إسرائيل ترد على مجزرة مجدل شمس بقصف أهداف لحزب الله

القدس - أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأحد أن طائراته نفذت هجمات على حزب الله في لبنان خلال الليل، بعد مقتل 12 شخصا بينهم أطفال في هجوم صاروخي قال إن الجماعة اللبنانية شنته على ملعب لكرة القدم بقرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل.
وأضاف الجيش في بيان "شن جيش الدفاع خلال ساعات الليلة الماضية غارات على سلسلة أهداف لحزب الله في أنحاء لبنان ومن بين الأهداف التي تم استهدافها في عمق وجنوب لبنان مخازن أسلحة وبنى إرهابية في مناطق الشبريحا وبرج الشمالي والبقاع وكفركلا ورب ثلاثين والخيام وطير حرفا".
وقتل 12 شخصا على الأقل من بينهم أطفال في قصف صاروخي على الجولان، السبت، حيث اتهمت إسرائيل جماعة حزب الله اللبنانية بالمسؤولية عن الضربة وتوعدت بأنها ستدفع "ثمنا باهظا" جراء ذلك الهجوم.
ونفى حزب الله مسؤوليته عن الهجوم الذي أوقع أكبر عدد من القتلى سواء في إسرائيل أو في الأراضي التي ضمتها إليها منذ بدء الصراع في غزة.
وأدى الهجوم إلى تصاعد حدة التوتر في الصراع الذي يدور بالتوازي مع الحرب في غزة، كما أثار المخاوف من اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.
وسقط الصاروخ على ملعب لكرة القدم في قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967 وضمتها إليها لاحقا في خطوة لم تعترف بها معظم الدول.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي مع زعيم الطائفة الدرزية وفقا لبيان صادر عن مكتبه إن "حزب الله سيدفع ثمنا باهظا.. ثمنا لم يدفع مثله حتى الآن".
وقال حزب الله في بيان مكتوب "تنفي المقاومة الإسلامية في لبنان نفيا قاطعا الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل إعلام العدو ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس، وتؤكد أن لا علاقة للمقاومة الإسلامية بالحادث على الإطلاق، وتنفي نفيا قاطعا كل الادعاءات الكاذبة بهذا الخصوص".
وكان حزب الله قد أعلن في وقت سابق مسؤوليته عن عدة هجمات صاروخية استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية في أماكن أخرى.
وقالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية إن 13 آخرين أصيبوا جراء الصاروخ الذي سقط على ملعب كرة القدم الذي كان مكتظا في ذلك الوقت بالأطفال والشباب.
وقال شاهد يدعى مرهف أبوصالح "كانوا يلعبون كرة القدم وسمعوا صفارات الإنذار فركضوا إلى الملاجئ.. قد يستغرق الأمر منهم 15 ثانية (للوصول إلى الملجأ) لكنهم لم يتمكنوا من الوصول لأن الصاروخ سقط في المنطقة الواقعة بين الملعب والملجأ".
وأظهرت لقطات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة سقوط الصاروخ. وأمكن سماع صفارات الإنذار التي تطلق للتحذير من الهجمات الجوية ثم أعقب ذلك وقوع انفجار كبير وصور لدخان يتصاعد. وتمكنت رويترز من التحقق بشكل مستقل من الموقع من خلال المباني وتخطيط الطرق التي تطابق صور الأقمار الصناعية للمنطقة.
وقال عيدان أفشالوم المسعف في خدمة نجمة داود الحمراء للإسعاف "شهدنا دمارا كبيرا عندما وصلنا إلى ملعب كرة القدم، بالإضافة إلى أشياء اشتعلت فيها النيران. كان هناك قتلى ومصابون على العشب وكان المشهد مروعا".
وقالت شاهدة لرويترز طلبت عدم ذكر اسمها "سقط الصاروخ في ملعب كرة القدم، كلهم أطفال... لا يزال هناك الكثير من الجثث والأشلاء في الملعب ولا نعرف من هم".
وقال نتنياهو الذي من المقرر أن يعود بالفعل من الولايات المتحدة إلى إسرائيل خلال ساعات إن طائرته ستقلع قبل الوقت المحدد لها وسيعقد اجتماعا مع مجلس الوزراء الأمني المصغر فور وصوله.
