إسرائيل ترتكب مجزرة بمخيم النازحين في رفح وسط إدانات عربية

الجيش الإسرائيلي يغتال ياسين ربيع رئيس حماس في الضفة الغربية وقياديا آخر متعهدا بفتح تحقيق في مقتل أربعين شخصا في الضربة.
الاثنين 2024/05/27
النيران تشتعل في الخيام جراء الغارة الإسرائيلية

رفح (الأراضي الفلسطينية) - قتل أربعون شخصا على الأقل وجرح العشرات، وفق الدفاع المدني في قطاع غزة، في ضربة إسرائيلية الليلة الماضية على مركز للنازحين في مدينة رفح وصفتها حركة حماس والسلطة الفلسطينية بـ"المجزرة"، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مجمّعا لحماس وقتل قياديين من الحركة، متعهدا بفتح تحقيق في الضربة.

وفي شريط مصوّر نشره الهلال الأحمر الفلسطيني، يمكن رؤية سيارات إسعاف تهرع الى المكان الذي تعرّض للقصف، والذي كانت ترتفع منه ألسنة الحريق، وينقلون مصابين بينهم أطفال.

وأعلن الدفاع المدني في قطاع غزة الاثنين ارتفاع عدد القتلى في الضربة الإسرائيلية الى أربعين، وأفاد في وقت سابق أن مئة ألف شخص نزحوا الى هذه المنطقة.

وكانت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس تحدثت الليلة الماضية عن 35 قتيلا وعشرات المصابين في غارات إسرائيلية استهدفت مركزا للنازحين في حي تل السلطان في شمال غرب رفح، "معظمهم من الأطفال والنساء".

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية إنّ 15 قتيلاً نُقلوا إلى منشأة تديرها.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن أحد مستشفياتها الميدانية في رفح استقبل "تدفقا من الجرحى الذين يبحثون عن علاج من إصابات وحروق"، مضيفة أن "فرقنا تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الأرواح".

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة "ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروّعة من خلال قصف مُركّز ومقصود لمركز نزوح".

وقال الجيش الإسرائيلي من جهته إنه قتل في القصف قياديين في حماس، لافتاً إلى أنّه على علم بتقارير تفيد بتضرّر مدنيين.

وجاء في بيان للجيش "قبل فترة قصيرة قصفت طائرة مجمّعا لحماس في رفح"، ما أسفر عن مقتل ياسين ربيع وخالد النجار، المسؤولين عن أنشطة حماس في الضفة الغربية، بما في ذلك التخطيط لشنّ هجمات وتحويل أموال. وأشار الى أن النجار كان يدير أيضا أموالا مخصّصة لعمليات الحركة في غزة.

وأضاف أنّ "الضربة نفّذت ضدّ أهداف مشروعة بموجب القانون الدولي، من خلال استخدام ذخائر محدّدة وعلى أساس معلومات استخبارية دقيقة تشير إلى استخدام حماس للمنطقة".

وتابع أنه "على علم بالتقارير التي تشير إلى تضرّر عدد من المدنيين في المنطقة نتيجة للغارة والحريق الذي شبّ في المنطقة"، وأن "الحادثة قيد المراجعة".

ولاحقا، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الاثنين إن نتائج أولية لتحقيق يجرى في سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة تفيد بأن غارة جوية استهدفت قيادات من حماس تسببت في اندلاع حريق قتل مدنيين في رفح.

وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان إن "ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي لهذه المجزرة البشعة هو تحدّ لجميع قرارات الشرعية الدولية"، متهمة القوات الإسرائيلية بـ"استهداف... خيام النازحين في رفح بشكل متعمد".

ودعت حماس الفلسطينيين إلى "الانتفاض والخروج بمسيرات غاضبة" ضد "المجزرة" التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي.

وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، الاثنين، إن التقارير الواردة عن شن هجمات على عائلات تسعى لملاذ في رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة "مروعة".

وأضافت "هناك تقارير عن سقوط عدد كبير من الضحايا منهم أطفال ونساء، بين القتلى. غزة جحيم على الأرض. والصور التي التقطت الليلة الماضية هي شهادة أخرى على ذلك".

ودانت مصر الاثنين "بأشدّ العبارات" القصف الاسرائيلي لمخيم للنازحين في رفح، واصفة إياه بـ"المتعمد"، واعتبرته "انتهاكا جديدا وصارخا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب".

وأمرت المحكمة الجنائية الدولية الجمعة إسرائيل "بوقف فوري" لعملياتها في رفح.

ودان الأردن بشدة استمرار إسرائيل بإرتكاب "جرائم الحرب البشعة" في غزة، واعتبرت وزارة الخارجية الأردنية في بيان أن ما حصل "تحد صارخ لقرارات محكمة العدل الدولية وانتهاك جسيم للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

وأعربت قطر عن قلقها الاثنين من أن "يعيق" القصف الإسرائيلي على مخيم للنازحين في رفح في جنوب غزة، محادثات التوصل إلى اتفاق هدنة.

كما أدانت السعودية واستنكرت الغارة "بأشد العبارات". وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن المملكة "تهيب المجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري لوقف" ما وصفته بـ "المجازر" الإسرائيلية.

وبدورها، عبّرت الكويت في بيان لوزارة الخارجية عن "استنكارها وإدانتها للعدوان الإسرائيلي الجديد على خيام النازحين في مدينة رفح بقطاع غزة".

وطالبت بـ "تدخل فوري وحازم من المجتمع الدولي لإلزام تلك القوات بالانصياع لكافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرار محكمة العدل الدولية الواضح والصريح بضرورة وقف استهداف مدينة رفح، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني".

واستنكر البرلمان العربي في بيان نشرته عبر صفحته على فيسبوك "المجزرة البشعة التي قام بها كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين في مخيمات النازحين برفح"، مؤكدا أن "كيان الاحتلال تجاوز كل القوانين والأعراف والقرارات الدولية والشرعية التي تدعو إلى وقف فوري للعدوان ووقف الهجوم العسكري على مدينة رفح، في تحد سافر وانتهاك صارخ لكل القرارات وآخرها تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية، التي دعت فيها لوقف الهجوم العسكري على مدينة رفح".

ودوليا، دعت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر إلى "إيقاف جرائم الحرب هذه تماما". وأوضحت في منشور على منصة "إكس"، الاثنين، أنها "أصيبت بالرعب" بقصف إسرائيل لمخيم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في رفح.

وأكدت أن الهجمات الإسرائيلية تتعارض مع القانون الدولي، وقالت "إن قتل المدنيين والأطفال عشوائيا مخالف للقانون الدولي وينتهك قرار محكمة العدل الدولية بوقف اجتياح رفح بصورة خطيرة".

وتعرّضت مناطق مختلفة من رفح ليل الأحد لغارات جوية، وفق شهود.

وجاءت الغارات الليلية على رفح بعدما دوّت صفارات الإنذار في تل أبيب وفي وسط البلاد. وقال الجيش الإسرائيلي إن ثمانية صواريخ على الأقل أطلقت في اتجاه تل أبيب من رفح، موضحا أن "الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت عددا" منها.

وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إطلاق "رشقة صاروخية كبيرة" في اتجاه تل أبيب.

وقال الجيش إن القوات الجوية الإسرائيلية قصفت بعيد ذلك "قاذفة الصواريخ التي كانت موجودة قرب مسجدين في منطقة رفح".

واستهدفت غارات جوية وقصف مدفعي خلال الساعات الماضية أيضا شمال القطاع ووسطه، وفق شهود ومصادر حماس.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد أنه "يعارض بشدة" إنهاء الحرب المتواصلة منذ أكثر من سبعة أشهر في قطاع غزة.

جاء ذلك خلال اجتماع مع أعضاء حكومة الحرب الإسرائيلية للبحث في الجهود دبلوماسية المبذولة للتوصل إلى هدنة.

وتطالب حركة حماس بوقف إطلاق نار دائم للموافقة على الإفراج عن الرهائن المحتجزين لديها، بينما تريد إسرائيل مجرد هدنة للإفراج عن الرهائن، لكن تؤكد أنها ستمضي في الحرب الى حين "القضاء" على حماس.

وبدأت الحرب بعد هجوم غير مسبوق لحماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر تسبب بمقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب بيانات إسرائيلية رسمية.

واحتُجز خلال الهجوم 252 شخصا رهائن ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في نوفمبر سمحت بالإفراج عن نحو مئة منهم، لا يزال 121 رهينة في القطاع، بينهم 37 توفوا، بحسب الجيش.

وخلّف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ردا على حماس عن 36050 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد مقتل أحد عناصره ليرتفع إلى 288 عدد جنوده الذين قتلوا منذ إطلاقه العمليات البرية في غزة في 27 أكتوبر.

وتتواصل الجهود الدولية لإرساء هدنة بين إسرائيل وحماس.

واتهم نتنياهو الأحد قبيل انعقاد اجتماع حكومة الحرب، زعيم حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بـ"الاستمرار في المطالبة بإنهاء الحرب، وانسحاب قوات الدفاع الإسرائيلية من قطاع غزة وترك حماس سليمة، حتى تتمكن من تكرار فظائع 7 أكتوبر"، وفق ما أورد مكتبه في بيان أكد فيه أن رئيس الوزراء "يعارض ذلك بشدة".

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية نهاية الأسبوع الماضي بأن رئيس الموساد ديفيد برنيع توصل إلى اتفاق مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حول إطار جديد للمفاوضات خلال لقاء في باريس.

وتواصل مصر جهودها لإعادة تنشيط المفاوضات، بحسب ما نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المقربة من الاستخبارات المصرية، بينما يُتوقع أن يلتقي مسؤولون قطريون وفدا من حماس خلال الأيام المقبلة، حسب موقع "أكسيوس" الأميركي.

وفي إطار الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل لوقف الحرب، يدخل الثلاثاء قرار إسبانيا وإيرلندا والنروج الاعتراف بدولة فلسطين، حيز التنفيذ.

وطلبت وزارة الخارجية الإسرائيلية الاثنين من القنصلية الإسبانية في القدس التوقف عن تقديم خدمات قنصلية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة اعتبارا من الأول من حزيران/يونيو، "كإجراء عقابي".

وأوضحت الوزارة أن القنصلية الإسبانية في القدس "مخوّلة تقديم خدمات قنصلية لسكان المنطقة القنصلية في القدس فقط، وغير مخوّلة تقديم خدمات أو القيام بنشاط قنصلي لسكان المنطقة الخاضعة للسلطة الفلسطينية".

ويجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الاثنين في بروكسل مع نظرائهم من السعودية وقطر ومصر والإمارات والأردن، وكذلك مع الأمين العام للجامعة العربية للبحث في موضوع غزة.