إسرائيل تحرج دول الاعتدال العربي: لا لزيارة عباس ولا لحل الدولتين

رام الله (الضفة الغربية)- راكم رفض إسرائيل دخول عدد من وزراء خارجية ما يسمّى بدول الاعتدال العربي إلى رام الله في الضفة الغربية، العقبات أمام محاولات دعم منظمة التحرير الفلسطينية، ومساندة رئيس السلطة محمود عباس في تجديد دماء سلطته وإصلاح هياكلها الداخلية، وقطع الطريق على تحركات ترمي إلى دفع المجتمع الدولي نحو تأييد خطة حل الدولتين في مؤتمر يعقد بعد أيام في نيويورك.
ويقول خبراء إن تعنت إسرائيل قد يكون حجة عليها أمام المجتمع الدولي، لأن ممثلي الوفد العربي من دول تدعم التسوية السياسية وترفض ممارسات حركة حماس، وتريد حلا سلميا للقضية الفلسطينية يساعد على توفير هدوء واستقرار للجميع.
وندّد الوفد الوزاري العربي، السبت، وكان يعتزم زيارة الضفة الغربية الأحد، بمنع إسرائيل دخوله، مؤكدا أن قرار إسرائيل منع ذهاب الوفد إلى رام الله ولقاء الرئيس عباس والمسؤولين الفلسطينيين “يمثّل خرقا فاضحا لالتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ويعكس غطرسة وعدم اكتراث بالقانون الدولي”.
وكان الرفض الإسرائيلي حاسما، خوفا من أن يتحول الاتجاه الداعم لإعلان دولة فلسطينية إلى كرة ثلج، تتدحرج سريعا وتكبر بما يصعّب السيطرة عليها، في ظل غضب كبير من ممارسات إسرائيل، خاصة الإنسانية، والذي بدأ يعمّ الكثير من الأوساط الدولية، وربما يصطحب معه ممارسات سياسية ضد تصورات تتبناها إسرائيل.
◄ زيارة الوفد العربي تحمل جس نبض لما يمكن أن تقوم به إسرائيل من تصرفات الفترة المقبلة، وهو ما فهمته تل أبيب
ويقول مراقبون إن زيارة الوفد العربي إلى رام االله، كانت تحمل في طياتها جس نبض لما يمكن أن تقوم به إسرائيل من تصرفات الفترة المقبلة، وهو ما فهمته تل أبيب، ولم تترك الأمر للمجاملات الدبلوماسية، وتبنت إجراءات جريئة منبثقة من رؤية اليمين المتطرف الذي يهيمن على الحكومة، ويعتقد رموزه أن إجهاض حلم الدولة الفلسطينية عملية مصيرية لا تحتمل أيّ ليونة مع دول الاعتدال العربي.
ويضيف هؤلاء أن الاجتماع الذي سيعقد في نيويورك خلال الفترة من 17 إلى 20 يونيو الجاري، قد يواجه عقبات سياسية، وتصبح مشاركة الولايات المتحدة فيه فخا لتعطيل تبنّي أيّ قرار يدعم التوجه نحو إعلان دولة فلسطينية، كي لا يكتسب زخما تدريجيا، في غياب أيّ رؤية سياسية مشتركة لواشنطن وتل أبيب.
وقال رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة سمير غطاس إن رفض إسرائيل زيارة مسؤولين عرب، هو محاولة لتوصيل رسالتين، الأولى أن تل أبيب “هي السيد في هذه المنطقة، وليس أيّ طرف آخر، ومن يريد المرور إلى رام الله عليه أن يحصل على إذن استباقي منها فقط، ودون ذلك لن يُسمح له،” والرسالة الثانية، أن إسرائيل تقول للدول التي لا تقيم معها علاقات دبلوماسية إن التطبيع معها أمر حيوي، ولا تنازل عن هذا الخيار، وتريد فرضه بأساليب كثيرة، ولذلك تُمارس استفزازات مستمرة لدفع بعض الأطراف العربية لتسريع هذه الخطوة.