وأدانت الولايات المتحدة، التي تقود جهودا دبلوماسية لتهدئة الصراع عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، الهجوم ووصفته بأنه "مروع". وقالت إن دعمها لأمن إسرائيل "قوي ولا يتزعزع ضد جميع الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض في بيان إن الولايات المتحدة "ستواصل دعم الجهود الرامية إلى إنهاء هذه الهجمات الرهيبة على امتداد الخط الأزرق وهو ما يجب أن يكون على رأس الأولويات". ويشير الخط الأزرق إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وأدانت موسكو الهجمات في مرتفعات الجولان. ونقلت وكالة تاس للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله اليوم الأحد "ندين كل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها أي جهة". وموسكو تربطها علاقات بمعظم الأطراف الرئيسية في الشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل وإيران والسلطة الفلسطينية وحماس.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن إطلاق الصاروخ تم من منطقة تقع شمالي قرية شبعا في جنوب لبنان.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاغاري في تصريحات للصحافيين في مجدل شمس إن الأدلة الجنائية أظهرت أن الصاروخ إيراني الصنع من طراز فلق-1.
وكان حزب الله قد أعلن في وقت سابق عن إطلاق صاروخ فلق-1 قائلا إنه استهدف مقرا عسكريا إسرائيليا.
وقال هاغاري أيضا في بيان بثه التلفزيون إنه لا يوجد في الوقت الراهن أي تغيير في تعليمات قيادة الجبهة الداخلية، مما يشير إلى أن الجيش لا يتوقع تصعيدا وشيكا في جميع أنحاء إسرائيل.
وطالب بتسلئيل سموتريتش وزير المالية المنتمي لليمين المتطرف باتخاذ رد فعل قاس يشمل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
وكتب سموتريتش على منصة إكس "بسبب موت الأطفال، يجب أن يكون الثمن هو رأس نصرالله. على لبنان كله أن يدفع الثمن... يتعين على رئيس الوزراء العودة فورا. هذا هو وقت التحرك".
وأجبر الصراع على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية عشرات الآلاف في كل من لبنان وإسرائيل على مغادرة منازلهم. وأدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل نحو 350 من مقاتلي حزب الله في لبنان وأكثر من 100 مدني منهم مسعفون وأطفال وصحفيون.
وأكد الجيش الإسرائيلي بعد هجوم السبت أن عدد القتلى بين المدنيين الذين فقدوا أرواحهم في هجمات حزب الله ارتفع إلى 23 منذ أكتوبر بالإضافة إلى 17 جنديا على الأقل.
وقال أندريا تيننتي المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لرويترز إن قائد القوة على اتصال بالسلطات في كل من لبنان وإسرائيل "لفهم تفاصيل واقعة مجدل شمس والحفاظ على التهدئة".
وقال دبلوماسي كبير ركز على لبنان إنه يتعين بذل كل الجهود للحيلولة دون اندلاع حرب شاملة.
وحزب الله هو أقوى جماعة متحالفة مع إيران في الشرق الأوسط، ويشتبك مع إسرائيل لدعم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ هجوم السابع من أكتوبر.
وأطلقت جماعات عراقية وجماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران هجمات على إسرائيل. كما تشن حماس هجمات صاروخية على إسرائيل من لبنان، وهو الشيء ذاته الذي تفعله الجماعة الإسلامية السنية اللبنانية منذ أكتوبر.
وكانت هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل جزءا من سوريا حتى عام 1967 عندما استولت إسرائيل على معظم أرجائها ثم ضمتها إليها في عام 1981. ولم تعترف معظم الدول بهذه الخطوة التي أعلنتها إسرائيل من جانب واحد، وتطالب سوريا باستعادة هذه الأراضي.
ويعيش أكثر من 40 ألفا في الجولان، ما يربو عن نصفهم من الدروز، وهم أقلية عربية.
وجاء الهجوم على ملعب كرة القدم في أعقاب ضربة إسرائيلية على لبنان أدت إلى مقتل أربعة مسلحين السبت.
وقال مصدران أمنيان في لبنان إن المقاتلين الأربعة الذين سقطوا قتلى في الهجوم الإسرائيلي على بلدة كفركلا بجنوب البلاد أعضاء في جماعات مسلحة مختلفة وإن واحدا منهم على الأقل ينتمي إلى حزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته استهدفت منشأة عسكرية تابعة لحزب الله بعد رصد خلية مسلحة تدخل المبنى.
وأضاف الجيش أن ما لا يقل عن 30 صاروخا أطلقت بعد ذلك من لبنان عبر الحدود.
وأعلنت الجماعة في وقت سابق مسؤوليتها عن شن أربع هجمات على الأقل، بعضها بصواريخ كاتيوشا، ردا على الهجوم على بلدة كفركلا.