إسرائيل تركز أنظارها على الضفة الغربية بعد الانتهاء من غزة ولبنان

الجيش الإسرائيلي يطلق عملية "الجدار الحديدي" للقضاء على جيوب الفصائل في جنين.
الأربعاء 2025/01/22
الأسوأ لم يأت بعد

تواجه الضفة الغربية في الأراضي الفلسطينية، ولاسيما جنين، أياما صعبة بعد أن أطلق الجيش الإسرائيلي عملية جديدة في المدينة تحت مسمى "الجدار الحديدي"، وسط ترجيحات تشير إلى أنها لن تكون كسابقاتها.

جنين (الأراضي الفلسطينية) - أطلق الجيش الإسرائيلي الثلاثاء عملية في مخيم جنين، في خطوة تستهدف القضاء على جيوب الفصائل الفلسطينية وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، بعد تحقق أهدافه في قطاع غزة ولبنان.

وتأتي العملية التي حملت اسم “الجدار الحديدي” بعد فشل أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في استعادة السيطرة على المخيم. ويخشى سكان المخيم مصيرا مشابها لغزة، حيث أن جميع المؤشرات توحي بأن العملية لن تكون كسابقاتها وأن الجيش الإسرائيلي سيمضي هذه المرة إلى النهاية في القضاء على المقاتلين داخل جنين.

وتتزامن العملية مع سريان اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، بعد حرب استمرت خمسة عشر شهرا بين حركة حماس وإسرائيل وأدت إلى مقتل الآلاف وإلحاق دمار هائل بالقطاع وأعادته عقودا إلى الوراء.

كما تأتي عملية جنين في أعقاب تسلم دونالد ترامب “الصديق الوفي” لإسرائيل مهامه في البيت الأبيض، وكان من أولى القرارات التي اتخذها الرئيس العائد إلغاء العقوبات التي فرضتها إدارة سلفه جو بايدن على جماعات وأفراد من المستوطنين الإسرائيليين لاتهامهم بالضلوع في أعمال عنف ضد فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

بتسلئيل سموتريتش: اليوم بدأنا بتغيير مفهوم الأمن في الضفة الغربية
بتسلئيل سموتريتش: اليوم بدأنا بتغيير مفهوم الأمن في الضفة الغربية

ويرى متابعون أن عملية جنين هي في الواقع استمرار للحرب التي بدأتها إسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023، عقب هجوم حماس، وهي المرحلة الثالثة بعد تحقق جزء من الأهداف المعلنة في غزة ولبنان.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء أن إطلاق العملية العسكرية في مخيم جنين جاء بقرار من مجلس الوزراء السياسي والأمني “الكابينت”.

وقال نتنياهو إنه “بتوجيه من الكابينت أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) وشرطة إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمة للقضاء على الإرهاب في جنين.”

وأضاف أن العملية تحمل اسم “السور الحديدي”، قائلا إن “هذه خطوة أخرى نحو تحقيق الهدف الذي حددناه وهو تعزيز الأمن في الضفة الغربية.”

وتابع نتنياهو “نتحرك بشكل منهجي وحازم ضد المحور الإيراني أينما يرسل أسلحته، في غزة ولبنان وسوريا واليمن والضفة الغربية، ومازلنا مستمرين.”

من جهته قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش “بعد غزة ولبنان بدأنا اليوم بتغيير مفهوم الأمن في الضفة الغربية أيضا.” وكشف أن “هذا جزء من أهداف الحرب التي أضيفت بناء على طلب (حزب) الصهيونية الدينية إلى الكابينت، الجمعة.”

وقال سموتريتش إن عملية “السور الحديدي ستكون حملة قوية ومتواصلة ضد عناصر الإرهاب ومرتكبيه، لحماية المستوطنات والمستوطنين، ولأمن إسرائيل بكاملها، والتي تشكل المستوطنات حزامها الأمني.”

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الثلاثاء عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 35 آخرين برصاص وقصف إسرائيلي على جنين.

وأفاد محافظ مدينة جنين كمال أبوالرب بأن “الجيش الإسرائيلي يقوم بعملية اجتياح لمدينة جنين والمخيم، وهناك طائرات وآليات عسكرية إسرائيلية في كل مكان والناس لا يعرفون إلى أين يذهبون.”

◙ عملية جنين هي في الواقع استمرار للحرب التي بدأتها إسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023، عقب هجوم حماس

وأضاف أبوالرب “هناك شهداء وجرحى نتيجة إطلاق الرصاص من طائرات أباتشي وقناصة.”

