إسرائيل تؤجل المحادثات مع لبنان على وقع تصاعد التوتر مع إيران

بيروت - تبلّغ لبنان رسميا من الجانب الأميركي تأجيل جولة التفاوض المرتقبة هذا الأسبوع مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية، في خطوة جاءت بعد سجالات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وقال مصدر عسكري لبناني إن الوسطاء الأميركيين الذين أبلغوا الجانب اللبناني بالتأجيل حتى إشعار آخر سيجرون اتصالات ثنائية مع الطرفين. وأكد مسؤول إسرائيلي بدوره القرار لكنه رفض الإفصاح عن دوافعه.
ويأتي تأجيل المحادثات التي كانت مقررة الأربعاء بين الجانبين، اللذين هما رسميا في حالة حرب، في وقت تشهد فيه المنطقة توترا متصاعدا على خلفية اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده قبل ثلاثة أيام في عملية اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف خلفها، متوعدة بالرد.
وهناك حالة استنفار إسرائيلية كبيرة على الجبهة الجنوبية الممتدة بين لبنان وسوريا خشية إقدام طهران من خلالها على أي هجوم يستهدفها. وسجل حضور مكثف للطيران الإسرائيلي في أجواء لبنان، فيما بدا استعراض قوة لإيصال رسالة تحذيرية لاسيما لحزب الله اللبناني ذراع طهران القوية في المنطقة، من مغبة الإقدام على أي مغامرة غير محسوبة العواقب.
وأفادت "الوكالة الوطينة للإعلام" اللبنانية الاثنين بأن الطيران الحربي الإسرائيلي حلق فوق مختلف المناطق في لبنان بشكل مكثف.
وذكرت الوكالة أن الطيران الحربي الإسرائيلي حلق فوق أجواء النبطية وصولا إلى إقليم التفاح حيث نفذ غارات وهمية على علو منخفض، وصلت إلى سماء مجرى الليطاني، وقلعة الشقيف، ويحمر، وأرنون، وكفرتبنيت، والدوير، والشرقية وقاعقعية الجسر.
وحسب الوكالة، سجل تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق بيروت وضواحيها، وأجواء صيدا وشرقها وجزين. وهو ما تكرر في مناطق حاصبيا والعرقوب، وصولا إلى مرتفعات جبل الشيخ والجولان "المحتل".
ويقول مراقبون إن قرار تأجيل محادثات لبنان وإسرائيل لا يمكن قراءته بمعزل عن التوتر الجاري في المنطقة بين إيران وإسرائيل، التي تتحسب لأي خطوة قد تقدم عليها طهران، ومن غير الوارد أن تعمد إيران إلى الرد المباشر لأن ذلك من شأنه أن يفتح عليها أبواب جحيم لن يكون بوسعها غلقها، ولكن من غير المستبعد أن تحرك أذرعها المنتشرة في المنطقة ومن بينها حزب الله اللبناني.
ويشكل اغتيال العالم فخري زاده ضربة قاصمة لمشروع إيران النووي، وقال المدير الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يدلين "سيكون من الصعب على طهران إيجاد بديل عنه، بسبب الدور 'المحوري' الذي قام به لتطوير مشروعها".
وبدأت إسرائيل ولبنان المفاوضات في أكتوبر باجتماع وفدين من البلدين في قاعدة للأمم المتحدة في محاولة لحل نزاع بشأن حدودهما البحرية والذي أعاق التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة التي يحتمل أن تكون غنية بالغاز.
وجرت ثلاث جولات من المحادثات بيد أنها لم تحقق أي اختراق في ظل سقف المطالب العالي لكلا الطرفين، وسبق وأن اتهمت إسرائيل لبنان بتغيير مطالبه سبع مرات.
ويقول متابعون إن لبنان عرض خلال تلك الجولات مطالب جديدة تتضمن توسيع المساحة التي سبق واقترح الحصول عليها، الأمر الذي قابلته إسرائيل بإعلاء سقف مطالبها هي الأخرى.
ويرى المتابعون أن تأجيل المحادثات هو في واقع الأمر تجميد لها إلى حين تهيئة الظروف الملائمة لاستئنافها، حيث إن الأوضاع الحالية لا تتيح إمكانية تحقيق أي تطور في هذا الملف الذي يتداخل معه المحلي بالإقليمي.
ويتشكك البعض منذ البداية في مدى جدية تلك المحادثات، في ظل اعتقاد بأن حزب الله اللبناني المدعوم من إيران والمسيطر على سلطة القرار في لبنان، قبل وحلفاءه إجراءها في محاولة لتخفيف ضغوط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وربح الوقت إلى حين وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض.