إسرائيل ترفض رسميا الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية

رئيس الوزراء الإسرائيلي يرد على تقارير عبرية أفادت بأنه يدرس قبول الاعتراف الأميركي من جانب واحد بدولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية.
الأحد 2024/02/18
نتنياهو يرفض أي أملاءات خارجية للتسوية مع الفلسطينين

القدس - وافقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع، الأحد، على قرار بعدم الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية، كان طرحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية "وافقت الحكومة بغالبية الأصوات على القرار الذي طرحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والذي يقضي برفض الإملاءات الدولية بشأن تسوية دائمة مع الفلسطينيين، وكذلك مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية".

وأوضحت الصحيفة أن القرار جاء على خلفية "ضغوط متزايدة من المجتمع الدولي"، لإقامة دولة فلسطينية.

وينصّ القرار الذي طرحه نتنياهو على الحكومة خلال جلستها الأسبوعية، للتصويت على أن إسرائيل "ترفض جملة وتفصيلا الإملاءات الدولية فيما يتعلق بالتسوية الدائمة مع الفلسطينيين".

ويؤكد القرار أنه "لن يتم التوصل إلى مثل هذا الترتيب إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، دون شروط مسبقة". ويضيف "ستواصل إسرائيل معارضتها الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية".

واعتبر القرار أن "مثل هذا الاعتراف بعد مذبحة 7 أكتوبر سيعطي مكافأة كبيرة ’للإرهاب’ مكافأة لا مثيل لها، وسيمنع أي تسوية سلمية في المستقبل"، وفق ما ورد في متنه.

وبحسب "يسرائيل هيوم"، تم إدخال تعديل على القرار قبل التصويت عليه من قبل الحكومة.

وقبل صدور القرار الرسمي، قال نتنياهو الأحد إن الحكومة ستصوت على "قرار توضيحي" يتعلق بمعارضة إسرائيل لأي إعلان لدولة فلسطينية من جانب واحد، في رد على تقارير عبرية رجحت أنه سيقبل الاعتراف الأميركي أحادي الجانب بدولة فلسطينية مقابل التطبيع مع عدد من الدول في المنطقة.

وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء إن هذه الخطوة تأتي بعد "أحدث ما تردد في المجتمع الدولي عن محاولة فرض دولة فلسطينية على إسرائيل من جانب واحد".

وأضاف أن البيان الرسمي سيعكس أن "إسرائيل ترفض الإملاءات الدولية الصريحة فيما يتعلق بتسوية دائمة مع الفلسطينيين. ولا يمكن التوصل إلى مثل هذا الترتيب إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، دون شروط مسبقة".

يأتي ذلك بعدما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية من بينها صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، نقلاً عن مصدر سياسي لم تسمّه، بأنّ نتنياهو يدرس قبول الاعتراف الأميركي أحادي الجانب بدولة فلسطينية، على أن يقود ذلك إلى تقدّم في مساعي التطبيع بين إسرائيل والسعودية.

وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن مصدرها الذي وصفته بالمطّلع على التفاصيل، أنه "بناءً على المقترح، فإن الأميركيين سيعترفون من جانب واحد بدولة فلسطينية، فيما تبدي إسرائيل معارضتها وتوضّح أن اتفاقاً دائماً يشمل دولة فلسطينية، سيناقش فقط في مفاوضات مباشرة".

وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الخميس الماضي، بأنّ الإدارة الأميركية تعمل على إعداد خطة شاملة تتضمن قيام دولة فلسطينية لتحقيق "سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين" تبدأ بإعلان وقف إطلاق النار في غزة لمدة ستة أسابيع وتبادل للأسرى.

وفي وقت سابق من مساء السبت، كتب وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، عبر حسابه على منصة إكس "إذا ما كان عليَّ الاختيار بين إقامة دولة فلسطينية، وتوسيع اتفاقيات السلام، فسوف أتخلى عن توسيع اتفاقيات السلام". وأضاف "يجب أن نضمن أمن إسرائيل أولا وقبل كل شيء".

وأضاف "رأيت قادة دول ينصحوننا الآن بإقامة دولة فلسطينية.. لكني لم أر أي دولة منها توافق على استيعاب لاجئين فلسطينيين"، وتابع "لن تكون هناك دولة فلسطينية".