وانسحبت قوات الأمن الفلسطينية من المواقع التي تمركزت فيها حول المخيم خلال العملية التي بدأتها في ديسمبر بهدف ملاحقة ما تصفهم بـ”خارجين عن القانون”. وأفاد شهود بسماع أصوات انفجارات وإطلاق نار داخل المخيم.

وقال الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية أنور رجب في بيان “أقدمت قوات الاحتلال الثلاثاء على اقتحام مدينة ومخيم جنين وقامت خلال عملية الاقتحام بإطلاق النار على المواطنين وقوى الأمن.”

وأشار رجب إلى إصابة عدد من أفراد قوى الأمن الفلسطيني، من بينهم من أصيب إصابة خطيرة. وذكر شهود عيان أن قوات إسرائيلية خاصة اقتحمت عدة أحياء في المخيم الملاصق لمدينة جنين من جهتها الغربية. وقال الشهود إن طائرات مسيرة إسرائيلية قصفت مرتين موقعا في المخيم، دون معرفة طبيعة الهدف، ولفتوا إلى تحليق مروحيات في سماء المخيم.

وبين الشهود أن الجيش الإسرائيلي أغلق كافة مداخل مدينة جنين. وتناقل الفلسطينيون مقاطع مصورة لتعزيزات عسكرية برفقة جرافات مجنزرة وأخرى مدولبة اقتحمت المدينة ومحيط مخيمها. كما أظهرت مقاطع أخرى وقوع إصابات في صفوف الفلسطينيين.

ودعت حركة حماس الثلاثاء إلى “النفير العام وإسناد المقاومين” في التصدي للحملة العسكرية في مدينة جنين ومخيمها. وقالت حماس إن “العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال في جنين ستفشل كما فشلت كل عملياته العسكرية السابقة ضد أبناء شعبنا الصامد ومقاومته الباسلة، ولن تنكسر الإرادة الفلسطينية أمام غطرسة المحتل وجرائمه وانتهاكاته المستمرة.”

Thumbnail

واستبق عملية جنين إقدام مستوطنين على مهاجمة ممتلكات الفلسطينيين في شمال الضفة، ولاسيما المنازل والمحال الواقعة على الشارع العام الذي يربط بين مدينتي نابلس وقلقيلية، ويسلكه المستوطنون، فيما توجد في المنطقة نقاط عسكرية إسرائيلية بشكل شبه دائم.

وقال الشاب أحمد بشير (33 عاما) “نحو 40 مستوطنا هاجموا المنزل، كانت بداخله والدتي وطفل صغير فقط، حاولوا حرقه ولولا لطف الله ومن ثم مساندة الناس لحدثت كارثة.”

وأشار إلى شاحنة امتلكها حديثا، قائلا “في البداية أحرقوا الشاحنة ومولدا كهربائيا، وفي بيت الجيران أحرقوا مركبة، ثم رشقوا المنزل بالحجارة وكسرت النوافذ، وحاولوا حرقه.” وتابع “الجيش (الإسرائيلي) كان في الموقع، لم يفعل شيئا للمستوطنين، على العكس، منع السكان من التصدي لهم وأطلق الرصاص.”

وإلى جوار منزل بشير أحرق المستوطنون متجرين أحدهما للشاب أحمد عثمان (39 عاما)، وهو عبارة عن مشغل لصناعة القوارير والفخار ومجالس خشبية للحدائق.

وقال أحمد “لم يتبق من المتجر شيء إلا أحرق ودُمّر، لم تتمكن طواقم الدفاع المدني الفلسطيني من الوصول إلى الموقع في الوقت المناسب جراء الهجوم.” وأضاف “حاولنا قدر الإمكان وقف تمدد النيران لكن الخسائر كبيرة للغاية، لا يريدون لنا العيش هنا ولا كسب قوت عائلاتنا.”

ويتخوف سكان الضفة الغربية من أن الأسوأ لم يأت بعد لاسيما في ظل وجود إدارة أميركية لا تخفي دعمها المطلق لإسرائيل، ولكل ما تقوم به في الضفة الغربية، وهو ما يظهر في رفعها العقوبات على المستوطنين.

وبحسب معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية)، نفذ مستوطنون خلال عام 2024، 2971 انتهاكا بالضفة الغربية أدت إلى مقتل 10 فلسطينيين وإتلاف أكثر من 14 ألف شجرة.

2