام 2025.

واقترحت إيطاليا في يناير الماضي مشروعا للربط الكهربائي مع مصر بقدرة 3 غيغاواط، وعرضت توقيع مذكرة تفاهم للبدء في إعداد دراسات جدوى للمشروع بتكلفة تصل إلى نحو 3.5 مليار دولار.

وتلتزم روما بتدبير التمويل اللازم للمشروع من بنوكها المحلية ومؤسسات التمويل الأوروبية بموجب العرض المقترح، ويجري البلدان محادثات الآن بشأن وجود شريك ثالث في المشروع لتقريب المسافة بينهما، حيث يطل كلاهما على البحر المتوسط.

وأكد خالد الشافعي مدير مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية لـ”العرب” أن نجاح الخطة الحالية يعزز من تخلي الاتحاد الأوروبي على الوقود الأحفوري الروسي، وهي نابعة من الرهان الغربي الواسع على إسرائيل للاستغناء عن روسيا كليا.

وتعمل مصر واليونان على اختيار شركة استشارية لإجراء دراسات جدوى للربط الكهربائي ضمن مشروع “يورو أفريكا إنتركونكتو” المخطط له منذ عام 2018 باستثمارات تقدر بنحو 4 مليارات دولار.

خالد الشافعي: خطوة جديدة لتخلي الأوروبيين تماما عن الوقود الروسي
خالد الشافعي: خطوة جديدة لتخلي الأوروبيين تماما عن الوقود الروسي

ويهدف هذا المشروع إلى الربط بين مصر وقبرص واليونان عبر كابل بحري بقدرة اثنين غيغاواط، ومن المنتظر توقيع الاتفاقيات مع الشركة الاستشارية الفائزة في النصف الثاني من العام الجاري.

ويعزز موقف القاهرة القوي في الربط الكهربائي مع دول مختلفة خطة تدشين خط للربط الكهربائي مع اليونان باستثمارات تبلغ نحو 3.5 مليار يورو بقدرة 3 غيغاواط، ومن المستهدف أن ينقل فقط الطاقة المتجددة المنتجة في مصر.

ويمتد الخط لما يقرب من 1500 كيلومتر من وادي النطرون في غرب القاهرة مباشرة عبر البحر المتوسط إلى بر اليونان.

وتتعاون كل من شركتي أدمي المشغلة لشبكة الكهرباء اليونانية والشركة المصرية لنقل الكهرباء في التصميم الفني للمشروع، بينما تقدمت شركة الطاقة المتجددة إليكا بطلب للاتحاد الأوروبي للحصول على التمويل اللازم.

وأشار الشافعي إلى أن أوروبا خططت الفترة الماضية وشرعت في التنفيذ وتم تبادل الزيارات الرسمية مع إسرائيل من جانب دول مثل إيطاليا وهيئات مهمة في القارة مثل المفوضية الأوروبية.

لكنه أكد أن هذه المساعي يصعب تحقيقها إلا بالتعاون الإقليمي، لأن هذا الربط يتطلب علاقات وثيقة لتطبيقه وتحقيق المصالح المشتركة.

ووقعت شركة إنفينيتي باور للطاقة المتجددة في مايو الماضي مذكرة تفاهم مع شركة كوبلوزوس اليونانية المتخصصة في البنية التحتية لدراسة إمكانية تطوير عدد من مشاريع الطاقة المتجددة بمصر لصالح الربط الكهربائي المخطط له.

ويعضد موقف مصر لاعتماد إسرائيل عليها في هذا المجال خط الربط الكهربائي بين اليونان وأفريقيا “جاب” بقدرة اثنين غيغاواط، ويمر في البحر المتوسط بين مرسى مطروح وجزيرة كريت، وهو ما تريد تل أبيب تنفيذ خط شبيه له.

وكانت شركة ماكديرموت الأميركية قد أبرمت في فبراير الماضي مذكرة تفاهم مع شركة يونيس إنيرجي غروب اليونانية للعمل على تنفيذ المشروع المتوقع تشغيله سنة 2030.

11