وأضاف لـ”العرب” أن المنع الإسرائيلي للوفد العربي قد يؤثر على قرارات الاجتماع الأممي الذي سيعقد في نيويورك، ويجب أن تستند الأطراف العربية المشاركة في المؤتمر إلى هذا المنع للضغط نحو إيجاد ديناميكية للتوصل إلى حل الدولتين، واستغلال التعنت الإسرائيلي لإثبات السيادة على رام الله وخدمة القضية الفلسطينية.

سمير غطاس: المنع الإسرائيلي للوفد العربي قد يؤثر على قرارات الاجتماع الأممي
وأكد أن مؤتمر نيويورك مخصص للاستماع إلى وجهة نظر الفلسطينيين تجاه واقع الاحتلال، لكن اليمين الإسرائيلي المتطرف بمنعه دخول الوفد العربي أثبت الواقع المخيف على الأرض، مشددا على أهمية تأكد كل أطراف المؤتمر بأنه لا بديل عن رهن أيّ قرار للتطبيع بمستوى استجابة إسرائيل إلى مبدأ حل الدولتين، لتكون هذه رسالة واضحة للولايات المتحدة.
وأعلن وفد من اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية – الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن غزة، تأجيل زيارتهم التي كانت مقررة إلى مدينة رام الله، اليوم الأحد.
وأوضح بيان لوزارة الخارجية الأردنية أن اللجنة قرّرت تأجيل الزيارة في ضوء تعطيل إسرائيل لها بعد رفض دخول الوفد إلى الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل.
وأعضاء الوفد، هم: رئيس اللجنة الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي، وأيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني، وعبداللطيف بن راشد الزياني وزير خارجية البحرين، وبدر عبدالعاطي وزير خارجية مصر، وأحمد أبوالغيط أمين عام جامعة الدول العربية.
وتشكلت اللجنة الوزارية في نوفمبر 2023، وتضم في عضويتها وزراء خارجية الأردن وقطر والسعودية ومصر والبحرين وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وقال مسؤول إسرائيلي، السبت، إن إسرائيل لن تسمح بعقد اجتماع مزمع في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، بعدما ذكرت وسائل إعلام أن وزراء عربا كانوا يعتزمون الحضور، الأحد، ومُنعوا من القدوم، حيث يحتاجون إلى موافقة إسرائيلية للسفر من الأردن إلى الضفة الغربية.
وأكد المسؤول في بيان له “كانت السلطة الفلسطينية التي ما زالت ترفض إدانة مجزرة السابع من أكتوبر، تعتزم أن تستضيف في رام الله، اجتماعا استفزازيا لوزراء خارجية دول عربية وإسلامية، للترويج لإقامة دولة فلسطينية”.
وجاء عزم وزراء الخارجية العرب التوجه إلى رام الله قبل عقد المؤتمر الدولي المقرر بنيويورك، برئاسة مشتركة بين فرنسا والسعودية، لمناقشة قضية إقامة دولة فلسطينية.
وأتى ذلك عقب تصريح مصدر دبلوماسي أن الأمير فيصل بن فرحان يعتزم زيارة الضفة الغربية، في أول زيارة لوزير خارجية سعودي منذ احتلالها عام 1967.
وتوعد وزير الدفاع يسرائيل كاتس ببناء “دولة إسرائيلية يهودية” في الضفة الغربية، وقال في بيان له إن إقامة مستوطنات جديدة هو “رد قاطع على المنظمات الإرهابية التي تحاول إيذاءنا وإضعاف قبضتنا على هذه الأرض،” وهي أيضا رسالة واضحة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأصدقائه، هم “سيعترفون بدولة فلسطينية على الورق، ونحن سنبني الدولة اليهودية الإسرائيلية هنا على الأرض”.