وتأتي هذه التصريحات بعد توالي الدعوات من الولايات المتحدة ودول غربية من أجل العمل على حل الدولتين، فقد قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت إن أمام إسرائيل "فرصة استثنائية" في الأشهر المقبلة لتطبيع العلاقات مع جيرانها العرب، مؤكدا أيضا ضرورة إقامة دولة فلسطينية.

وأشار بلينكن إلى وجود جهود حقيقية تقودها دول عربية لتعزيز السلطة الفلسطينية حتى تكون أكثر فعالية في تمثيل الفلسطينيين.

وقال بلينكن خلال حلقة نقاشية بمؤتمر ميونخ للأمن "كل الدول العربية تقريبا تريد الآن بصدق دمج إسرائيل في المنطقة لتطبيع العلاقات.. وتقديم التزامات وضمانات أمنية حتى تشعر إسرائيل بالمزيد من الأمان".

وأضاف "أعتقد كذلك بوجود ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى للمضي قدما نحو إقامة دولة فلسطينية تضمن أيضا أمن إسرائيل".

وتعمل إدارة بايدن على إبرام صفقة ضخمة من شأنها أن تشهد تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. وتسعى المملكة ودول عربية أخرى إلى إقامة دولة فلسطينية في إطار هذه الصفقة.

وإلى جانب الولايات المتحدة، أعلنت دول أوروبية أنها تفكر في الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة في خطوة استباقية من شأنها التمهيد لتطبيق حل الدولتين. بيد أن ذلك قوبل برفض من أعلى المستويات السياسية في إسرائيل.

ففي تصريحات سابقة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي رفضه قيام دولة فلسطينية، وقال إن إسرائيل لن تتخلى عن سيطرتها الأمنية الكاملة على الضفة الغربية.

وبدوره قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنه لن يوافق بأي حال من الأحوال على حل الدولتين، واعتبر أن الدولة الفلسطينية "تشكل تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل كما ثبت في السابع من أكتوبر"، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى.

من جهته، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن العالم يريد أن يمنح الفلسطينيين دولة وإن هذا لن يحدث، فيما أكد وزير الشتات عميحاي شيكلي أن على إسرائيل أن تقاوم الخطة الأميركية وأن تهدد بخطوات أحادية كإلغاء اتفاقية أوسلو.

وقبل أن تشن إسرائيل الحرب على غزة في 7 أكتوبر، كانت السعودية تجري مفاوضات بشأن تطبيع محتمل للعلاقات مع إسرائيل، بوساطة الولايات المتحدة، إلا أن محللين اعتبروا أن الحرب أرجأت المفاوضات بين الطرفين.

وعقب جولته الأخيرة مطلع فبراير الجاري قادته إلى الشرق الأوسط، أكد بلينكن ربط السعودية موقفها من التقدم في ملف اتفاق سلام مع إسرائيل بوقف إطلاق نار شامل ودائم مع غزة، وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان جلسة نقاشية بمؤتمر ميونخ للأمن السبت، إن "الحل الوحيد والمسار الآمن في المنطقة هو التزام أميركا وإسرائيل بحل الدولتين".

وأكد أن "أفعال إسرائيل أججت مشاعر المسلمين والعرب والصور التي نراها من غزة ستواجه عواقبها إسرائيل على نواح عدة"" وتابع "ليس لدينا علاقة مع إسرائيل، وأولويتنا معالجة الوضع الإنساني في غزة".

وعاد وزير الخارجية السعودي، مؤكدا أن "أولويتنا هي الأزمة الكارثية في غزة واستقلال دولة فلسطين قبل التطبيع مع إسرائيل"، وفق "الإخبارية".

وأكد أن "أساس التطبيع مع إسرائيل هو الاعتماد على مبادرة السلام العربية".

و"مبادرة السلام العربية"، التي تُعرف أيضا بـ"المبادرة السعودية"، هي مقترح اعتمدته جامعة الدول العربية في قمتها التي عقدتها في بيروت عام 2002.

وتنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل، وتطبيع العلاقات معها.

ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".